صادق مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة بأغلبية الأعضاء على مشروع قانون يحدد «القائمة السوداء» للشركات الدولية التي تتعامل بشكل مباشر أو غير مباشر مع المستوطنات الإسرائيلية بالضفة والقدسالشرقية ومرتفعات الجولان، حيث صوّتت 32 دولة لصالح مشروع القرار، فيما امتنعت 15 دولة عن التصويت ولم تعارض القرار أي دولة رغم الضغوط الكبيرة التي مارستها الولاياتالمتحدة وإسرائيل وبريطانيا لمنع المضي قدمًا في القرار الفلسطيني. ما يتضمنه القرار يتضمن القرار شجبًا للمستوطنات، ويقول إنها غير قانونية حسب القانون الدولي، ويدعو دول العالم إلى الامتناع عن منح المساعدة للمستوطنات وتحذير الشركات ورجال الأعمال من عقد الصفقات في المستوطنات. كما يتضمن دعوة الشركات الدولية للامتناع عن إبرام صفقات مع المستوطنات. الجانب الأهم في مشروع القرار، الذي يثير التخوف الشديد لدى الكيان الصهيوني، هو البند 17 الذي يدعو الأممالمتحدة إلى إعداد «بنك معلومات» عن كل الشركات التجارية المشاركة في نشاطات بالمستوطنات ويتم تعديله في كل سنة، والنشاط المقصود ليس فقط البناء في المستوطنات بل وتوريد مواد وعتاد البناء، عتاد المتابعة لجدار الفصل، عتاد هدم المنازل، عتاد الحراسة أو الخدمات المالية والمصرفية التي تساعد المستوطنات، بما في ذلك القروض لشراء المنازل. موقف الكيان الصهيوني انتقد الكيان الصهيوني مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لتبنيه إجراء يدعو إلى وضع قاعدة بيانات للشركات المتورطة في أنشطة بالضفة الغربيةالمحتلة. ووصف سفير إسرائيل لدى الأممالمتحدة داني دانون قاعدة البيانات بأنها «قائمة سوداء» وقال: إن مجلس حقوق الإنسان يتصرف «بهوس» ضد إسرائيل. القرار أصاب الكيان الصهيوني بالإحباط، خاصة أن إسرائيل حاولت في الأسابيع الأخيرة إحباط مشروع القرار كله أو على الأقل شطب البند 17 منه، حيث تم إصدار تعليمات للسفراء الإسرائيليين لنقل رسائل على أعلى المستويات بأن تل أبيب ترغب في الاعتراض على هذا القرار. وعقب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على القرار بالقول «تحول مجلس حقوق الإنسان الأممي إلى سيرك معادي لإسرائيل يهاجم الدولة الديموقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط ويتجاهل الانتهاكات السافرة التي ترتكبها كل من إيران وسوريا وكوريا الشمالية»، ودعا نتنياهو «الحكومات المسؤولة إلى عدم احترام قرارات مجلس حقوق الإنسان التي تميز ضد إسرائيل»، على حد زعمه. وشنت الأحزاب في الائتلاف الحكومي وخارجه هجومًا عنيفًا على مجلس حقوق الإنسان، الذي وصفه زعيم حزب هناك مستقبل يائير لابيد بأنه أصبح «مجلسًا لدعم الإرهاب»، معتبرًا أن القرار خطير جدًّا من منظمة فقدت شرعيتها. جهود الدبلوماسية الفلسطينية لترويج القرار مشروع القرار جاء بمبادرة فلسطينية ودعم مصري وباكستاني وبعض الدول العربية والإسلامية، وتوّج القرار نظرًا لجهود الدبلوماسية الفلسطينية التي لعبت دورًا كبيرًا لانتزاعه، خاصة أن إسرائيل والولاياتالمتحدة كانتا قد بذلتا جهودًا دبلوماسية لمنع التقدم في القرار، وكانت صحيفة هآرتس ذكرت في وقت سابق، أن السلطة الفلسطينية رفضت ضغوطًا شديدة من الولاياتالمتحدة والكيان الصهيوني وبعض الدول الأوروبية لسحب القرار، وتابعت هآرتس أنه في فترة ما بعد الظهر دعا وزير الخارجية جون كيري الرئيس محمود عباس لمنع تمرير القرار أو على الأقل التخفيف من نصه، وهذا لم يحدث. موقف أبو مازن انعكس جليًّا على تحركات البعثة الفلسطينية المتواجدة في جنيف، التي انخرطت في مفاوضات جدية مع جميع الأطراف والدول الأعضاء من أجل اطلاعهم على الاستراتيجية الفلسطينية، حيث تم صياغة وتطوير القرارات الفلسطينية بما ينسجم مع أهداف المرحلة المقبلة للاستراتيجية الفلسطينية في مساءلة الاحتلال ومحاسبة مجرميه على جرائمهم التي يرتكبونها بشكل يومي بحق أبناء الشعب الفلسطيني، بما فيها من خلال تجفيف مستنقع الاحتلال ومنظومته المتمثلة بالاستيطان. الانتصار الدبلوماسي الفلسطيني دفع وزير الخارجية الفلسطيني نور المالكي لشكر الدول الشقيقة والصديقة، والأعضاء، من خلال بعثة دولة فلسطين في جنيف، على دورها وتصويتها لصالح القرارات وإجماعها على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، بما يشكل دعمًا لتجسيد مبادئ القانون الدولي، الذي يؤكد على حل الدولتين، وتجسيد دولة فلسطين المستقلة، وإدانة ورفض ممارسات وإرهاب المستوطنين وسياسة الاستيطان، وبناء جدار الضم والفصل العنصري، والاعتقال التعسفي، والعقاب الجماعي، والإعدامات الميدانية، وتهويد القدس، والتهجير القسري للمواطنين الفلسطينيين، وحصار قطاع غزة، وغيرها من انتهاكات الاحتلال المنهجية والنمطية لحقوق الإنسان. وطالب الدول التي امتنعت عن التصويت بمراجعة مواقفها وأن تنحاز لمبادئها، كي لا يستخدم الكيان الصهيوني، السلطة القائمة بالاحتلال، هذا الامتناع كغطاء جديد لجرائمه ضد الشعب الفلسطيني. ويرى مراقبون أن مجلس حقوق الإنسان قدم الحد الأدنى من مستحقات الشعب الفلسطيني، وأن تمرير المجلس للقائمة السوداء، ما هو إلَّا لذر الرماد في العيون، ففي الوقت الذي كان ينظر فيه مجلس حقوق الإنسان في هذه القرارات شاهد العالم الجريمة البشعة التي اقترفها جنود الاحتلال، عندما أقدموا على إطلاق النار على رأس الجريح الفلسطيني عبد الفتاح الشريف بالخليل في عملية إعدام بشعة، وفي ظل وجود طواقم الإسعاف الإسرائيلية.