بعدما ابتعد رئيس وزراء تركيا المستقيل، أحمد داوود أوغلو، مهندس اتفاق اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي، عن المشهد السياسي، بدأت الخلافات الأوروبية التركية تظهر على السطح مجددا، فخلال الوقت الذي أعلنت فيه المفوضية الأوروبية أنها ستنظر في طلب تركيا لإعفاء مواطنيها من اتفاقية "شينجن" الخاصة بحرية التنقل بين الدول الأوروبية، يظهر في الأفق ملامح رفض أوروبي لهذا الطلب. وكانت تركيا والاتحاد الأوروبي توصلا إلى اتفاق في مارس الماضي، يقلل من تدفق حركة اللاجئين السوريين إلى أوروبا، وفي المقابل يفتح الاتفاق الباب للمفاوضات بانضمام انقرة إلى الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى إعفاء مواطنيها من تاشيرة دخول دول الاتحاد الأوروبي استناد إلى اتفاقية شينجن، إلا أن البرلمان الأوروبي اشترط في وقت سابق بتعديل قوانين الإرهاب في تركيا كشرط لبدء النقاش حول هذا المقترح. وقال مسؤولون بالبرلمان الأوروبي، الثلاثاء الماضي، إن البرلمان الأوروبي لن يناقش مقترح إعفاء مواطني تركيا من الحصول على تأشيرات عند دخول دول الاتحاد الأوروبي إلى أن تعدل أنقرة قوانين الإرهاب، في إشارة إلى أن عدم التزام انقرة بتعديل قوانين الإرهاب قد ينسف الاتفاق المبرم بأكمله بين الاتحاد الأوروبي وتركيا لوقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا. وأكدت تركيا أن إعفاء مواطنيها من التأشيرات عند دخول دول الاتحاد الأوروبي هو أمر مهم جدًا في الاتفاق ولن تتنازل عنه، لكن قادة الكتل السياسية في البرلمان الأوروبي أصدروا بيان، الأربعاء الماضي، يفيد أنهم لن يبحثوا هذا الأمر قبل تسلم ضمان مكتوب من أنقره بتلبية جميع الشروط خاصة المتعلقة بوضع حقوق الإنسان وعددها 72 معيارا. وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أثار حفيظة أعضاء البرلمان الأوروبي عندما رفض، الجمعة الماضية، أي تضييق لمفهوم الإرهاب في بلاده، والذي يقول المنتقدون إنه يستغل لاتخاذ إجراءات صارمة ضد المعارضين السياسيين والصحفيين المنتقدين للحكومة. وفي تعليق لأردوغان هدد الرئيس التركي الاتحاد الأوروبي، بأن عدم إعفاء الأتراك من تأشيرات الدخول إلى فضاء شينجن بحلول أكتوبر القادم على أبعد تقدير سيؤدي إلى انهيار الاتفاق، وقال أردوغان، إن الوعد الذي قطعوه يتعلق بشهر أكتوبر خلال العام الجاري، مضيفا، آمل أن يفوا بوعدهم وأن ينهوا هذه المسألة في أكتوبر على أبعد تقدير. وتناولت الصحافة البريطانية هذا الخلاف مؤكدة أن خروج رئيس الوزراء التركي، من مجلس الوزراء بهذه الطريقة عجل من الصدام بين أنقرة والاتحاد، حيث يمتاز أوغلو بالدبلوماسية وله علاقات وثيقة بدول الاتحاد، ونشرت صحيفة الجارديان البريطانية، تقريرًا عن علاقة تركيا مع الاتحاد الأوروبي، بعنوان "أردوغان للاتحادالأوروبي: سنذهب في طريقنا وأنتم أيضا ستذهبون في طريقكم"، في إشارة إلى التصادم التركي الأوروبي في هذه المرحلة. وقال التقرير إن الاتفاق على إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي بات على شفا الانهيار في الفترة الأخيرة، بعد إصرار الرئيس التركي على عدم تغيير قوانين بلاده الخاصة بمكافحة الإرهاب، متابعًا التقرير، أن استقالة داود أوغلو، الذي وصفه التقرير بأنه مهندس الاتفاق بين تركيا والاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين، قد تفتح التوقعات بأن الاتفاق قد ينهار، وينقل التقرير عن نوربرت روتجين، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان الألماني، قوله إن مغادرة داود أوغلو كانت خبرا سيئا لأوروبا وتركيا أيضا. وفي ضوء هذا التصادم أعلنت المتحدثة باسم فديريكا موجيرينى، المفوض الأعلى للسياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبى، الثلاثاء الماضي، أن تركيا والاتحاد الأوروبي اتفقوا على إلغاء الاجتماع الذى كان من المقرر أن يعقد بين الطرفين بشأن المفاوضات على «صفقة اللاجئيين». من جانبه شدد وزير خارجية فرنسا، جون مارك إيرولت، على ضرورة التزام تركيا بالمعايير الأوروبية لإعفاء رعاياها من تأشيرة الدخول إلى «فضاء شنغن»، وحذر إيرولت – في تصريح لإذاعة «أر تي ال» اليوم الاثنين – من أنه طالما تركيا لم تلتزم بكل الشروط المطلوبة وعددها 72 معيارا فأن انقرة لم يعفى مواطنيها من التأشيرة.