أكد البابا تواضروس، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أن "المجتمع المصري يرفض الشكل الديني للدولة، وما قام به محمد علي الكبير منذ نحو مائتي عام، كان بناء دولة عصرية مدنية متحضرة، ويجب أن يكون مجتمعنا في هذه الصورة، والخبرات السابقة في بلاد كثيرة بالعالم تجعلنا نجزع تماما من هذا الفكر". وشدد تواضروس، فى حوار مع صحيفة "الجريدة"، على أن "القوات المسلحة هى ضمير الشعب، فهى مثال للجدية والانضباط والالتزام، ولم تتلوَّث بأفكار تطرف أو تمرد، لكن خلال عامي الثورة حدثت حالة من عدم الاستقرار، وجاءت أحداث ماسبيرو مؤلمة، وما كان يجب أن ينزلق الجيش إلى هذه الأمور، لكن العذر أن البلاد كانت في حالة عدم استقرار، وكان جهاز الشرطة في حالة ضعف"، مؤكدا أن للجيش ضميرًا حيًا وقيادة رشيدة، وعندما يحتاج إليهم الشعب لأنهم جزء منه، فلن يتخلوا عنه. وأشار إلى أن الكنيسة مؤسسة روحية، لها دور اجتماعي تخدم المجتمع الذي توجد فيه، والعنف يوجه للكنيسة بصورة عامة في مواقف كثيرة على مر التاريخ، وعلى الدولة حماية كل المؤسسات على أرضها وعلى رأسها المؤسسات الدينية الملتزمة. وأوضح أن تصريحاته عقب أحداث الكاتدرائية جاءت نتيجة للأحداث المؤلمة التى جرت بقصد أو بغير قصد، لأن جهاز الشرطة هو جهاز حماية وهو المسئول الأول عن الأمن الداخلي، وكان عليه أن يدرس الموقف جيدا، ويقدر حالة الغضب الشعبي جراء سقوط شهداء في الخصوص، وأن جنازتهم ستكون فياضة بمشاعر غاضبة للغاية. وجدد البابا تواضروس مطالبته ب"التطبيق الحاسم للقانون، وتقديم اعتذار من قيادات الأمن عن اتهامنا، وتقديم حلول عملية على أرض الواقع"، مشيرا إلى أن "مشروع بناء الكنائس لا يزال متوقفا، فلا تصاريح للبناء منذ ثورة 25 يناير، ونريد إنهاء جميع صور التمييز بين المصريين، لأنه أمر ممقوت ومرفوض، حتى هذه اللحظة لم نر أي إجراء على أرض الواقع، وسرعة التحقيق، وكشف المتورطين ومساعدة أسر الشهداء". وأوضح أن "النار لا تواجه بالنار، فالنار تواجه بالماء، كما أن الغضب والعنف لا يواجهان بغضب وعنف، والكنيسة تسلك كل القنوات الشرعية مع المسئولين الذين يقدمون مشاعر طيبة، لكن المشاعر وحدها لا تكفي". وعن زيارة بعض المسيحيين الى بيت المقدس، قال إن "التطبيع الذي جرى بين مصر وإسرائيل حكومي، ولم يرتق إلى المستوى الشعبي كاملاً، ولذلك لا يصح أن ينفرد جزء من الشعب وهم الأقباط بهذا التطبيع، دون إخوانهم المسلمين، وهناك إجراءات كنسية إزاء هؤلاء تتمثل في حرمانهم من التناول والأسرار المقدسة داخل الكنيسة". وأشار إلى أنه "عُقد فى شهر مارس الماضي مؤتمرا دراسيا عن مشكلات الأسر المسيحية والأحوال الشخصية، وحاليا توجد عدة لجان تدرس منظومة العمل، تعرض عملها على المجمع المقدس وهو أعلى سلطة تشريعية في الكنيسة القبطية، في يونيو المقبل للبحث في حلول فيما يتعلق بالتطليق وبطلان الزواج، ومنذ 30 عاما لم يتم العمل بقانون الأحوال الشخصية، وبالتالي لم يأخذ الشرعية، ونحاول ككنيسة أن نسهل الأمور دون التعدي على الشريعة الإنجيلية". وأضاف أنه سيقوم خلال شهر مايو المقبل بزيارة تهنئة إلى قداسة بابا روما، بمناسبة مرور 40 عاما على أول مقابلة بين الكنيسة الأرثوذكسية والكاثوليكية "كرسي الإسكندرية وكرسي روما"، وسيزور خلالها عددا من الكنائس في إيطاليا. يذكر أن البابا تواضروس، الذي انتخب أواخر العام الماضي بعد أربعين عاما من تولي البابا شنودة الراحل مسئولية الكنيسة الأكبر في مصر، يعتبره كثير من المصريين "بابا المحنة"، نظرا إلى أنه يتولى مسئولية نحو "10 ملايين قبطي" تحت حكم أول رئيس مدني منتخب، قادم من خلفية إسلامية هو الرئيس محمد مرسي.