عندما أطلق المحاور عمرو أديب خلال برنامجه مبادرة "الشعب يأمر" وكان يطلب من شركات الأغذية في مصر خفض أسعار السلع الغذائية، متحدثا بلهجة محذرة: "علينا أن نقف معا جميعا وإلا المجتمع سينهار، وأبواب الجحيم سوف تنفتح، والنار ستلتهمنا جميعا". الحكومة المصرية تسيطر على وسائل الإعلام، لذلك من المرجح أن تكون تلك المبادرة مدعومة رسميا. وبعد ذلك بيومين، أعلنت مجموعة من شركات الأغذية خفض الأسعار بنسبة تصل ل 20 % على عدد من منتجاتها. لكن المشكلة بالنسبة للرئيس عبد الفتاح السيسى هو أنه تحت ضغوط لاتخاذ قرارات اقتصادية كبرى سيكون لها تأثير عكسي تماما، حيث ستدفع تكلفة المعيشة إلى الارتفاع الحاد. أورد صندوق النقد الدولي ما يتعين على مصر القيام به للتصديق على قرض 12 مليار دولار، أهمها تحرير سعر الصرف وإلغاء الدعم. من جانبها، تقدم حكومة السيسى قرض صندوق النقد كدليل على أن مصر مستعدة للاستثمار مرة أخرى، بعد ست سنوات من الاضطرابات. ولكن تلك التدابير المقرر إجراؤها ستضيف إلى التضخم المرتفع بالفعل، مما يهدد بإثارة مزيد من الاضطرابات. وقال عمر الشنيطي، المدير التنفيذي لمجموعة مالتيبلز للاستثمار،: "هناك استياء عام من الأداء الاقتصادي للحكومة، وتم تقديم الكثير من الوعود دون أن تؤتي ثمارها"، مضيفا: أن "زيادة التضخم تضغط الناس بشكل لم يحدث من قبل". المظالم خطيرة وصل معدل التضخم في مصر 14% أو أكثر منذ يونيو، وهي مستويات لم يشهدها هذا العقد. هذا جزئيا بسبب قيمة الجنية المنهارة أمام الدولار. وقال الشنيطي إن "التدابير التي يدعمها صندوق النقد الدولي قد ترفع التضخم أكثر من 20%"، مما يثير الشكوك بين الجهات الفاعلة في النظام المصري حول جدوى التوقيع مع صندوق النقد". وأضاف أن "الأجهزة الأمنية للدولة قلقة من أن المظالم الاقتصادية سوف تندمج مع المظالم السياسية لجماعات معينة، وذلك يؤدي إلى الفوضى". عنق الزجاجة في مقابلة مع صحيفة الأهرام، قال الرئيس السيسي "نحن في طريقنا للخروج من عنق الزجاجة.. قرارات صعبة يجب اتخاذها وعلينا تحملها والتحلي بالصبر، وإن شاء الله، النتائج ستكون عظيمة". وقد أوعز الرئيس مرارا وتكرارا إلى المسؤولين بضمان عدم تأثر المواطنين الأكثر فقرا بجهود خفض العجز في الموازنة. لكن الاستياء لا يزال على نطاق واسع في الشارع المصري. قالت فاطمة محمد، ربة منزل (50 عاما)، من أمام سوبر ماركت: "إحنا على وشك التسول. دخلنا لا يكفي لإتمام الشهر". وبشأن مبادرة عمرو أديب، قللت من جدواها في خفض الأسعار قائلة: "الأسعار مستمرة في الارتفاع، ومش عارفين نعمل أيه". السوق السوداء قيمة الجنيه تنخفض في السوق السوداء بوتيرة متسارعة في الأسبوع الماضي، وذلك جزئيا بسبب توقعات خفض وشيك في قيمة العملة. وقال رئيس الوزراء شريف إسماعيل ل"بلومبرج" يوم الخميس أن مصر "تقترب من إتمام صفقة صندوق النقد" ، دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وكانت الموافقة المبدئية على القرض جاءت في أغسطس لكن هذا الشهر أشارت رئيس الصندوق، كريستين لاغارد، مباشرة إلى ضرورة تحرير سعر الصرف وتحركات الدعم لإتمام الاتفاق النهائي. هذا القرار الصعب قد يؤدي إلى زيادة الاستياء العام من الحكومة التي فرضت بالفعل ضريبة قيمة مضافة جديدة ورفعت أسعار الكهرباء. وبشأن مبادرة "الشعب يأمر" لتخفيض أسعار عدد من السلع الغذائية، تقول رضوى السويفي، رئيس قسم الأبحاث بشركة فاروس القابضة، : "التهرب من ضغط الرأي العام عن طريق خفض الأسعار على بعض المنتجات الأساسية التي لا يكون لها تأثير كبير عليهم". وأضافت "هم لا يستطيعون خفض الأسعار عبر محافظهم الاستثمارية.. هذه المبادرة مسكن، وقد لا يكون لها تأثير يذكر". ووفقا لرضا آغا، كبير الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا لدى" في.تي.بي كابيتال" في لندن، حتى لو أن السيسي ولاجارد يرون الأشياء بشكل مختلف، سيتم على الأرجح تنفيذ برنامج صندوق النقد. وفي الوقت نفسه لا يمكن السماح لمصر الدخول في حالة من الفوضى.