في ظل التوتر القائم بقطاع غزة والتحرك الدولي لوضع حل للقضية الفلسطينية، يزور الرئيس الفلسطيني محمود عباس القاهرة للمرة الحادية عشر منذ استلام الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم. وتعددت الزيارات الرئاسية الفلسطينية إلى القاهرة مؤخرًا، في محاولة لتحريك المياة الراكدة في تحقيق المصالحة بين حركتي فتح وحماس وعدد من القضايا ذات الاهتمام الثنائي. المبادرة الفرنسية أهم ما يدور في الأوساط الفلسطينية في الفترة الأخيرة على الصعيد الدولي والمحلي هي المبادرة الفرنسية، ومدى قدرتها للوصول إلى حل أو تسوية للصراع الدائر بين الاحتلال الصهيوني والدولة الفلسطينية، ففي الوقت الذي أكد كثيرون أن المبادرة ولدت ميتة كونها لم تحقق أي تقدم يذكر منذ طرحها بنحو عام إلَّا أنها بحسب المراقبين ستشكل ملفًّا مهمًّا للمباحثات بين أبو مازن والسيسي، في ظل تمسك القيادة الفلسطينية بأي خيط رفيع يعيد الكيان للمفاوضات وينهي حالة الجمود المستمرة منذ أعوام. وتطرح فرنسا في ضوء المبادرة الفرنسية عقد مؤتمر دولي للسلام يمهد لاستئناف مفاوضات التسوية بين الفلسطينيين وإسرائيل وتحريك قطار السلام المتعثر منذ سنوات، بفضل السياسات المتطرفة لحكومة رئيس الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو، واستمرارها في التوسع في الاستيطان بشكل يقطع الطريق على وجود دولة فلسطينية. المصالحة الفلسطينية ومن المؤكد أن ملف المصالحة بين حركتي فتح وحماس سيكون ضمن أولويات محادثات أبو مازن والسيسي، تلك القضية التي بات الفلسطينيون يعانون منها الأمرَّين، خاصة بعد تعدد الجلسات بالدوحة بدون أي تطور إيجابي بها، وتسبب تعثر الجهود القطرية وعدم تحقيقها النجاحات المرجوة، في استمرار حركة الشقاق بين الطرفين، بشكل يراه المراقبون شديد الصعوبة، مما يضعف التأييد العالمي للقضية. وطالب أبو مازن بالتدخل لدى حماس بغرض دفعها للمضي قدمًا في ملف المصالحة، في ظل تحسن العلاقات المصرية معها خلال الفترة الأخيرة، ولدى حكومة المملكة العربية السعودية لتوظيف نفوذها على حماس للتعاطي بإيجابية مع ملف المصالحة. مصر ومجلس الأمن يسعي أبو مازن أيضًا خلال الزيارة إلى استغلال رئاسة مصر لمجلس الأمن خلال شهر مايو؛ للعمل على عرض القضية الفلسطينية على المجلس مجددًا، خصوصًا أن الفيتو الأمريكي لعب دورًا من قبل في عرقلة محاولة فلسطينية مماثلة، في ظل التعنت الإسرائيلي وضرب حكومة نتنياهو الاتفاقيات الدولية عرض الحائط. في ضوء ذلك، عقد مجلس الأمن جلسة مهمة، السبت، تحت رعاية الرئاسة المصرية؛ لمناقشة موضوع توفير الحماية للشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال، وهو الاجتماع الذي دعت إليه مصر تنفيذًا للمطلب الفلسطيني العربي، واستهدف تسليط الضوء على المعاناة التي يواجهها أبناء الشعب الفلسطيني بصفة يومية تحت الاحتلال، ومسؤولية المتجتمع الدولي ومجلس الأمن في توفير الحماية له، والأطر القانونية والعملية المختلفة لتوفير تلك الحماية. انشغال القمة العربية عن القضية الفلسطينية ويبحث أبو مازن خلال الزيارة إيجاد موقف عربي موحد من خلال القمة العربية المقبلة، المقرر عقدها في العاصمة الموريتانية نواكشوط، حيث سيكون هذا الطلب بحسب المتابعين والمراقبين للزيارة على رأس مفاوضات الرئيس أبو مازن في القاهرة، حيث تراهن السلطة الوطنية الفلسطينية على تأمين دعم عربي لعودتها المتوقعة لعرض القضية الفلسطينية على مجلس الأمن مجددًا، إلَّا أن تراجع الاهتمام الدولي وانشغال الدول العربية بمشكلاتها الداخلية أو الإقليمية سواء مصر أو دول أخرى كبرى، جعل القضية تتراجع لمستويات غير مسبوقة في سلم الاهتمامات العربية.