أكدت مؤسسة الفكر العربي ضرورة الحفاظ على وحدة التراب الوطني للدول العربية القائمة، والعمل على تطوير وتفعيل النظام الإقليمي العربي كإطار ناظم للعلاقات التكاملية وللاتفاقيات العربية في هذا الشأن، وكإطار جامع للمؤسسات القائمة على التكامل الاقتصادي العربي، مع ضرورة احترام وتنفيذ الاتفاقيات والالتزامات التي تنص عليها بإعطائها قوة إلزامية. ودعت مؤسسة الفكر العربي، في ختام ورشة العمل الأولى لها والتي نظمتها بالتعاون مع الجامعة العربية حول قضية "التكامل الاقتصادي العربي" ، إلى الإسراع في تأسيس هيئة عربية لفض المنازعات الاقتصادية وتأسيس آلية لتعويض المتضررين من تحرير التجارة. وطالبت بإعطاء أولوية قصوى لتطوير الصناعات التحويلية في إطار تكاملي عربي لبناء وتعزيز الأساس الموضوعي للتكامل الاقتصادي القائم على تبادل المصالح مع ربط استراتيجية التنمية الصناعية بالسياسات الاقتصادية-الاجتماعية وتوفير التمويل الضروري لهذا التطوير من خلال تعزيز دور مؤسسات التمويل العربية، فضلا عن التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف بين الدول العربية في هذا الشأن. وأكدت أهمية تطوير البنية الأساسية والمعلوماتية لتسهيل تعزيز العلاقات الاقتصادية العربية على كافة الأصعدة وإعطاء الأولوية للعمالة المحلية والعربية في أسواق العمل العربية لإدارة دولاب الاقتصاد وتحقيق التنمية الشاملة وفي القلب منها التنمية الصناعية. وأوصت بالعمل على تعزيز الاستثمار العربي المشترك بين الدول المؤهلة له في صناعات الآلات والمعدات ووسائل النقل والصناعات عالية التقنية للاستفادة من اقتصاديات الحجم الكبير في حفز التصنيع والتكامل الصناعي العربي ، ونشر ثمار التصنيع في قطاعات الزراعة وغيرها من القطاعات الاقتصادية لتحقيق نهوض اقتصادي شامل ينطلق من تطوير منظومات التعليم والتدريب والبحث العلمي والتطوير التقني للارتقاء من التبعية إلى الاستقلال في هذا الصدد، مع ضرورة ربط التطور العلمي والتقني بعملية التصنيع وبخاصة في الصناعات عالية التقنية والقيمة المضافة. ودعت إلى تعزيز الاندماج في الاقتصاد العالمي ومنظماته وضمنها منظمة التجارة العالمية على أسس عادلة ومتكافئة وتطوير ثقافة المسؤولين العرب في التعامل مع المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية بكفاءة ومرونة والتفاوض الجماعي للحصول على شروط أفضل في التجارة وفي نقل وتوطين المعرفة والتكنولوجيا وبخاصة لقطاع الصناعة التحويلية في البلدان العربية. وأوصت ورشة العمل بالاعتماد في تحقيق السوق العربية المشتركة على التكافؤ بين الدول الداخلة فيها، وعلى تطوير هياكل الإنتاج العربية الصناعية والزراعية والخدمية بصورة فردية في كل دولة، ومن خلال التعاون بين الدول العربية على أساس تبادل المنافع والتوظيف الفعّال للثروات والموارد الطبيعية في البلدان العربية، مشيرة إلى أن هذا التطوير سيوجِد لدى الدول العربية تنوعاً كبيراً في إنتاج السلع والخدمات كقاعدة واسعة لما يمكن أن تتبادله في السوق المشتركة. وطالبت بضرورة السعي الدؤوب لتأمين حرية انتقال الأشخاص ورؤوس الأموال وحرية تبادل البضائع والمنتجات الوطنية والأجنبية وحرية الإقامة