يبدو واضحاً أن اللعبة الدولية تجاه المنطقة باتت مستقرة، حتى انها باتت جزءاً من مكونات الشرق الأوسط، فالولاياتالمتحدةالأمريكية في هذه اللحظة تدرك أن نزاعها مع روسيا في سوريا بات قابلاً أكثر للنقاش والمناورة، وأن ايران تم تحضيرها للقيام بالدور الوظيفى الذى تريده واشنطن، وكذلك فإن التابع التركى يلعب الأن لصالح حسابات الناتو في تفكيك أي معادلات التماسك العربى. الدور الذى تريده أمريكا من ايران ليس أن تكون فزاعة للخليج وليس أن تكون شرطي للمنطقة، وانما هي تريد فقط ان تقوم ايران بدورها في عملية التفكيك بدافع الطموح الفارسي، في نفس التوقيت، على تركيا أن تكون عامل خلخلة حقيقى ومؤثر في بنية المجتمعات العربية، ووسط كل هذا يتم تسليح الاكراد ومنحهم الشرعية الدولية كطرف سنى غير عربي ليس لشيئ سوى ان تكون الحالة العربية أضعف من أن تشكل محور تماسك حقيقى في الإقليم. من هذا المنظور يمكن تفسير لماذا تتشكل الميليشيات الشيعية تحت سمع وبصر الغرب، وكذلك كيف تقوم تركيا بتمويل الإرهاب والعمل بشكل دائم على أستقبال جمهور الحركات الإسلامية، حتى باتت هناك حالة خلط من قبل جمهور هذه الحركات بين الأهداف التي تقوم على صالح المسلمين اجمعين وبين مشروع الأمن القومى التركى القائم على ضرب بلاد المسلمين العرب لصالح مشروع حلف الناتو الذى يستهدف فقط انهاء اى وجود لاى من عناصر المقاومة ضد إسرائيل. أليس غريباً ان عملية تصفيه الإرهابى أبو سياف بعد يومين من اجتماع وزراء خارجية ومدراء أجهزة استخبارات حلف الناتو، ويبدو واضحاً أن حلف الناتو سيبدأ في عملية إعادة هيكلة واسعة لتنظيم داعش، وذلك باستخدام القوة لقتل مجموعات بعينها حتى يتثنى لأمريكاوتركيا التحكم بشكل شبه كامل فى التنظيم، خاصة مع تعدد مصادر الدعم التي يتلقاها التنظيم الارهابى. خاصة وأن تركيا كانت قد دبرت انقلاب داخل التنظيم منذ أشهر وتم الإعلان عنه، وهذا لا يعنى بأن داعش بكل مكوناتها ومصادر تمويلها لا تعمل لصالح امريكا وانما يعنى أن أمريكا ارادت الانفراد التركى بعملية صياغة اطار الحركة الذى تقوم به داعش. ولا شك أن الولاياتالمتحدةالامريكية ستسعى خلال الفترة القادمة الى انهاء لعبتها بالتخلص من داعش في سوريا لصالح قواتها التي يتم تدريبها تحت عنوان المعارضة المعتدلة والتي سيتم إدخالها قريبا على خط الصراع في سوريا، ويبدو واضحاً أن تركيا تجهز حالياً لإستخدام فلول داعش بعد انهاء دورها بسحبها داخل العراق في معارك السيطرة على مدينتي الرمادى، وبذلك تكون أمريكا نجحت في الحفاظ على نواة تنظيم داعش قبل انهاء دوره بعمليات قتل لبعض قادته حتى يتثنى لرجال تركيا السيطرة على مفاصل التنظيم تمهيدا لمرحلة هدوء التنظيم لفترة من الزمن مع إمكانية إعادة استخدامه بثوب جديد.