لم اتخيل ان يقف وزير العدل المصري بعد ثورة 25 يناير ويدافع عن عمد عن مقتل الشهيد محمد الجندي جراء التعذيب ليقول انه توفي في حادث سيارة ،وذلك اكمالا لسيناريو القضية حتى يتم اغلاقها تماما ،يضيع دم المقتول ،ويذهب من عذبه الى حال سبيله ،وكأننا عدنا الى عصور من الظلام الدامس الذي يتم فيه انتهاك حرمات الموتى ودمائهم ،وعندما تضيق الدائرة ،ويصحى ضمير الطب الشرعي ليؤكد ان الجندي لم يمت بسبب حادث سيارة وانه توفي جراء التعذيب ،يخرج علينا وزير العدل ليقول ان وزير الداخلية هو الذي طلب منه ان يقول ذلك . كيف يأمن الشعب المصري على نفسه بعد تلك الفضيحة المدوية ،والتي لو حدثت في اي دولة اخرى لتحول وزير الداخلية ووزير العدل الى النيابة ومحاكمتهما على تلك الجريمة المكتملة الاركان ،بجانب عبد المأمور مدير مصلحة الطب الشرعي الذي اخرج التقرير المبدئي بوفاته جراء حادث ،هل هكذا يدار الامن والعدل في مصر . الغريب في الامر ان السيد وزير العدل كان في عهد النظام السابق ينتقد بشده اعمال التعذيب والقهر داخل السجون وكم نادى وطالب بتحقيق العدل وكانت له العديد من المواقف ،ولكن فجأة عندما وصل الى الحكم فعل اكثر مما كان يحدث مسبقا ،فارتضى ان يخرج طواعية ليعلن على شاشات التلفزيون ان الجندي مات في حادث رغم ان تقرير الطب الشرعي لم يصدر ،وبناء عليه فقام مدير المصلحه باصدار التقرير كما صرح الوزير حتى لا يجعله كاذبا ،ليضيع دم شاب في ريعان عمرة . هل هذه الشفافيه التي يتعامل بها النظام الحاكم مع شعبه ،هل تشويه صورة المواطنين هي الهدف ،هل اراقة الدماء في الشوارع هي ضريبة وصول الاخوان للحكم ،هل ضياع دماء الابرياء واتهامهم بالبلطجة هو الطريق السليم ،هل هذا هو الاسلام الذي يجرم الشهادة الزور او من يكتم الحق فهو شيطان اخرس . لقد اصبحنا في زمن الغاب القوي يقتل الضعيف ويستطيع بعد ذلك ان يشوه صورته وسمعته حتى لا يستطيع احد الدفاع عنه بعد ذلك ،ولا يمكن ان يفوتنا ذكر خالد سعيد قبل ثورة يناير ايضا ،ولكن بعد الثورة حدث تطور مذهل حيث ان الذي يخرج علينا ويشوه سمعة القتيل ويعلتن وفاته بطريقة مجافية للحقيقة هو وزير العدل بنفسه ،بناء على تعليمات وزير الداخلية . الواقع اننا تركنا نظاما يقيد الحريات ويزيف ،واستبدلناه بنظاما اكثر استبدادية واكثر عنفا ،واكثر تبريرا للقتل والعنف ، لم نجد اي تغير سوى للاسوأ ،وكأن دماء المصريين اصبحت رخيصة جدا ولا تساوي شيئا ،وكل ذلك من اجل الوصول والحفاظ على السلطة والحكم ،دون ان يأخذ النظام بالعبرة والعظة من النظام السابق الذي ثار عليه الشعب . من يراهن قلة ذكاء الشعب المصري فهو اكيد خاسر ،ومن يراهن ايضا على يأس الشعب فلن يفلح ،ان الشعب المصري اصبح الان واعيا لكل مما يدور حولة من مؤامرات تهدد استقرارة على يد النظام ،الذي ينكشف يوما بعد يوم . اذا اردنا العدل والحق فورا فان ما اعلنه وزير العدل من ان وزير الداخليه طالبه بالاعلان عن وفاة الجندي في حادث سيارة ،هو دليل واضح على تورط الداخلية والوزير في مقتله ،وشهادة مكي بعد ذلك تؤكد انه شاهد زور ،فمن الواجب تحويلهما الى محاكمة فورية ،بالاضافة الى مدير مصلحة الطب الشرعي لتزويرة في اوراق رسمية ،وكل ذلك مسجل بصوت وصورة السيد احمد مكي ،والدليل قالوله . المزيد من أعمدة جميل عفيفى