والعمل والاستخدام وممارسة النشاط الاقتصادي وحرية التنقل والترانزيت واستعمال وسائل النقل والموانىء والمطارات المدنية، بالإضافة إلى تخفيض الرسوم الجمركية وكافة الرسوم الأخرى تدريجياً على المنتجات والسلع، والعمل على تحرير الخدمات كأهداف طبيعية لأي سوق مشتركة والعمل على مأسسة هذه السوق بالنظر إلى النماذج العالمية الأكثر نجاحاً في هذا الشأن. وخلصت ورشة العمل إلى أهمية تحقيق الاستقرار السياسي والأمني كشرط لتحقيق التكامل والوحدة الاقتصادية العربية ، مع التركيز على أهمية وضرورة ربط قضية التكامل بالتنمية. وأكدت على أهمية تعزيز التعاون العربي فيما يتعلق بحركة عناصر الإنتاج القابلة للانتقال ( العمل ، التنظيم، رأس المال ) على قواعد إعطائها الأفضلية في الأسواق العربية وتعزيز الفوائد المتبادلة من حركتها القائمة على تبادل المنافع . واعتبرت أن ذلك غير كاف لتحقيق التكامل الاقتصادي العربي ، بل مجرد رافعة من روافع تحقيق التكامل المنشود تحتاج لتطوير كبير في الفترة القادمة . وأكدت ورشة العمل على أهمية الاستناد إلى الجانب الإيجابي في الميراث الحضاري العربي في مكافحة الفساد الذي يعتبر أحد أهم العوامل المهددة للتنمية الاقتصادية ، فضلاً عن أنه يفاقم من سوء توزيع الدخل المثير للاحتقان الاجتماعي. كما أكدت على أن بناء ثقافة تتسامح مع الفساد وتتعايش معه هو أخطر ما حدث في البلدان العربية ، وينبغي العمل بشكل صارم على خلق قطيعة مع ثقافة التسامح مع الفساد والعمل على بناء ثقافة تناهض الفساد بقوة وحسم لإعلاء قيمة النزاهة والشفافية لحماية المال العام . وشدد ورشة العمل على أهمية تطوير الإطار القانوني الرادع للفساد ، وأهمية تطوير نظام الأجور للعاملين عموماً وفي الدولة خصوصاً لتحصين موظفي العموم من طلب الرشوة . وأوضحت أن استقلال الأجهزة الرقابية هو أمر حاسم لمكافحة ومنع الفساد ، مؤكدة أن النظام السياسي الديمقراطي وما ينتجه من رقابة برلمانية للتصرفات في المال العام تساعد على منع ومكافحة الفساد . وأشارت الورشة إلى أن إنهاء التعقيدات البيروقراطية المعقدة للأعمال والفاتحة لبوابات الفساد يمكن أن يساهم في إغلاق بعض من أهم بوابات الفساد . وناقشت ورشة العمل ، التي عقدت بمشاركة عدد من أبرز الخبراء الاقتصاديين العرب، العديد من الأوراق المقدمة حول تطوير وتكامل الصناعات التحويلية العربية كرافعة للتنمية الاقتصادية وتحقيق السوق العربية المشتركة وانتقال عناصر الإنتاج والتكامل الاقتصادي العربي وأخيراً حول واقع الفساد كأحد مسببات التدهور الاقتصادي والاحتقان الاجتماعي والآليات الممكنة لمكافحته في الدول العربية. ويأتي تنظيم مؤسسة الفكر العربي لورشة العمل الأولى لها بالتعاون مع الجامعة العربية في إطار الإعداد لمؤتمرها السنوي "فكر 14" المقرر عقده في الفترة 6-8 ديسمبر المقبل بالقاهرة والذي يحمل عنوان " التكامل العربي : تجارب وتحديات وآفاق" وللتقرير العربي الثامن للتنمية الثقافية الذي تنوي إصداره عشية هذا المؤتمر. وتعقد مؤسسة الفكر العربي في مقر الأمانة العامة للجامعة العربية وبالتعاون معها سلسة من ستّ ورش عمل تحضيرية تغطي موضوع التكامل العربيّ بجوانبه وأبعاده المختلفة.