معركة جديدة وفاصلة تدخلها القوات العراقية، بعد تمهيدات كبيرة وإجراءات، اتخذتها الحكومة العراقية في سبيل إنجاح هذه المعركة، حيث تعتبر "معركة تحرير الفلوجة" خطوة مهمة وكبيرة على طريق تحرير العراق من تنظيم داعش الإرهابي. ومع بداية العملية وتحقيق القوات العراقية لانتصارات سريعه وانهيار صفوف المسلحين، بدأت صرخات عناصر التنظيم الإرهابي وعويلهم تبلغ عنان السماء، فبادروا باتخاذ خطوات؛ في محاولة للحفاظ على آخر ما تبقى لهم، في مشهد يوحي بأن التنظيم يلفظ أنفاسه الأخيرة. الطريق إلى تحرير الفلوجة أكد وزير الدفاع العراقي، خالد العبيدي، وجود انكسار كبير لدى داعش في الفلوجة، مشيرًا الى أن هذه الجماعة الارهابية تخلت عن الكثير من استراتيجياتها، منها مسك الأرض، وأضاف العبيدي أن القوات المسلحة قادرة على تحقيق أهدافها حسب الخطة. في ذات الإطار أعلنت القوات العراقية تطهير كافة الطرق والقرى الممتدة من مدينة الكرمة وحتى مدخل الفلوجة من جماعة "داعش" الإرهابية، وتمركزت القوات قريبًا من جسر السجر شمالي الفلوجة، بعد أن حررت جسر التفاحة، ودخلت حي النعيمية جنوبي الفلوجة، ووصلت إلى مداخلها الشرقية، كما تم تحرير قرى البوسيت والبوعودة و السجر وجميلة والصينية وقرية عبادة والبوحديد الناصر والشهابي والكبيسات والبوعبيد والليفية، فضلًا عن قرية البوناصر وتحرير الكرمة ومعمل الأسمنت والمعمل الأزرق، إضافة إلى رفع العلم العراقي على المجلس البلدي لناحية الكرمة. هذا وأعلنت القوات العراقية المشتركة بدء المرحلة الثانية من عملية تحرير مدينة الفلوجة من "داعش"، حيث قال مسؤولون في الحشد الشعبي إنه بعد تحرير أكثر من 10 قرى وبلدات في محيط الفلوجة، وتطهير منطقة جميلة والبوعودة، اقتربت القوات العراقية والحشد من إحكام الطوق على مدينة الفلوجة؛ لتحريرها تمامًا. تأتي هذه الانتصارات للجيش العراقي والقوات المساندة له في الوقت الذي شهدت فيه صفوف عناصر تنظيم داعش الإرهابي انهيارات كبيرة وسريعة، فبعد ساعات من دخول القوات العراقية المشتركة مدينة الفلوجة وتحرير مناطق فيها، انسحب العديد من العناصر مُخلفة وراءها مئات القتلى والجرحي، حيث أكدت المصادر أن خسائر داعش خلال اليوم الأول للعملية كانت جسيمة، فقد قتل ما يقرب من 200 عنصر وقيادي في معارك تحرير الكرمة وحدها، بينهم الوالي والقائد العسكري للأنبار المدعو "أبو طارق العسكري"، فضلًا عن تدمير عدد كبير من الآليات التي استخدمها خلال المعارك، بينها سيارات مفخخة جرى تدميرها قبل وصولها إلى أهدافها. وأكد قائد الشرطة الاتحادية العراقية، الفريق رائد شاكر جودت، هروب الكثير من عناصر التنظيم من المدينة، مشيرًا إلى أن أكثر من 80 في المائة من قتلى داعش أجانب. الفلوجة.. خسارة فادحة لداعش تعتبر خسارة تنظيم داعش لمدينة الفلوجة، الواقعة على بعد نحو 60 كيلومترًا من العاصمة العراقيةبغداد، ضربة قاصمة للتنظيم الذي مُنِيَ خلال الفترة الأخيرة بالعديد من الخسائر المادية والبشرية، حيث تُعد مدينة الفلوجة المعقل الرئيسي لجماعة "داعش" في الأنبار، فقد سيطر التنظيم المتطرف على هذه المدينة منذ نهاية عام 2013، وفرض الإقامة الجبرية على أهالي المدينة، ومنع خروجهم منها، واستخدمهم كدروع بشرية. داعش يلفظ أنفاسه الأخيرة كشفت صحيفة الإندبندنت البريطانية عن نشر تنظيم داعش "فرق الموت"، بالتزامن مع تقدم القوات العراقية المشتركة نحو معقله في الفلوجة؛ وذلك ليقوموا بتنفيذ عمليات إعدام بحق كل شخص يحاول الفرار أو الاستسلام. وأضافت الصحيفة أنه ظهر في شوارع المدينة خلال الساعات الماضية مئات من عناصر "داعش" الذين يقولون إن لديهم أوامر بإعدام أي شخص يحاول الفرار، أو يضع علمًا أبيض فوق منزله، أو يلوح به، بعدما كان الجيش العراقي قد حض سكان الفلوجة على مغادرتها، أو رفع العلم الأبيض فوق منازلهم، والابتعاد عن مواقع داعش. في ذات الإطار تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صورة الوثائق الصادرة باسم "دولة الخلافة الإسلامية – ولاية الفلوجة"، والتي دعا فيها التنظيم أنصاره للتجهز إلى المعركة من خلال "تفخيخ البيوت والدوائر والمساجد وتفجيرها، وتصويرها ونشرها على أنها أعمال انتقامية من أهل السنة، كما وجه عناصره إلى ارتداء ملابس مشابهة لما يرتديه الحشد الشعبي والقيام بقتل المساجين الموجودين في ولاية الفلوجة وتصويرها ونشرها"، كما دعا التنظيم عناصره للاستعداد لنقل عوائل المجاهدين إلى أماكن أكثر أمنًا خارج ولاية الفلوجة. مشاركة الحشد الشعبي تشارك في عملية تحرير الفلوجة قوات متعددة، أبرزها قوات الشرطة الاتحادية التابعة لوزارة الداخلية العراقية بعشرين ألف مقاتل، وقوات مكافحة الإرهاب، وهي من قوات النخبة العراقية المسماة بالفرقة الذهبية، وقوات الحشد العشائري من أبناء العشائر الأنبارية، وقوات الحشد الشعبي المختلفة، إضافة لطيران الجيش العراقي مدعومًا بقوات التحالف. وعند انطلاق عملية تحرير الفلوجة، أكد الأمين العام لمنظمة بدر، القيادي في الحشد الشعبي، هادي العامري، أن الحشد لن يكون ضمن القوات التي ستدخل المدينة، مشيرًا إلى أن مهمة الحشد الشعبي تقتصر على تطويق المدينة، شرط أن يأتمر بأوامر القيادات الأمنية والعسكرية، وأضاف أن "قوات الحشد لا تدخل المدن التي يتم تحريرها، هذه سياستنا في عمليات كل المناطق"، موضحًا أن دخول أي مدينة يكون عندما تعجز الأجهزة الأمنية عن تطهيرها، وأن قرارهم ألا يدخلوا الفلوجة. وعلى الرغم من اقتصار مهمة الحشد الشعبي على تطويق المدينة، حاولت العديد من القوى الدولية وعلى رأسها أمريكا عرقلة عملية التحرير؛ استجابة لاستغاثات التنظيم الإرهابي، حيث سعت العديد من وسائل الإعلام إلى الترويج لأنباء توحي باستخدام بعض القوات العراقية المشاركة في العمليات، خاصة الحشد الشعبي، ممارسات عنيفة وطائفية وانتقامية بحق أهالي المدينة، وهو ما يشبه الحرب النفسية التي تشنها القوى الدولية الداعمة لداعش، والتي تصب في صالح التنظيم، وكانت أمريكا القائد الأول لمحاولات تشويه الملحمة الشعبية الجارية في مدينة الفلوجة، حيث هدد الأمريكيون بقصف قوات الحشد الشعبي، إذا وجدوها تتقدم على قوات الجيش خلال المواجهات والمعارك. على عكس المحاولات الأمريكية لالتقليل من جهود الحشد الشعبي في المعركة، جاء موقف رئيس الوزراء العراقي داعمًا لجهود هذه القوات، حيث أبلغ رئيس الوزراء، حيدر العبادي، سفراء الدول الإسلامية المعتمدين في العراق، أهمية الابتعاد عن أي تصعيد طائفي، وأوضح أن الحشد الشعبي براء من كل من يتحدث بلغة طائفية، وتابع العبادي قائلًا "نحن على خط النار، والعدو يحاول إثارة الفتنة الطائفية، ويجب ألا نسمح له"، وأوضح أن "الحشد الشعبي مؤسسة تابعة للدولة وتحت قيادة القائد العام للقوات المسلحة، وتمويله من الحكومة، والحشد الشعبي براء من كل من يتحدث بلغة طائفية، وهو أمر مدان من قبلنا".