لا يزال مسلسل هدم التراث السكندري من مبان وقصور مستمرًّا، حيث بلغت 52 عقارًا، تم هدمها خلال الخمس سنوات الأخيرة، كان قصر عزيزة فهمي، آخرها، وهو القصر النادر الذي يقع على مساحة 15 ألف متر بمنطقة جليم، ويطل على كورنيش البحر مباشر, حيث لجأت الشركة القابضة للسياحة والفنادق والسينما، إحدى شركات قطاع الأعمال العام «ايجوث» إلى بناء فندق على أرض قصر «عزيزة فهمي» الأثري. يذكر أن عزيزة وعائشة وزينب وفاطمة وعلي، هم أولاد علي باشا فهمي بن عوض بن شافعي، وهو كبير المهندسين في القصر الملكي، وعزيزة فهمى تزوجت من محمد باشا رفعت الروزنامجي وأنجبا بنتين منيرة وقدرية، والقصر حاليًا محل نزاع بين شركة ايجوث وورثة عزيزة فهمي، ويمثل القصر قيمة وحقبة تاريخية لمحافظة الإسكندرية، وطالب المهتمون بالتراث السكندري بالتدخل العاجل من قِبَل وزيري الآثار والثقافة ورئيس الوزراء. وعلى مر العامين الماضيين، شهدت عروس البحر المتوسط إقبالًا فجًّا من أصحاب النفوس التي تبغي الثراء السريع من رجال الأعمال والمقاولين، على هدم ومحو الكثير من المباني التراثية، مثل فيلا أيجون وقصر شيكوريل وفيلا أمبرون، وقالت نوال رفاعي، المالكة السابقة لفيلا ايجون التي تم هدمها بمنطقة وابور المياه: من شيد الفيلا على التراث الفرنسي مهندس كبير، وأقام منها نسخة أخرى في فرنسا، وهي الآن متحف قومي في فرنسا، والنسخة الأولى هنا في الاسكندرية تم محوها تمامًا، رغم أنها مدرجة بمجلد التراث، وكانت مرجعًا لطلبة الفنون والعمارة، وقد بعتها منذ عدة سنوات، واشترطت على البائع عدم هدمها. ويتم أيضًا التعدي على قصر «أمبرون» الأثري بشارع الخليفة المأمون بحي محرم بك، حيث استحوذ صاحب محل الجزارة المجاور للمبنى، على جزء من حديقة القصر، ووضع به بعض الخرفان والماعز، وأحاط الحديقة بحواجز خشبية، وأصبحت حديقة القصر الذي تم إهماله عن عمد عبارة عن مزرعة للماشية، بالإضافة إلى مقلب للقمامة، ولم يراعِ أحد قيمة هذا القصر الذى يعتبر جزءًا أساسيًّا من تراث المدينة العريقة، والذي شهد كتابة الرواية الشهيرة «رباعية الإسكندرية» وتتحدث عن أحياء المحافظة، والتي ألفها الكاتب البريطاني لوارنس داريل، حيث سكن القصر أربعة عشر عامًا، أثناء عمله ملحقًا ثقافيًّا لشؤون الأجانب بالخارجية البريطانية. يذكر أن قصر «أمبرون» بُنِيَ على الطراز الإيطالي، وكان مِلْكًا للمقاول الإيطالي الشهير «أمبرون» وعاش به عدة سنوات مع زوجته الفنانة التشكيلية «أميليا»، ويتكون القصر من طابقين ومبنى ملحق للخدم، وحديقة بمساحة كبيرة بها بعض الأشجار الكبيرة النادرة، ويتم إهمال القصر عن عمد، حيث توجد به أكوام كبيرة من القمامة، كما تم هدم جزء من مبنى الخدم وإقامة برج سكني بجزء من الحديقة، وينتظر صاحب الفيلا قرار إخراجها من مجلد التراث، ليقوم بهدمها وبناء أبراج سكنية. وأكد الدكتور محمد عوض، رئيس لجنة الدفاع عن التراث بالاسكندرية، أن السبب الرئيس هو تقاعس دور الدولة والمسؤولين حيال التعديات على المباني التراثية بغرض التوسعات العمرانية الجديدة بمدينة الإسكندرية، والسبب الثاني متعلق بالقانون الخاص بحماية المباني التراثية، الذي يضم عددًا من الثغرات، وقد دعونا أكثر من مرة إلى ضرورة تصحيحها. وتابع: شهدت الإسكندرية خروج عدد كبير من المباني التاريخية عن القائمة التراثية؛ بسبب أحكام من القضاء الإداري. «فيلا شيكوريل» التي تم التعدي عليها في الفترة الأخيرة، وصدر لها قرار بالحكم من مجلس قضايا الدولة، بمحوها من التراث، وصدق عليه رئيس مجلس الوزراء السابق، وعندما نظرنا للحكم فوجئنا أن رئيس مجلس الوزراء ليس طرف اختصام، ورغم ذلك وقَّع على القرار بإخراج المبنى من قائمة التراث، كما فوجئت أن فيلا شريف باشا صبري، الموجودة بجليم، قد خرجت من قائمة التراث، بعدما كانت تسكنها الملكة نازلي، بجانب قصر المجوهرات الملكية، وتعتبر منطقة تراثية تم هدمها أيضًا، موضحًا أن إجمالي عدد العقارات التي تم هدمها وكانت تمثل تحفًا فنية وثقافية رفيعة المستوي، تبلغ 52 عقارًا، تم هدمها خلال الخمس سنوات الأخيرة.