كيف تعاملت الدول الدول الكبرى من أزمة القمامة - دول غربية تحول القمامة إلى مصادر لتوليد الطاقة والاستثمار - دور الدولة يقتصر على التنظيم والمراقبة وتساهم بنسبة ضئيلة - القطاع الخاص يتحمل مسئولية النفايات الناتجة عن التعبئة - الشركات والمصانع شريك رئيسي في الأعباء المالية - ألمانيا النموذج الأول والأكثر مثالية للتخلص من القمامة - ألمانيا تخصص 4 صناديق لتصنيف مخلفات القمامة "منزلية - عضوية - ورقية - عبوات بلاستيكية" - ألمانيا تخصص تليفون لتوعية المواطنين بشأن عملية التصنيف - مصدر الملوثات أو المخلفات هو الذي يتحمل تكلفة التخلص منها - المحارق..وإعادة التصنيع..أهم وسائل التخلص الصحي من القمامة في الوقت الذي تعاني فيه المحافظات المصرية من أكوام القمامة المكدسة في شوارعها، فلابد أن نعترف بأن القضاء على هذه الظاهرة هي الخطوة الأولى نحو التقدم والمستقبل والبحث عن حياة أفضل للأجيال القادمة ، وقد أمهل المهندس إبراهيم محلب المحافظين شهرين للتخلص من القمامة ، ولكن دون رد ملموس وسريع من بعض المحافظين. وقد أدركت الدول الكبرى شرقا وغربا هذه الحقيقية، وقطعت شوطا كبيرا في هذا الاتجاه. وهو ما ساعدها ليس فقط على التخلص من هذه الأكوام من القمامة، بل وتحويلها إلى مصدر للطاقة والاستثمار، وذلك من خلال استرتيجية بعيدة المدى بدأت العديد من الدول الأوروبية والأمريكية في تطبيقها منذ نهاية الثمانينيات من القرن الماضي لتؤتي ثمارها في غضون سنوات قليلة. ولكن الملفت للنظر، أن الحكومات احتفظت لنفسها بدور المراقب وأسهمت بنسبة ضئيلة في التكاليف ، في حين أن الجانب الأكبر من تكلفة التخلص من أكوام القمامة تحملتها المصانع والقطاع الخاص، بل واعتبروها جزء من التكلفة الأساسية للمنتج التخلص من عبوته بطريقة سليمة. التعاون الإيجابي بين "الخاص" و"العام" في اعتراف ضمني بأن الشكل الجمالي والصحة العامة هدفان قوميان ، تشهد ألمانيا والدول الأوروبية حالة فريدة من التعاون بين القطاعين الخاص والعام للتخلص من القمامة. فالشركات المنتجة لأي عبوة يجبرها القانون على الالتزام باستخدام عبوات قابلة لإعادة الاستخدام أو يمكن التخلص منها بطرق صحية . وتكلفة إعادة التصنيع أو التخلص من مخلفات العبوات المنتجة تدخل ضمن تكلفة الإنتاج وبالتالي فإن العبء المالي على الدولة يكون في أقل الحدود. الوسائل المختلفة للتخلص من القمامة هناك عدة وسائل تنتهجها الدول الكبرى بشكل عام للتخلص من النفايات والقمامة بشكل عام أهمها ألمانيا وكندا وتحتذي بهم العديد من الولاياتالأمريكية، حيث تعتبر ألمانيا النموذج الأول والأكثر مثالية للتخلص من القمامة. والاستراتيجية الألمانية تعتمد بالأساس على أن مصدر الملوثات أو المخلفات هو الذي يتحمل تكلفة التخلص منها ، على أن يعمل في إطار من القوانين الحكومية ، وبالتالي فإن هذه الاستراتيجية توفر على دافعي الضرائب تكلفة جمع القمامة والتخلص منها. وقد حددت الحكومة الألمانية نسب ونوعيات محددة من المخلفات للدفن في أراضي خارج المدينة، إلا أنها فضلت اللجوء إلى المحارق والتي يتم الاستفادة من المواد الناتجة عن الحرق في توليد الطاقة بكافة الأشكال ، وذلك بالإضافة إلى إعادة التصنيع. وقد دفعت هذه الاستراتيجية الشركات والمصانع إلى استخدام مواد سهل التخلص منها سواء في صناعتة منتجاتها أو العبوات المستخدمة في هذه المنتجات. تصنيف القمامة تتمتع ألمانيا بأفضل نظام لتصنيف القمامة والتخلص منها، وتخضع لإشراف الإدارة المحلية لكل مدينة على حدا. ومن ثم ، كل منزل مزود بأربعة صناديق للقمامة ، ويتم تقسيم القمامة وتصنيفها وفقا للون الصندوق والذي تتولى جهة حكومية جمعه والتخلص أو الاستفادة من القمامة بالشكل المناسب لها. *الصندوق الأسود: مخصص للمخلفات المنزلية غير القابلة لإعادة تصنيعها ، وتشمل بواقي الطعام أعقاب السجائر وحقائب المكانس الكهربائية ومخلفات الأطفال. ويتم جمعها كل أسبوعين. *الصندوق الأخضر: وهو مخصص للمواد العضوية من فاكهة وخضروات ، ومخلفات طحن القهوة وأوراق الشاي وقشر البيض ومخلفات تقليم الأشجار. ويتم جمعها كل أسبوعين. ومن غير المسموح وضع مخلفات الأطعمة بها أو الأكياس البلاستيكية أو حتى العبوات الورقية. *الصندوق الأزرق: وهو مخصص للمخلفات الورقية من صحف ومجلات والعبوات الورقية ومناديل ورقية . ويتم جمعها مرة كل شهر. ومن المحظور وضع المخلفات البلاستيكية بها أو ورق الكاربون أو الورق المستخدم في الصور القديمة. * الصندوق الأصفر: وهو مخصص للعبوات البلاستيكية والألومنيوم وغيرها من العبوات . ويتم جمعها مرة شهريا . وقد حرصت الإدارات المحلية لكل مدينة على تخصيص أرقام هاتفية للإجابة على تساؤلات المواطنين بشأن عملية تصنيف القمامة. وهي عملية دقيقة للغاية المسئول الرئيسي عنها هو المواطن، الذي يتولى مهمة تصنيف قمامته بنفسه. المشاركة الفعالة.. وسرعة الإنجاز وبتحميل القطاع الخاص الجزء الأكبر من المسئولية ساعد في سرعة الإنجاز، حيث بدات ألمانيا في تطبيق هذه الاستراتيجية في 1991 ، وحصدت نتائجها في غضون سنوات قليلة للغاية لا تتعدى الأربع أو الخمس سنوات. إجمالي تكلفة التخلص من النفايات وفقا لتقرير من البنك الدولي ، فإن الدول الكبرى ذات الدخل القومي المرتفع تكلفت 159,3 مليار دولار للتخلص من نفاياتها في 2010، ومن المتوقع أن يرتفع الرقم إلى 220 مليار دولار في 2025 . أما الدول ذات الدخل المتوسط فستتكلف 24,5 مليار دولار في 2010، في مقابل أكثر من 63 مليار دولار متوقعة في 2025. أما الدول النامية ، فيبدو أنها تفضل توفير هذه الأرقام ، التي قد تبدو باهظة ، لكن الشركات التي تشارك في دفعها تجني المليارات من عائدات إعادة تصنيع أو توليد الطاقة من القمامة. وهو ما يفتح الأبواب أمام مجالات جديدة من الاستثمار.