أحمد مراد هو المصور الشخصي للرئيس السابق محمد حسني مبارك، وهو صاحب كتاب "الدوار" والذي أصبح الكتاب الأكثر مبيعا، والذي يتحدث فيه عن الفساد في مصر حيث دفعه غضبه من الأوضاع القائمة إلى كتابة هذا الكتاب. وترى صحيفة الأوبزرفر البريطانية أن طبيعة عمل مراد وعدم رضاه عن الأوضاع في مصر قد دفعتاه إلى أن يعيش حياة مزدوجة، فهو يقوم بعمله كل يوم في هدوء، حينما يوجه عدسته إلى مبارك، ويحدق في البؤس الذي ألحقه هذا الرجل الذي كان يناديه ب"سيدى الرئيس" ل80 مليون مصري. ويقول مراد: "إنه وبعد مرور خمس سنوات على عملي كمصور شخصي لمبارك، وقد بلغ عمري 29 عاما أصور كل شيء بداية من زيارات قادة العالم إلى اللقاءات العائلية، فقد شاهدت ما يكفى وكنت على استعداد للانفجار". وتشير الأوبزرفر إلى أن هذا الشعور تولد لديه عام 2007، أى قبل أربع سنوات على قيام الثورة التي أطاحت بمبارك، وبعد ثلاثين عاما من الديكتاتورية، وفى هذا الوقت كان الآلاف من العمال يقومون بالإضراب، والصحفيون يحتجون على عدم تلبية مطالبهم، لكن ميدان التحرير كان خاليا، وفى ظل مخاطر التعذيب والسجن التى تواجه من يمارسون الاحتجاج السياسى، لم يجد مراد متنفساً يعبر به عن غضبه سوى الكتابة. وكان نتاج هذه الكتابة هي رواية "الدوار" حيث تتناول جشع وفساد رجال الأعمال والسياسيين الذين حصلوا على ثرواتهم من استغلال الفقراء، وأصبحت هذه الرواية التى لم يسع مراد لنشرها من أكثر الكتب مبيعاً، والآن بعد ترجمتها إلى الإنجليزية، تحدث مراد ولأول مرة عن المشاعر التي ألهمته لكتابتها. وتصف الصحيفة على لسان مراد، مشاعره، حيث أنه كان على استعداد للانفجار لأنه كان يعيش حياة مزدوجة مثل دكتور جاكل ومستر هايد، ففي النهار، كان يمضى وقته في العمل مع حسنى مبارك الرجل الذي سحق أحلام المصريين لثلاثة عقود، وفى الليل كان يلتقي أصدقاءه الذى كانوا يلعنون مبارك ويتمنون اختفاءه، ويرى مراد أن ما كان يغضبه حقا هو انه لولا وجوده لاستطاع المصريون أن يحيوا حياة أفضل مما هم عليه بكثير. وتقول الصحيفة إن مراد لم يكن يتوقع أن تنشر روايته, ولكنه كتبها حتى لا يندم على أنه لم يعبر عما يفكر فيه ولما استطاع أن يسامح نفسه مطلقا، ويرى أن روايته تمثل عملاً ثوريا وواجبا وطنيا يحتمه عليه ضميره ليوقظ الشعب ليرى الحقيقة، ولكنه عندا انتهى من كتابة روايته لم يشعر بأنها على مستوى جيد وأنها حمقاءن ولكن شيرين زوجته هي التي شجعته ليحاول نشرها. وتبدو رواية "الدوار" تجسيد للواقع الذي يعيشه مراد فبطل الرواية ولد يوم عيد الحب فى 14 فبراير ويعمل مصورا، وورث المهنة من أبيه، واستطاع البطل أن يحصل على وظيفته فى القصر الرئاسي عن بواسطة إحدى أصدقاء أبيه. وبسؤاله عما إذا كان يرى مبارك شخصاً شريراً، أجاب مراد بأنه لا يؤمن بفكرة الشر المطلق، مشيرا إلى أن مبارك حاول أن يكون شخصا صالحا لكنه فشل وخسر سمعته وخسر احترام شعبه، ويكشف مراد النقاب عن أن مبارك لم يسئ معاملته على الإطلاق ولم يكن عنيفا معه، وأنه كان لطيفا بشكل عام، لكن كثيرين كانوا يقولون إنه كان عنيفاً مع خدمه ومستشاريه. ويرى مراد أن عمله كمصور للرئيس مبارك أفاده كثيرا فما شاهده كان دافعه إلى الكتابة , وهو الأمر الذي لم يجعله يقدم استقالته، حيث إن تخليه عن عمله لن يفيد البلاد ، كما أن أصدقاءه الذين تظاهروا في ميدان التحرير بعد ذلك لم يحثوه على الاستقالة، فالحصول على وظيفة في مصر أمر صعب للغاية ولم يكن أصدقاؤه يعتبرونه عميلاً بسبب طبيعة عمله. وتقول الصحيفة على لسان مراد إنه وبعد سقوط مبارك في 11 فبراير الماضي أصبح قادراً على الانضمام لأصدقائه في الاحتفالات بميدان التحرير، ليقولوا "مصر حرة". وبعد تسعة أشهر، فإن مراد لا يزال في القصر فى انتظار مجيء رئيس جديد، ومثل كثير من المصريين يخشى من أن يكون خلف مبارك مشابها له، فالمجلس العسكري لا يقدم شيئا يوحى بالثقة، لكن الطريق الطويل والصعب إلى الديمقراطية قد بدأ نظريا مع اقتراب الانتخابات البرلمانية. ويقول مراد إنه في نهاية هذا الشهر، سوف يصوت الشعب المصري في انتخابات برلمانية معقدة ومثيرة للشك، ولن تكون هناك انتخابات رئاسية حتى عام 2013 وحتى ذلك الحين يعتقد مراد أن النظام داخل كل منا، وليس فقط مبارك .