تحاول رئيسة الوزراء البريطانية، تيرايز ماي، البحث عن سبل لمواجهة تداعيات أزمة الخروج من الاتحاد الأوروبي؛ خشية تفكك مقاطعات المملكة المتحدة الأربع، حيث استقبلت، أمس الاثنين، نظراءها ل«ويلز واسكتلندا وأيرلندا الشمالية»؛ من أجل بحث خطط خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قبل بدء المفاوضات الرسمية مع التكتل العام المقبل، لكن ثمة مخاوف من تعميق الأزمة بسبب الخلافات بينهم. والتقت ماي برئيسة الوزراء الاسكتلندية، نيكولا ستورجن، والوزير الأول لويلز، كاروين جونز، والوزيرة الأولى لإيرلندا الشمالية، ارلين فوستر، ونائبها مارتن ماغينيس، لتكون المرة الأولى التي يلتقي فيها قادة المقاطعات الأربع المشكلة لبريطانيا. خلال اللقاء، قالت ماي: "وحدتنا أساس ازدهارنا، واستمراريتها ضرورة حيوية لتحقيق نجاحات مستقبلية"، واقترحت فتح خط مباشر مع وزير شؤون الخروج من الاتحاد الأوروبي، ديفيد ديفيس، الذي سيتولى رئاسة مجموعة مشتركة تضم ممثلين عن المقاطعات الأربع، وأضافت ماي: سيكون المنتدى الجديد مناسبة لكل طرف من أجل تقديم مقترحات للإفادة من الفرص التي يؤمنها البريكست وتطبيق القرار الديمقراطي للشعب البريطاني. اللقاء بين رئيسة الوزراء البريطانية ونظراءها في لندن شهد العديد من الشد والجذب، كما كان متوقعًا قبل بدء الاجتماع؛ حيث تعارض اسكتلندا وإيرلندا الشمالية الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، فيما تؤيد ويلز الخروج من الاتحاد على غرار بريطانيا، وفي الوقت نفسه، تسعى المقاطعات الأربع لضمان حق برلمانات مناطقهم في التصويت على خطة الحكومة للخروج من الاتحاد الأوروبي. من جانبها، أكدت الوزيرة الأولى الاسكتلندية، نيكولا ستورجن، أنها لن تقف مكتوفة اليدين وهي ترى بلادها تدفع إلى هاوية خروج صعب من الاتحاد الأوروبي، معربة عن شعورها بالإحباط من محادثاتها مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، وهددت الزعيمة القومية بإجراء استفتاء ثان على استقلال اسكتلندا، إذا منعت من الدخول إلى السوق الأوروبية المشتركة بعد خروج بريطانيا من التكتل. حاولت ماي طمأنة سكان ورؤساء المقاطعات الأربع، من خلال نفيها توجه بريطانيا نحو بريكست قاس، مؤكدة بأن خططها لضبط الهجرة لن تعرقل التوصل إلى اتفاق تجارة جيد مع الاتحاد الأوروبي، متابعة: "التحدث عن البريكست القاسي الذي ستجرّ الحكومة البلاد إليه، ليس صحيحًا ولا يوجد ما يؤشر على ذلك مطلقًا، سنكون طموحين فيما نسعى للحصول عليه، أي اتفاق تجارة جيد، وفي الوقت ذاته ضبط الهجرة". وفي السياق، حذر معهد الحكومة البريطاني في تقرير له، أمس الاثنين، من أن المملكة المتحدة ستواجه أزمة دستورية شاملة ما لم تتفق جميع الدول الأربع المكونة لها على خطة الخروج من الاتحاد الأوروبي، موضحا أن الحكومة رفضت اقتراحات تشير إلى حصول هذه المجالس على الكلمة الأخيرة فيما يتعلق بحزمة المفاوضات مع أوروبا، لكن المعهد حذر في الوقت نفسه من إجبار إسكتلندا وويلز وأيرلندا على قبول الاتفاق من الناحية القانونية، لأنها سيكون استراتيجية متهورة يمكن أن تؤدي إلى احتمال تفكك المملكة المتحدة، لافتا إلى أرضية مشتركة كبيرة بين هؤلاء القادة حول مستقبل المملكة المتحدة. ومن جانبه، حذر رئيس معهد إيفو الألماني الاقتصادي، كليمنس فوست، مما وصفه بالخروج الصعب لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وحث على اتباع سيناريو انتقالي بعد الخروج الرسمي، تستمر لمدة تصل حتى عشرة أعوام، حتى تتفادى بريطانيا الخروج المفاجئ من السوق الأوروبية الداخلية ولإتاحة الوقت لإبرام اتفاقيات جديدة، وتابع: "العلاقات بعيدة المدى بين البريطانيين والاتحاد الأوروبي سيتم تحديدها خلال الفترة التالية للمرحلة الانتقالية.. ويجب أن يسود المنطق الحذر بدلًا من الشجار في المفاوضات المتعلقة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".