الاتفاق النووى الإيرانى لم يكن حول برنامج طهران النووى فقط ... فما حاجة بلد نفطى ومن أكبر منتجى الغاز مستقبلاً الى الطاقة النووية ... الأتفاق تم لأن توازنات القوة فى العالم تتغير بعمق ... السؤال الآن هل فهم العرب مغزى هذه التغيرات؟ ... أم أننا ما زلنا نلعب بحسابات قديمة وبالية بدأ العالم يتجاوزها... والسؤال الحقيقى ... بعد سقوط سوريا وتقسيم العراق ما هى الحسابات الحاكمة لنظرية الأمن العربى؟ ... فالأسس الجديدة تحتاج لاعبين جددا وتحالفات جديدة ... فليس واقعياً او منطقياً أن يعاد رسم اتجاهات الحركة وفق محددات غير موجودة الان على أرض الواقع . فإيران أدركت منذ اللحظة الأولى أن عليها أن تتحرك وفق أنماط الصراع الجديد وأحكامه، والعرب كانوا ينظرون للأمور في إطار أن النفط هو خيارهم الاستراتيجي في الاقتصاد والسياسة، حتى مالت حسابات القوى الدولية بشرقها وغربها للعب مع الطرف الأكثر جاهزية، أو على الأقل الذى يقدم نفسه على أنه يمتلك عناصر السيطرة والقدرة على تحريك الأحداث في المنطقة العربية. أمريكا لا تحتاج الآن إلى نفط الشرق الأوسط هى الآن وصلت للاكتفاء الذاتى وستصبح أكبر منتج للنفط فى العالم خلال العامين القادمين ... هى يعنيها بشكل كامل قطع النفط العربى عن شرق آسيا ... والآن فإن القرار الدولى برفع الحظر بين النفط الايرانى والسوق الصينى والهندى وشرق آسيا ... يعنى دفع إيران للإستيلاء على مزيد من عقود النفط بديلاً للعرب ... تمهيداً لإستخدام إيران فى إثارة القلق داخل الخليج العربى وربما قطع قدرات الامداد العربى ... وفى مرحلة أخرى سيتجه الجهد الإيرانى إلى عمق آسيا التى ستصبح تحت رحمة منتج النفط الايرانى ... وهنا ستبدأ عملية تفكيك باكستان، ولكى ينجح المخطط لابد من تفكيك قدرات العرب على رد الفعل ... ومصر هى الرصيد المتبقى من القوة العربية. وفى المقابل ساهمت حالة التشوه في نظريات الأمن القومي للدول العربية في منع أي قدرة عربية على بناء تصور واحد تجاه العمليات الدائرة في المنطقة، فالدول العربية في الغالب تعاملت بمنطق دفاعى أمام عمليات الاختراق الميليشياوى الايرانى والتركي، لكن بشكل حاسم ليس على العرب أن يشكلوا ميليشيات لمواجهة عملية الاختراق فالقضية برمتها تحتاج الى ترتيبات مختلفه، تبدأ بالقوات العربية المشتركة وتنتهى بإستحداث سياسات أمنية جديدة قائمة على مد نفوذ هذه القوات العربية لضبط الحدود السورية العراقية واليمنية السعودية وكذلك المصرية والجزائرية والتونسية مع ليبيا. مع إعادة إنتاج حالة فكرية قائمة على إحياء الشخصية العربية ومكونها الاجتماعى ، فالشعوب الآن هى محور الصراع وهدفه، والأمانة التاريخية تحتم إيصال المعلومة الى المواطن بشكل واضح جداً لا لبس فيه وبالشكل المنطقي والعقلاني لأن المجتمعات الآن أصبحت غارقة في نظريات كبيرة من المؤامرة فأصبح منطق المؤامرة نفسه يصيب الحقيقة فى مقتل، وبالتالي نحن بحاجة الى إعادة تنظيم وتجديد المعادلة العربية والشرق أوسطية بشكل كامل بحيث تكون نخب المجتمع نخب مخططة ومتخصصة، وليست نخبة قائمة على جماعة المصالح او نخبة قائمة على الإقتراب من مصالح السلطة. إن أكبر حائط صد أمام المؤامرات الخارجية هو ان تمتلك خطة بناء وتوجه عام ... فهذا يعطيك القدرة على رد الفعل والفعل ... وإذا كانت الفوضى الأمريكية هى عملية إرباك كبيرة للمجتمع تقوم فيه بصناعة حالة انعدام تعايش بين كافة أركان المشهد ... فلتكن الوحدة البناءة فى مواجهة الفوضى الهدامة ... توحيد كل أركان المقاومة وتحديد الخطة وتنفيذها والدفاع عنها ... الخلاصة " القرن الحادى والعشرين هو " كتاب رقمى وعالم افتراضى يحكم واقعه صراع الميليشيات" .