بهدف تحقيق مبدأ شمولية وعمومية الموازنة العامة للدولة، أصدر ممتاز السعيد وزير المالية قرارا بحظر إنشاء أي صناديق خاصة جديدة تابعة للجهاز الإداري للدولة بجميع وحداته وفروعه، كما طلب من لجنة حصر الصناديق الخاصة بوحدات الجهاز الإداري سرعة الانتهاء من إعداد الدراسة الخاصة بموقف الصناديق الخاصة لمعرفة وضعها القانوني، وذلك لتحديد الموقف النهائي لتبعيتها وكيفية التعامل معها. وكان الدكتور الدكتور حازم الببلاوي نائب رئيس الوزراء ووزير المالية السابق أصدر تعليماته للجنة المشكلة بحصر الصناديق الخاصة التابعة للوزارات والمحافظات والهيئات الخدمية، وحصر حساباتها في البنوك، بسرعة إنهاء عملها وإعداد الدراسات التي تجريها حول الوضع الحالي لهذه الصناديق لتحقيق الاستغلال الأمثل لأموالها، وضبط الرقابة المالية عليها، والتأكد من تحقيقها للأهداف التي أنشئت من أجلها. وتوصلت اللجنة إلي أن الصناديق والحسابات الخاصة نشأت وفقا لقانون الموازنة العامة للدولة رقم 53 لسنة 1973، والذي سمح بانشاء مثل هذه الكيانات، وهي حسابات أنشئت لتحقيق أغراض معينة، ولها كيانات ادارية مستقلة، وتمول نفسها ذاتيا من خلال الموارد التي تحددها قرارات انشائها أو لوائحها الخاصة بها، كما أن بعضها أنشيء بموجب قوانين، والبعض الآخر بموجب قرارات جمهورية أو وزارية أو قرارات من المحافظين. وتتنوع الحسابات والصناديق الخاصة ما بين حسابات وصناديق مستقلة بذاتها، أي أنها تمثل في حد ذاتها كيانا إداريا يدخل في الموازنة العامة للدولة بمسماه مثل صندوق التنمية الثقافية، وصندوق السجل العيني، وصندوق دعم وتمويل المشروعات التعليمية، وصندوق أبنية دور المحاكم والشهر العقاري، وغيرها.. أو أنها تتبع الوحدات الإدارية التي أنشئت بداخلها سواء في الجهاز الإداري أو المحافظات أو الهيئات الخدمية، ومن أمثلة ذلك حسابات الخدمات والتنمية المحلية بالمحافظات، وحساب الإسكان الاقتصادي بالمحافظات، وحساب استصلاح الأراضي، وكذلك الحسابات الخاصة التي تمول من الرسوم والأنشطة بالمدارس، وصناديق تحسين الخدمة وغيرها. كما توصلت اللجنة إلي أن اجمالي أرصدة الحسابات والصناديق الخاصة المفتوحة لدي البنك المركزي ضمن حساب الخزانة الموحد نحو 36.5 مليار جنيه في نهاية يونيو 2010، منها نحو 10.7 مليار جنيه تخص وحدات الجهاز الإداري. وأكتشفت اللجنة أن الخدمات والأنشطة التي تقوم بها هذه الصناديق والحسابات الخاصة تقوم بها أصلا الوحدات الإدارية المختلفة، أو يمكن أن تقوم بها، مما يخلق إزدواجية في المهام والاختصاصات، كما أن القائمين عليها هم من العاملين أساسا بتلك الوحدات الإدارية، كما أنه بصرف النظر عمن يتم الاستعانة بهم ويعملون بنظام المكافأة من خارج الوحدات، فمن الملاحظ أنها غالبا ما تؤدي أعمالها ليس فقط باستخدام العمالة الأصلية الموجودة بالوحدة الادارية، ولكنها أيضا تستخدم الأصول الثابتة لهذه الوحدات. كما أن بعض اللوائح المالية لهذه الصناديق والحسابات تتيح فرض رسوم علي متلقي الخدمة التي توفرها الدولة كالتعليم والصحة وغيرهما، وبذلك أصبحت هذه الصناديق بمثابة كيانات مستقلة بذاتها، وتعمل وفقا لأسس ولوائح مختلفة، الأمر الذي يحتاج إلي إعادة نظر من جديد. وبسبب ذلك صدر القانون رقم 139 لسنة 2006 بتعديل أحكام القانون رقم 127 لسنة 1981 بشأن المحاسبة الحكومية، والذي أدخل مفهوم حساب الخزانة الموحد بالبنك المركزي، وبمقتضي هذا القانون تم استدعاء جميع أموال الجهات الإدارية من البنوك المختلفة إلي حساب الخزانة الموحد، مع الحفاظ علي ملكية هذه الأموال للجهات صاحبة الحساب، وتظل هي المتصرف الأساسي فيها سحبا وايداعا، ويحق لها بعد موافقة وزارة المالية الحصول علي عائد عن هذه الأموال، الأمر الذي يسمح بوجود غطاء مالي للخزانة العامة للدولة يساعدها علي الحد من الاقتراض طالما وجدت هذه الأموال غير المستغلة من جانب الجهات، ومن ثم يساعد علي تخفيض أعباء الدين العام.
