- الرقابة أجازت الفيلم و لا يحق لأحد إيقافه - الفن له الحق فى تقديم ما يحلو بما لا يمس الأمن القومى و الدين - على الدولة التدخل بتقديم أعمال ترتقى بالذوق العام
بكل تأكيد السينما تحاكى الواقع و للمبدع سواء كان مؤلفا أو مخرجاً الحرية فى تقديم جزء من الخيال الذى تقوم عليه الدراما و ليس من الضرورى أن يلتزم بالواقع بحزافيره ، و لكن هل هناك حدود يتوقف عندها المبدع أو بمعنى أدق هل الفن يمتلك حرية تصوير و تعرية الآخرين؟ سؤال من الصعب الإجابة عنه ، و لكن بكل تأكيد الفن مرآة المجتمع فيكشف سلبياته و إيجابياته أيضا. المثير أن هناك أفلاماً تسبب حالة من الجدل الواسع وهو ما تحقق مع فيلم " جمهورية إمبابة " ، الذى يقوم ببطولته باسم سمرة و أحمد وفيق و علا غانم و تأليف مصطفى السبكى و إخراج أحمد البدرى ، حيث قامت مجموعة من أهالى إمبابة برفع دعوى قضائية على الفيلم مطالبين بوقف عرض الفيلم بحجة أنه يسئ الى أهل المنطقة ، و يظهرهم فى صورة سلبية وهى العنف و البلطجة و تجار مخدرات و دعارة. خيال الدراما بكل تأكيد عندما شرع صناع العمل فى تقديم فيلم عن منطقة إمبابة و ما يحدث فيها ، لم يكن فى حسبانهم الأساءة الى أهلى المنطقة ، ولكن هناك خطوط درامية يتم بناؤها حسب خيال المؤلف ، فضلا عن أن الفيلم به جزء من الخيال بمعنى أدق لا يرصد حال أهل المنطقة بشكل حقيقى أو موضوعى حتى يحق لأهلى المنطقة الاعتراض ، و كم من دعاوى قضائية تم رفعها ضد العديد من الأعمال الفنية بدعوى أن الفن يشوه رموز المجتمع و المهن المختلفة مثل الطبيب و الممرضة و مضيفة الطيران و غيرها من المهن ، و لكن تسفر هذه الدعوى عن لا شئ ، وهو ما يؤكد أن الفيلم له الحرية إلى حد كبير فى تقديم ما يراه مناسبا بعيدا عن الأمن القومى و الأديان و الجنس الصريح أو " البورنو ". المدهش فى الأمر أيضا أن فيلم " جمهورية إمبابة " أجازته الرقابة على المصنفات الفنية واضعة لافتة " للكبار فقط " ، و بالتالى فإن الرقابة تعد مرآة المجتمع التى ترى العمل الفنى بنظرة مجتمعية أيضاً ، و فى حالة ما إذا كان الفيلم يسئ لأى شخص أو منطقة بعينها كان المنع هو القرار الأقرب للرقابة ، و لكن هذا لم يتحقق لرؤيتها أن الفيلم يقدم دراما مختلفة و لا يسئ لأحد. نظرة خاصة و للإجابة على السؤال الذى سبق ذكره وهو هل الفن يمتلك حرية تصوير و تعرية الأخرين فهو سؤال محير لان من واجبات الفن أن يلقى الضوء على السلبيات حتى يمكن حلها و الاهتمام بها ، و فى نفس الوقت لابد أن يقدم النماذج الإيجابية و للفن وظيفة أخرى أن يرتقى بالذوق العام للمشاهد ، وعلى الرغم أن أى مبدع ضد الوصاية على العمل الفنى إلا أن هناك ضرورة أيضا لابد أن يتصدى لها المبدع بكل عناصره سواء مؤلفا أو مخرجا أو ممثلا أو منتجا إلا ينساق وراء الربح و المكسب المادى فقط ، مما تسبب ذلك فى وجود أعمال فنية تتدنى بالذوق العام . وهو ما يجب أن نعترف به أيضا حتى يمكن معالجته ، و أتصور حتى نعيد الأعمال التى ترتقى بالذوق العام لابد من عودة كبار الكتاب و المخرجين و المنتجين الذين أصابته حالة من الشلل المؤقت ، لأسباب متعددة منها حالة السوق السينمائى و الظروف السيلسية الصعبة فى الفتنرة الأخيرة. تدخل الدولة و من الحلول التى يجب أن نلجأ إليها التدخل الفورى للدولة من خلال إنتاج أعمال فنية ترتقى بالذوق العام ، و فى نفس الوقت تخاطب قطاع عريض من الجمهور ، فضلا عن الاستعانة بالعديد من الروايات الأدبية و التى يمكن تحويلها الى عمل سينمائى ، وهو ما يعطى للعمل الفنى ثقلا و رقيا وهو ما نفتقده أيضا ، و أتصور أن النجاح الذى فيلم " الفيل الأزرق " و الذى عرض العام الماضى ، و كان آخر الأعمال السينمائية التى قدمت من خلال عمل روائى يمثل دفع للمبدع فى تقديم المزيد من الأعمال و التى تخاطب أيضا شباك التذاكر.