خلف الاعتداء السافر على ضباطنا وجنودنا في رفح العديد من النقاط التي لابد من دراستها وعدم الاستهانة بها بعد أن يتمخض جبل الحزن القائم الآن على شهداء العمل الإرهابي عن لا شيء، ولعل أول ملاحظة أن من قام بهذا العمل الإرهابي مجموعة مدربة على أعلى مستوى، وهو ما يعكس خطورة تلك المجموعات التي تربت في أرض سيناء مستغلة البيئة الخصبة هناك واتفاقية السلام لتترعرع بعيدًا عن الملاحقات الأمنية، وحين تمكنت وجهت سهامها ورصاصها نحو صدور أبنائنا. أما الأمر الثاني فيما خلفته تلك العملية فهو تعميق الجرح بين الجانبين المصري والفلسطيني، فليس من المقبول أن يكون هؤلاء قاموا بعمليتهم برعاية تنتمي بصورة من الصور إلى أي فصيل سياسي أو جهادي فلسطيني، لأن معنى ذلك أن هناك في فلسطين من يتعامل مع مصر على أنها عدو يجب القصاص منه وشن الهجمات على أبنائه وتلك مصيبة لو صحت فإن الأوراق لابد من إعادة ترتيبها والنظر فيها بعناية عما سيكون لاحقًا. بيد أن الحادث ترك عددًا من الملفات المهمة، أولها أنه بات واضحًا أن هناك من يتربص بأمن البلد وبسلامة أراضيه، وكذلك إن سيناء وحدودنا تحتاج منا إلى يقظة لأنهم يريدونها حتى ولو كانت هناك تأكيدات على نفي ذلك من جميع الأطراف الطامعة في تحقيقه على جميع المستويات، والمصيبة الأكبر أن هناك خلايا نائمة أعادت لنا بصورة أو بأخرى صورة العمليات الإرهابية التي كنا نسيناها منذ فترة وباتت في ذاكرة النسيان وتحتاج منا هذه الخلايا النائمة إلى مواجهات حاسمة غير قابلة للتراجع أو المسامحة أو حتى الاستهانة، لأن أمن الوطن لا يتجزأ ولا يقبل القسمة أو التهاون فيه. ونأتي إلى الأخطر في الحادث، وهو صورة الضباط والجنود وهم متراصون جثامين والدماء على ملابسهم، تلك الصورة التي خلفت براكين الحزن والغضب للمصريين ولكنها في الوقت ذاته تركت في نفوس البعض صورة سلبية عن قواتنا، وهى إن كانت حديث المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، فإن الأمر يحتاج إلى مراجعة دقيقة لأن الحادث وقع فجأة وفي لحظة إيمانية عميقة لا يمكن تصور إنسان طبيعي يؤمن بأي ديانة سماوية أن يستغلها لينفذ جريمة بهذه الخسة والندالة، إلا أن الجريمة تحققت واستغل الفاعلون الأمر للانتقام من قواتنا المسلحة وأبنائها الذين يضحون بأنفسهم من أجل تراب هذا الوطن وحماية أراضيه، ومن ثم اندهشت من تعليقات البعض على الصور التي التقطت في أعقاب الحادث، وكان من كتب هذه التعليقات ليس ابنًا من أبناء هذا الوطن الذي نعيش فيه ويعيش فينا. لقد دكت القوات المسلحة حصون الإرهاب في سيناء في عملية منظمة تنم عن قدرات قتالية عالية لأبنائنا فيها وذلك على مدار اليومين الماضيين، وأسفر هذا الدك عن تدمير حصون وقلاع الأعداء لتصبح ترابًا تذروها الرياح، لكن لابد ألا نتوقف عند حدود تدميرهم ولكن لابد من تدمير من وراءهم حتى ولو كانوا في أقصى الدنيا ونهايتها فأمن مصر لا يحدوه شيء وهو دومًا على رأس الأولويات، وأيضًا علينا التنبه لأن سيناء في خطر وهناك الكثيرون الطامعون فيها والراغبون في اجتزائها من مصر. نقلا عن "الأخبار"