في الأيام الأولى لشهر رمضان المعظم أطلت علينا القنوات الفضائية بكم هائل من المسلسلات، والتي تسرب منها عدد ليس قليل من الحلقات قبل ان يبدأ الشهر الكريم مما اعتبرته فرصة لمشاهدة بعض المسلسلات. وقد يكون الأمر مبكرا للحكم بدقة علي فحوي المحتوي الدرامي، إلا أنني لاحظت العديد من الملاحظات، ومنها اولا، الشعور بالغربة والاغتراب وكانك في بلد آخر، وثانيا، تلاحظ تلاشي الطبقة الوسطي من المجتمع المصري، وثالثا، والاهم هو عدم وجود رسالة هادفة ملائمة للاسرة المصرية، وعلي وجه الخصوص رسالة تخص الاطفال والشباب! فهل يعقل ان نجد فتاة شابة ارستقراطية غنية، تتعامل مع والدها بشكل فج وبدون احترام، والاب نفسه مثل غير واع او مثل مشرف للاب المصري، تطلب الفتاة الارستقراطية البطلة من والدها 5000 دولار لشراء شنطة ثمينة تعتبرها بسيطة، لا ترتدي الا الماركات العالمية، وتحتار صباحا لتختار اي الماركات العالمية ترتدي! والجدير بالذكر أنه قد أوضحت في مصر موضة وهوس بالماركات العالمية، حتى لو غير اصلية، ظاهرة تنامت بين افراد الاسرة المصرية بسبب هذه الرسائل الوافدة من الاعلام، بينما معظم الفتيات في المجتمع يحلمن بتقليد مثل هذه النماذج، ويعتبرونها ضرورة ملحة! وتتحدث البطلة مع اصدقائها ممن يمثلوت نفس الطبقة بشكل مستهتر، يشوبه العبث والفوضي، تتحدث عن الملل بسبب الرفاهية، اجواء تسودها الثقافة الامريكية، كل افعال وتصرفات المجتمع الذي تعيش فيه البطلة الارستقراطية عالم يعاني من الرفاهية! ويتحدث اللغة العربية بصعوبة، يسكن بالقطع معظم اصدقائها بما فيهم هي في القصور ذات الطابع الفخم! وعلى الصعيد الاخر نجد بالعمل الدرامي نفسه الفتاة الشابة الفقيرة تسكن بالحي الشعبي، ترتدي ملابس بسيطة جدا مع خالتها التي تتقن الكلمات الخارجة، و تتحدث بلغة ليست شعبية، بل لغة جديدة ابتكرت مؤخرا بكلمات غريبة عن مجتمعنا المصري الاصيل، والمقصود منها ان تظهر ان الفقير يتقن الكلمات الخارجة غير المهذبة! ومن جملة الحلقات القليلة التي تم تسريبها لا نفهم اين ذهبت الطبقة الوسطي التي ينتمي اليها معظم افراد الشعب ؟ الطبقة الوسطي المحترمة المعتدلة في كل شيء كما اعتدناها! واعود لأسئل عدة اسئلة الا وهي، ما العائد على الاسرة المصرية بأفرادها الذين اعتادوا الالتفاف حول الدراما التليفزيونية، خاصة في رمضان؟ هل ستجلب هذه الدراما المزيد من العنف، والاسفاف، والتحرش، والحريمة نتيجة مشاهدة ابطال اغنياء يعيشون في قصور يملون من الغني والنعيم،بينما المشاهدون، ومنهم الشباب لا يجدون قوت يومهم؟ الم يأن الآوان ليكون هناك نصيب للاسرة المصرية في مسلسل، او عمل درامي ترفيهي جاذب يكون بمثابة رسالة توعوية للتثقيف، ورفع الوعي، وتغيير المفاهيم السلبية تعود بالايجاب عليهم، وعلي المجتمع المصري، بدلا من هذا الكم غير الانسيابي من الرسائل غير الهادفة، او المفهوم منها اين الاسرة المصرية الاصيلة؟ ولماذا نريد ان نشعر بالمزيد من الغربة وسط طبقات متامركة غريبة! والاهم اين التليفزيون المصري من كل هذه المسلسلات؟، ومتى يستعد بدراما من انتاجه مثل مسلسل القاهرة والناس، وعادات وتقاليد، وغيرهم من الدراما المحترمة في ذاكرة التليفزيون المصري، وهي التي نشأ وترعرع عليها اجيال مصرية اصيلة، لم تشعر يوما بالغربة وسط رسائل غريبة لاهي مصرية، ولا هي امريكية! ما زلنا في أول اسبوع من شهر رمضان، ونتابع بشغف الدراما الرمضانية لعلنا نخرج برسالة او رسائل هادفة للاسرة المصرية.