وأكد مصدر مسئول بوزارة المالية أنه علي الرغم من هذه الخطوة المهمة والضرورية، والتي مكنت وزارة المالية من رؤية ومتابعة هذه الأموال، وأوجه انفاقها، إلا أنها لم تكن أكثر من مجرد تحويل الأموال من حسابات البنوك المختلفة لحساب البنك المركزي، وبالتالي ظلت تعاني من عدم تحقيق مبدأ الشمولية والعمومية، الذي تنص عليه المادة الثالثة من قانون الموازنة، ولذلك لم يعد من المنطقي الاكتفاء بالنسبة التي تحصل عليها حاليا من هذه الصناديق والتي تتراوح ما بين 5% و10% من ايراداتها، بل أن الأمر يتطلب دراسة بعض الحلول المقترحة في هذا المجال، ولذلك تشكلت في وزارة المالية لجنة لدراسة هذا الموضوع برمته، بحيث تضع الآليات السليمة والمناسبة للتعامل مع هذه الصناديق والحسابات الخاصة، بما يضمن لها تحقيق الأهداف المنوطة بها، كما يساعد علي تحقيق متطلبات الشفافية لجميع بنود الموازنة ومصادر التمويل وكذلك تعميق المفاهيم المحاسبية للادارة المالية السليمة، وضبط التدفقات النقدية في الخزانة العامة، بما يعزز مفهوم وحدة الموازنة لإحكام ضبط الإنفاق العام في المجتمع. وقال المصدر إن عدد الصناديق الخاصة لدي جهات حكومية وغيرها يصل إلي نحو6368 صندوقا، ويصل إجمالي أموالها المودعة بالبنك المركزي إلي نحو 36.5 مليار جنيه، وأن معظم هذه الصناديق بعيد عن إطار الموازنة والضوابط المحكمة للرقابة، ولاتخضع لضوابط الإنفاق المقرره بالموازنة. وتؤكد أرقام الجهاز المركزى للمحاسبات أن عدد الصناديق الخاصة يتجاوز 6 آلاف، لكن تلك الصناديق تنشأ عنها حسابات فرعية تجعل الرقم الحقيقى لها يبلغ نحو 30 ألف صندوق خاص، فمثلا وزارة الداخلية بها 5 صناديق خاصة معروفة ومعلنة، إلا أن الرقم الحقيقى للحسابات والصناديق غير المعلنة فى وزارة الداخلية يتجاوز 38 صندوقاً وحسابا خاصا، وتتنوع موارد هذه الصناديق ما بين رسوم الدراسة بالكليات والمعاهد، ورسوم تأمين استخراج اللوحات المعدنية للسيارات، وشهادات البيانات، وتجديد الرخص والدمغات المدفوعة للحصول على البطاقات الشخصية، أو تذاكر مواقف السيارات العامة. كما يبلغ عدد الصناديق التى لها حسابات بالجنيه المصري بالبنك المركزى 4890 فى الحساب الموحد، بينما يوجد 620 صندوقا أخرى بالعملات الأجنبية. كما أن عدد الصناديق التى يمتلكها الجهاز الإدارى للدولة 783 صندوقاً وحجم أموالها 14.9 مليار جنيه، بينما يبلغ عدد حسابات الصناديق الخاصة بوحدات الهيئات الاقتصادية 115 صندوقاً وحجم أموالها 14.7 مليار جنيه، و200 صندوق فى خدمات الجهاز الإدارى، ويبلغ حجم الأموال الموجودة فيها 5.4 مليار جنيه، كما يوجد 1269 صندوقاً تابعة لوحدات الإدارة المحلية، وحجم الأموال الموجودة بها 17.8 مليار جنيه، و276 صندوقا تابعة للهيئات الخدمية بحجم أموال يبلغ 30.6 مليار جنيه، و13 صندوقاً خاصا بالأشخاص الاعتبارية به نحو 1.1 مليار جنيه، و2153 صندوقا بالجامعات، ويبلغ حجم الأموال الموجودة بها نحو 6.4 مليار جنيه، كما أن هناك صناديق تابعة لمكتب النائب العام، وأخرى تابعة للمحاكم على مستوى الجمهورية.