أسبوع ساخن يمضي على الأراضي الفلسطينيةالمحتلة، خاصة قطاع غزة؛ غارات واقتحامات وحملات اعتقال كثيفة وإطلاق نار عشوائي من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، في أشرس مواجهات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال منذ انتهاء حرب غزة الأخيرة، في محاولة جديدة لتغيير معادلات الرد، وفقًا لاستراتيجية وزير الدفاع الجديد، أفيجدرو ليبرمان. ارتكبت سلطات الاحتلال الإسرائيلية هذا الأسبوع جرائم لا تقل ضراوة نظيراتها خلال حرب غزة الأخيرة عام 2014؛ حيث بدأت المعارك بسقوط صاروخ على مستوطنة "سديروت" الصهيونية، تم إطلاقه من قطاع غزة، ورغم أنه لم يؤد إلى إصابات بشرية أو أضرار مادية، إلا أن السلطات الصهيونية اختارت أن تستخدمه كذريعة لمحاولة فرض معادلات جديدة في الرد على الخطوات الفلسطينية، فبعد أن كان إطلاق صاروخ من قطاع غزة على المستوطنات اليهودية يقابله إطلاق صاروخ أيضا على مناطق خالية في قطاع غزة، لينتهي الأمر عند هذا الحد، ظهرت هذه المرة استراتيجية جديدة أكثر تطرفا وإرهابًا تتماشي مع فكر ونهج وزير الحرب الجديد، أفيجدرو ليبرمان، أراد الاحتلال من خلالها إيصال رسالة للمقاومة الفلسطينية مفادها أن الرد لن يتساوي فيما بعد مع الفعل، بل سيكون أعنف وأقوى وأكثر إرهابًا. ردًا على القذيفة الصاروخية محلية الصنع التي أطلقتها أحد الفصائل الصغيرة في قطاع غزة على مستوطنة سديروت الصهيونية، تلبدت سماء القطاع منذ الأحد الماضي بالطائرات الصهيونية والغارات التي كسرت الصمت والهدوء النسبي المستمر منذ انتهاء حرب غزة في 2014، حيث عجل الجيش الإسرائيلي بإطلاق نيران المدفعية، فيما قصفت طائرات بدون طيار أهدافا لموقع كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، وفصائل أُخرى، وشن الطيران الحربي الإسرائيلي أكثر من 60 غارة جوية استهدفت عشرات الأهداف في قطاع غزة، ما أدى إلى إصابة خمسة الأشخاص وتدمير العديد من المنازل والأراضي الزراعية في بيت حانون وبيت لاهيا. وفي بيت لحم، اندلعت مواجهات في أماكن متفرقة من المدينة، الثلاثاء الماضي، أثناء توغل إسرائيلي عسكري واسع داخلها، أدى إلى إصابة سبعة شبان برصاص قوات الاحتلال، معظمها في منطقة القدمين، كما أصيب العشرات بالاختناق، جراء الإطلاق المكثف للقنابل المسيلة للدموع، وفي ذات التوقيت، كانت قوات الاحتلال الصهيوني تشن حملة اعتقالات كبيرة في مناطق قلقيلية وسلفيت والخليل، بالضفة الغربيةالمحتلة، ما أدى إلى اندلاع مواجهات أخرى مع شبان فلسطينيين، وفي القدسالمحتلة، جدد المستوطنون اقتحامهم لباحات المسجد الأقصى المبارك، تحت حراسة مشددة من قبل قوات العدو. نابلس لم تكن أقل سخونة من بيت لحم أو الخليل، فمن بوابة نابلس عادت عمليات المقاومة الفردية إلى الظهور من جديد، حيث قالت القناة العاشرة الإسرائيلية إن جنديًا إسرائيليًا أصيب أمس الأربعاء، جراء عملية طعن وقعت عند الشارع الالتفافي جنوبي مدينة نابلس شمال الضفة الغربيةالمحتلة، فيما استشهد منفذ العملية الأسير الفلسطيني المحرر، ساري محمد أبو غراب، برصاص جنود الاحتلال، وفي رواية مغايرة، ذكر موقع "والا" العبري، أن حجارة ألقيت على مجموعة من الإسرائيليين قريبًا من مفرق مستوطنة يتسهار الصهيونية، ولاحقت إثر ذلك دورية عسكرية المركبة التي رميت منها الحجارة، وأطلقت النيران باتجاهها ما أدى لاستشهاد أحد ركابها. يرى العديد من المراقبين أن موجه العنف التي اندلعت في قطاع غزة فجأة، سببها الرئيسي يكمن في سعى رئيس الدفاع الصهيوني الجديد إلى إثبات عكس ما يُحكى عنه في المجتمع الصهيوني، حيث يتهمه المتطرفون هناك بالضعف وعدم القدرة على مواجهة حركة حماس والتخوف من عمليات المقاومة الفردية منها والجماعية، الأمر الذي جعل ليبرمان ينتهز فرصة إطلاق قذيفة ليرد بشكل مبالغ فيه، ليثبت أنه وزير دفاع قوى وقادر على المواجهة والذهاب بمعادلات الرد إلى أبعد ما يمكن، لكن يكمن هنا سؤال مهم: إلى أين ستقود سياسة ليبرمان المتطرفة والمتهورة الكيان الصهيوني، فهل يمكن أن تكون سببًا في اندلاع حرب جديدة رغم عدم وجود رغبة حالية لدى رئيس الوزراء الصهيوني، بنيامين نتنياهو، في التصعيد؟ أم أنها مجرد محاولة لجس نبض فصائل المقاومة أو تخويفها من أي مواجهة مقبلة؟ رد فصائل المقاومة على العنف الصهيوني غير المبرر جاء سريعًا؛ حيث حملت حركتا حماس والجهاد الإسلامي الاحتلال مسؤولية التصعيد، وأعلنت وزارة الداخلية في قطاع غزة، أنه رغم الهدوء الذي يسود القطاع بعد سلسلة الغارات والقصف المدفعي الإسرائيلي، إلا أن الأمور تبقى مفتوحة، وأشارت إلى أنها تتابع التوافقات الميدانية مع الفصائل الفلسطينية، مؤكدة أنه في حال توافقت فصائل المقاومة على الرد على العدوان الإسرائيلي فهذا حق طبيعي ومكفول، واعتبرت اعتداء الاحتلال على القطاع تطورًا خطيرًا يتحمل تبعاته، فيما أكدت أن ردها سيكون في العمق إذا تم إفشال التهدئة. من جهتها، حذرت كتائب المقاومة الوطنية، الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، جيش الاحتلال من مواصلة عدوانه على غزة، وطالبت بضرورة تشكيل غرفة عمليات موحدة بين فصائل المقاومة للتعامل مع أي عدوان على القطاع.