أفاد بيان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء بارتفاع معدل التضخم الشهري خلال يونيو الماضي بنسبة 0.8%، مسجلًا 14.8% مقارنة بيونيو 2015، مما يعد ارتفاع الرقم القياسي للأسعار ووصوله إلى أعلى معدلات التضخم في العالم، من جانبها ناقشت «البديل» أسباب ارتفاع التضخم التي ظهرت واضحة خلال الفترة الماضية، والحلول التي من الممكن الاستعانة بها لخروج الحالة الاقتصادية من أزمة التضخم ومواجهة الأزمة التي تتزايد يوما عن يوم، فيما رأى أحد الخبراء أن من أسباب ارتفاع التضخم انخفاض الجنيه المصري أمام العملات الأجنبية، في ظل عجز الميزانية العامة للدولة. وتوقع البعض ارتفاع التضخم خلال الفترة المقبلة؛ بسبب اتجاه الدولة نحو المشاريع الخدمية وافتقارها المشاريع الإنتاجية، بحسب الدكتور رائد سلامة الخبير الاقتصادي، وأضاف أنها ستتوالى كما حذرنا منها بشدة، لكن لم يلتفت أحد إلى نصائحنا لسد فجوة العجز الاقتصادي، مشيرًا إلى أن الأزمة ليست في غياب الرؤية للسيطرة على التضخم وكبح جماحه وإخضاعه، لكنها صارت في التعامل معه باعتباره أمرًا واقعًا. وأشار الدكتور زهدي الشامي، الخبير الاقتصادي، إلى أن تزايد معدل التضخم في مصر بهذه الدرجة المخيفة له أسباب متعددة، منها العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة والذي تلجأ الحكومة معه إلى الاقتراض سواء الداخلي أو الخارجي، مما رفع إجمالي الدين العام وفقًا لآخر البيانات الصادرة عن البنك المركزي إلى 2.968 تريليون جنيه، وهو ما يعادل تقريبًا 104% من الناتج المحلى الإجمالي. وأكد الشامي أن السبب الثاني للتضخم هو ارتفاع سعر صرف الدولار، وانخفاض سعر صرف الجنيه المصري، فقد ارتفع السعر الرسمي لصرف الدولار في الأعوام الثلاثة الماضية بمقدار نحو 30%، وارتفع في السوق السوداء بمعدل يصل إلى ضعف ذلك، وينعكس ذلك بشكل ملموس على الأسعار، حيث إن فاتورة الواردات ضخمة وتتجاوز 60 مليار دولار، موضحًا أن السبب الثالث لزيادة الأسعار هو انتهاج سياسة اقتصاد السوق العشوائية، التي سمحت الممارسات الاحتكارية في كل القطاعات. وأضاف أن العامل المؤثر في زيادة معدلات التضخم، هو الشروع في تنفيذ مشروعات ضخمة غير مدروسة جيدًا للبنية التحتية والعقارات، وهي ذات طبيعة غير منتجة عمومًا، ومن شأنها أن تزيد الإنفاق بدرجة كبيرة دون أن يقابل ذلك تزايد مكافئ في الناتج المحلي الحقيقي، ومثل هذا الإنفاق بالضرورة هو له طبيعة تضخميه. ورأى أن الحل في مواجهة جذور المشكلة بتخفيض عجز الموازنة العامة، على أن يكون ذلك بإلغاء الأنفاق الحكومي غير الضروري، وليس الأنفاق الاجتماعي، ومن ذلك إخضاع الصناديق الخاصة للموازنة، وإلغاء الدعم للمستثمرين والمصدرين، وانتهاج الضرائب التصاعدية، والتطبيق الحازم للحد الأقصى للأجور مع ترشيد الاستيراد، ووقف الواردات غير الضرورية، والتوقف عن الترويج لما يسمونه سياسات مرنة لسعر الصرف، ووضع تشريعات حازمة لمواجهة الاحتكار، ومراجعة مشروعات البنية التحتية والتوسعات العقارية غير المنتجة، وإعطاء الأولوية القصوى لتشغيل الطاقات العاطلة في القطاعين العام والخاص. ويقول الدكتور عادل عامر، رئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والاقتصادية، أن نشأ التضخم بسبب التوسع الكبير في الإنفاق الحكومي مع ثبات مفاجئ في عائدات الدخل القومي، مما أدى إلى حدوث عجز شديد في الميزانية العامة للدولة، فاتخذت التدابير العاجلة بوضع برنامج الإصلاح المالي الذي ركز على إزالة سبب التضخم وهو زيادة المصروفات عن الإيرادات. وأضاف عامر أنه ظهر لدينا التضخم بنوعية تضخم الطلب وتضخم الجهل والوعي الاستثماري لدى السواد الأعظم من المتداولين، أما من ناحية السيطرة على التضخم بدأت إشارات معالجة ما بعده من زيادة الإنفاق الحكومي وسك النقود، وستعاد التسهيلات مرة أخرى وقد استخدمت استخدامًا مقننًا، ظهر جليًّا في تغطية اكتتاب كيان، ويحدث لأسباب متعددة، منها الزيادة السكانية، حيث تزداد احتياجات سكان دولة ما، فتضطر الدولة إلى إصدار نقود بلا غطاء من إنتاج أو احتياطي نقدي أجنبي أو ذهب، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار، موضحًا أن الزيادة في قيمة الفوائد النقدية عن قيمتها الإنتاجية أو الحقيقية من أحد أكبر أسباب التضخم.