بخطى ثابتة وابتسامة تضيء رحاب وجهها، تستقبلك شابة كفيفة بمقتبل عمرها لم تستسلم لخوض تجربتها القاسية بعد إصابتها بالمرض الخبيث لتمضى قدما بتحقيق أحلامها بالعزف، وعملها مدربة تنمية بشرية، فضلا عن تمتعها بشخصية اجتماعية مرحة جعلتها تذلل جميع صعوبات طريقها متمسكة برباط الثقة بالله والإرادة الحديدية. شابة لم تتخط الأربعين عاما من عمرها، ورغم كونها كفيفة إلا أنها تقدس مبدأ الاعتماد على النفس بأشياء عدة تسير وحدها بالمنزل دون الاستعانة بمن يفتح باب غرفتها، يرتب أغراضها بل وتطهو الطعام وربما تستعين بوالدتها بين الحين والآخر. تجد بهواية العزف على البيانو عالما خاصا يجعلها تغرد عن أفق الصخب والهروب عن واقعها المؤلم، حيث لم يكتف القدر بولادتها كفيفة دون قرنية، وهو ما يصعب علاجه نظرا لحاجتها لزرع قرنية بمبلغ ضخم لتكتمل أركان مأساتها بإصابتها بمرض سرطان المبايض والثدى. "سرطان الثدى هاجمنى"، بنبرة يتخللها الثبات والرضا بقضاء الله سردت هند عبد الفتاح، خريجة كلية الآداب قسم فلسفة، كفيفة ومصابة بسرطان الثدى والمبايض، 39 عاما، حديثها قائلة: "ولدت كفيفة دون قرنية ولكنى لم أدع اليأس يتملكنى يوما، فقد استمسكت دوما بثقتى بالله، فضلا عن امتلاكى أبوين مصدر دعمى الأبدى"، مشيرة إلى أن إصابتها بمرض سرطان المبايض والثدى منذ عام 2000 وخوضها رحلة علاج بدأتها بالعلاج الكيماوى وإجراء ثلاث عمليات تلاها العلاج الهرمونى والذى سيستمر لمدة خمس سنوات أخرى قادمة. انضمت هند لمدرسة النور والأمل للمكفوفين منذ نعومة أظافرها حتى إنهاء تعليمها بالمرحلة الإعدادية لاقت خلالها جميع سبل الدعم والتحفيز من الأساتذة، ولاسيما تنمية مواهبها الفنية واشتراكها وقتئذ بمسابقات شعرية وحصدها العديد من الجوائز وشهادات التقدير. تعشق "عبد الفتاح" كتابة الخواطر الشعرية ولا سيما القصائد، وتهوى العزف على البيانو واصفة إياه بأه بيلمس المشاعر والوجدان، وطريقتها المثلى لهروبها من الواقع بتفاصيله القاتمة لعالم الرحب والإبداع. تعزف السلم الموسيقى بلمسات رقيقة وابتسامة خجولة، وما إن تنهى مقطوعتها الموسيقية تشير لرغبتها بتحقيق حلم حياتها وهو أداء أغنية بصوتها تلخص تجربة المكفوفين المصابين بالسرطانات لسرد جميع أشكال معاناتهم وحثهم على الإرادة المستميتة، فضلا عن مساعدتها بتكاليف علاجها الذى تتكفل به أسرتها بمبالغ ضخمة لجلسات علاج سرطان الثدى الهرمونى.