السؤال الذي يتردد دائمًا لماذا نكون رد فعل وليس الفعل؟ فعلى خلفية حادث مقتل الطالب "محمود بيومى" داخل كافيه بمنطقة مصر الجديدة وفي نفس التوقيت الاعتداء على الطالب بكلية الحقوق "عبد الرحمن"، من عمال محل شهير بمدينة نصر، لرفضهم ركن سيارته لمشاهدة مباراة مصر فى البطولة الأفريقية. فعندما انتشرت الاخبار وحدث الصدام المفاجئ وجدنا حملات موسعة وتصريحات لعدم وجود كافيهات مرخصة ومن المفترض أنها متوقفة منذ عام 1992، وتمنح التراخيص فقط للمطاعم، ولكن الكافيهات الموجودة حاليًا تحصل على تراخيصها من قبل الجهات السياحية، وليس الحى وهذا ما ورد في تصريحات بعض مسئولي الأحياء. وأسفرت الحملات الأمنية عن غلق 8 مقاهى بمصر الجديدة وغلق 9 مقاهى بالنزهة وغلق 15 مقهى بمدينة نصر وغلق 2 مطعم بالنزهة، وأيضاً بالهرم والطالبية والعجوزة والدقى والصف، خاصة المطلة على نهر النيل، وتم تحرير 120 مخالفة لإدارتها بدون ترخيص. وقال المهندس إبراهيم صابر، رئيس حى مصر الجديدة، إنه لا يوجد أى ترخيص صدر من الأحياء لعمل كافيهات، مشددًا على أن هذا النشاط غير مدرج فى قانون المحليات، وأضاف أن العقوبات على مخالفات المحال كانت بسيطة فى القانون قبل تعديله وان عقوبة فض الأختام كانت 50 جنيها فقط قبل تعديل القانون، وهذا القانون عدل مؤخرًا وبالتحديد فى شهر أغسطس من العام الماضى وأصبح 6 شهور حبس وغرامة من 5 إلى 10 آلاف جنيه". وكان إبراهيم صابر، رئيسا لحي المعادي في عام 2013 وأصدر وقتها تصريحا بأن هناك حالة تجرؤ علي القانون بعد الثورة, ووعد باجراء حصر للكافيهات المخالفة بالحي والتعامل معها. فلماذا لم نجد لها حلًا منذ هذا التوقيت!؟ وقد أسفر غياب الأجهزة الرقابية أن يقوم المخالفون بمخالفة القانون غير مهتمين بحق المواطن في المرور أمام المقاهى الذي أصبح شبه مستحيل لأن الأرصفة والمساحات المحيطة بها تملؤها الكراسي والطاولات وقد تسببت في أزمة حقيقية لسكان الشارع أبسطها عدم القدرة علي ركن سياراتهم أو التنقل بها في الشارع بسبب الإرباك الذي تسببه سيارات الزبائن، فضلا عن الضوضاء الدخيلة علي الحي السكني الهادئ. ومهما اختلفت المسميات "مقهى، كافيه، كافيتريا" فقد ملأت الشوارع حتى المناطق الراقية، وأصبح أصحابها لا يخشون القانون، وتفرض سياسة وضع اليد والبلطجة وشهر السلاح في وجه من يعترض تظهر مع بداية خيوط الليل وتنتهي مع مطلع شمس يوم جديد. تخضع المقاهي لرقابة العديد من الجهات وهى: المجالس المحلية، شرطة المرافق، جهاز البيئة، مباحث المصنفات التابعة لوزارة الثفافة، الحماية المدنية، وزارة الصحة متمثلة في هيئة السلام والصحة المهنية، والأمن العام. رغم تعدد جهات الرقابة علي المقاهي وتعدد الغرامات والجزاءات من أكثر من جهة فهي غير كافية للقضاء علي المشاكل والإزعاج التي تنجم عن نشاطها المستمر علي مدار الساعة، فقانون البيئة رقم 4 لسنة 1994 والمعدل بالقانون رقم 9 لسنة 2009 يلزم أصحاب المقاهي بضرورة تقنين أوضاعهم البيئية حتي لا يتم توقيع غرامات عليهم تتراوح بين ألف و20 ألف جنيه وفي حالة تكرار المخالفة فإن العقوبة تصل إلى حد إغلاق المقهى. وعن الاشتراطات البيئية التي يجب توافرها حدد القانون ثلاثة اشتراطات أولها تخصيص حيز لتدخين الشيشة يصل إلي ثلث مساحة الكافيتريا في حالة الكافيتريات الكبيرة، بينما يتم رفع الشيشة نهائيًا من صغيرة المساحة والتي يصعب تخصيص حيز للشيشة بها.. أما التدخين خارج المقهي فيجب بحسب شروط وزارة البيئة أن يبعد 500 متر عن أقرب مسطح سكنى.. وثانيها أن يقوم صاحب المقهى بتركيب ستائر هوائية وشفاطات علي الأبواب والنوافذ وأخيرا أن يتم تركيب مدخنة حتي لا يؤثر دخان الشيشة علي المناطق السكنية المحيطة أما أحكام قانون تنظيم العمل بالمقاهي والمحلات العامة رقم 453 لسنة 1934، فالمخالفة التي تتم سواء الفتح وممارسة نشاط ترخيص أو الإشغالات أو العمل في المواعيد غير المحددة أو فض الشمع تعتبر جنحة وغالبا يحكم فيها بالغرامة مائة جنيه. وهنا ادعم فكرة تحديد مواعيد لفتح وغلق المحلات التجارية والكافيهات والمطاعم، كتحديد مواعيد لساعات العمل ومراقبة إيراداتها لسداد الضرائب، وطبقا لبعض الاحصائيات من المسئولين فإن محافظة القاهرة تضم 150 ألف مقهى، 22 ألفًا فقط منها مرخص مما يفقد الدولة أكثر من 22 مليار جنيه ضرائب سنويا على الدولة، والغريب أن عدد المقاهي في العاصمة عام 2007 طبقًا للإحصائيات بلغ 15 آلاف مقهي وهو ما ينذر بكارثة حقيقية ففي خلال 10 أعوام ارتفع عددها نحو 10 أضعاف، ويصل عدد المقاهي والكافيهات علي مستوى محافظات مصر في المتوسط إلى 2 مليون مقهي تقريبًا، وذلك حسب الزيادة والنقصان. وقد أثبتت أبحاث أجراها المركز المصرى لأبحاث مكافحة التدخين أن أكثر الأماكن العامة ضررًا بالصحة هي المقاهي، حيث وصلت نسبة الجزيئات العالقة بالجو إلى 775 ميكروجرامًا لكل متر مكعب وهي نسبة شديدة الخطورة وطبقًا للقيادات الأولية، فعندما يتراوح عدد الجزيئات العالقة في الجو ما بين 66 و250 ميكروجرامًا لكل متر مكعب، فهذا يعني أن الهواء المحيط بالمكان غير صحي ويعرض الأفراد الموجودين به للإصابة بأمراض الرئة والقلب، خاصة إذا وجدوا حال بقاء الأشخاص في هذه الأماكن بصورة منتظمة ولفترات طويلة في الأماكن نفسها. وبعد كل هذا الكلام هل نجد من يفعل؟.. أتمنى ردع الفوضى وعدم فك تشميع الكافيهات المغلقة ومحاسبة المخالفين والبلطجية والمتهمين وإعادة القوانين والمبادئ الاخلاقية التي اندثرت وسط هذا الصخب، فهل من مجيب ياسادة!!