فى عيد العمال ننتظر الإجازة الرسمية، وخطبة الرئيس، وهتافات تطلب المنحة.. «المنحة يا ريس».. لا ندرى من يخطب فى عيد العمال القادم؟.. من هو الرئيس القادم؟.. من هو رئيس الحكومة الذى يدبر منحة عيد العمال؟.. من هى السيدة التى تزغرد فى عيد العمال ثم تصبح وزيرة؟.. من هو وزير المالية؟.. مضى علينا عيدان للعمال بلا رئيس.. هل يكون الرئيس القادم عسكرياً، أم مدنياً، أم إسلامياً؟! عيد العمال أصلاً عيد ثورى.. نشأ بعد ثورة عمالية، مشابهة لثورتنا فى ميدان التحرير.. انطلقت شرارته من مدينة شيكاغو فى أمريكا سنة 1886.. طالب العمال بتحديد ساعات العمل ب8 ساعات يومياً.. بدأ الإضراب يوم 1 مايو واستمر حتى 4 مايو بنجاح، وبشكل سلمى.. يوم 4 مايو طالب العمال بعقد اجتماع، ووافقت السلطات، حضره عمدة شيكاغو، واستمع لمطالب زعماء العمال المشروعة! ربما قال عمدة شيكاغو فى البداية: خليهم يتسلوا.. كان يراهن على الوقت.. كل المستبدين يفعلون ذلك.. وربما قال الفريق شفيق بتاع شيكاغو: نجيب لهم بونبون.. طال الوقت ونجح العمال، زهق مبارك شيكاغو، وأطلق عليهم حبيب العادلى.. فوجئ العمال برجال الشرطة وهم يفضون الاجتماع بالقوة.. حدثت فوضى عارمة.. فجأة تنفجر قنبلة، لا أحد يدرى من أين جاءت للميدان؟! ستعرفون أن السيناريوهات واحدة.. البوليس يرد بأسلحته النارية.. طبعاً تم القبض على العمال، وخرجت الصحف «الأهرام والأخبار والجمهورية وروزاليوسف» فى اليوم التالى وهى تتهم العمال.. اتهامات بالتخريب والفوضى، وتكدير السلم والأمن العام.. حبيب العادلى اشتغل بذمة.. امتلأت المعتقلات وهاص أمن الدولة.. بدأت المحاكمات.. لفقت الحكومة للعمال تهمة تفجير القنبلة، وصدر الحكم بالإعدام! الفارق كبير بين ما حدث فى التحرير وشيكاغو.. فى شيكاغو قبضوا على العمال، وكادوا يعدمونهم، فى التحرير قبضنا على العصابة الحاكمة.. مبارك وحبيب العادلى وطاقم الحكم كله.. مشرفين حالياً فى بورتو طرة.. المهم ظهرت براءة زعماء العمال.. استيقظ ضمير مدير البوليس بعد 11 سنة.. اعترف بأنهم كانوا وراء تفجير القنبلة.. أعيدت المحاكمة، وثبتت براءة العمال، ومن يومها وهو عيد عالمى! المستبدون يستهينون دائماً بأوجاع الغلابة.. إما أن يقبضوا عليهم، وإما أن يتركوهم فى العراء «يتسلوا».. الطريف أن مبارك بكل جبروته قال: خليهم يتسلوا.. الآن فى ميدان التحرير عربات اللب والسودانى رسمياً، لزوم التسالى.. لا أحد يسمع للمعتصمين.. ولا أحد يسمع للطلبات الفئوية.. يتعاملون مع العمال بمنطق عمدة شيكاغو.. مرة يقبضون على العمال، ومرة يفجرون القنبلة، ويتهمون الطرف الثالث! هل غيرت الثورة مفاهيم رجال الحكم؟.. هل الرئيس القادم يفهم أن الاعتصامات أو الإضرابات ليست للتسالى؟.. هل يعرف أننا فقسنا حكايات كثيرة مشابهة؟.. هل يسعى إلى الحكم لأنه خدمة للوطن وليس وجاهة؟.. أستغرب لماذا يقاتلون من أجل الحكم، بينما هناك رئيس فى السجن؟.. أتساءل: من هو الرئيس الذى يحضر عيد العمال القادم؟.. من الذى يصرف المنحة للعمال من جديد؟! بالتأكيد لا أريد المنحة، على طريقة مبارك والسيد راشد.. وبالتأكيد لا أريد الأمن على طريقة حبيب العادلى.. وبالتأكيد لا أريد الحكم على طريقة العسكر ولا الإخوان.. نريدها مدنية مدنية.. نريد رئيساً يسمع لشعبه، ويسهر على راحته.. لا يرى غضبه فرصة للتسالى.. فمن هو هذا الرئيس؟.. من الرئيس الذى يخطب فى عيد العمال المقبل؟! نقلا عن المصرى اليوم