بعد أيام قليلة من الحرب الشعواء التي شنها الاحتلال الصهيوني على وسائل الإعلام الفلسطينية، وإغلاقه لقناتي الأقصى وفلسطين اليوم، اتجه إلى شن حرب من نوع جديد على حرية الرأي والتعبير، لتصبح مواقع التواصل الاجتماعي وجهة العدو في تلك الحرب. رقابة إسرائيلية جديدة قالت المتحدثة باسم شرطة الاحتلال، لوبا السمري، إن وزير الأمن الداخلي جلعاد آردان، ووزيرة العدل، إييلت شاكيد، قررا إنشاء فريق عمل خاص لمحاربة شبكات التواصل الإجتماعي، وأوعز الوزيرين خلال جلسة مناقشة مطولة شارك فيها حشد واسع من المسؤولين، لإنشاء فرق تضم ممثلين عن مكاتب الوزارات المختلفةمن الأمن الداخلي ووزارة العدل والشرطة وجهاز الأمن العام "الشاباك" والجيش الإسرائيلي ومكتب المراقب العام، وذلك للتعامل ضد ما يسمونه بظاهرة التحريض من قبل الشعب الفلسطيني على مواقع التواصل الاجتماعي. وأشارت المتحدثة باسم الشرطة، إلى أن الفريق الأول سيتألف من ممثلين عن قوات أمن الاحتلال، وسيكون مسؤولًا عن مراقبة الشبكة الحالية ورصد مواد التحريض وتحويلها إلى وزارة العدل، كما سيتألف فريق آخر مكون من ممثلين عن وزارة الأمن الداخلي الصهيوني، وشرطة الاحتلال والعدل، لاختبار التشريعات القانونية الحالية المعمول بموجبها في بلدان أخرى بالعالم، والعمل لرفع أفكار للتشريع لدى إسرائيل فيما يتعلق بالتحريض عبر الشبكة على الإرهاب، بحسب قولها، وأضافت أن هذه الوحدة من المقرر أن يبدأ العمل بها اعتبارًا من الأسبوع المقبل. يأتي ذلك بعد أيام من إعلان رئيس اللجنة الإعلامية لحركة فتح في مفوضية التعبئة والتنظيم، منير الجاغوب، مهاجمة حكومة الاحتلال الإسرائيلي مواقع تابعة للحركة على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفها الجاغوب، بأنها محاولة لتكميم الأفواه، وتابع أن الهجمات جاءت بعد أن نشرت الحركة على صفحتها المنشورات والتصاميم ضد حالات القتل التي تمارسها قوات الاحتلال بحق الشبان والفتية الفلسطينيين في معظم مناطق الضفة الغربية بما فيها القدس، وهو ما أثار غضب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وعبر عنه الناطق باسم مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية، عوفر جندلمان، الذي أكد تزايد حالة الغضب الإسرائيلي من جراء نشر صفحة فتح العديد من الجمل والتعبيرات المصورة باللغة الإنجليزية في إشارة منها إلى فضح ممارسات الاحتلال بما يرتكبه من إعدامات أصبحت شبه يومية بحق الفلسطينيين. مصيدة اعتقال هذه الخطوة الإسرائيلية الجديدة تنذر بقدوم مرحلة ظلامية خطيرة وغير مسبوقة من قمع حرية الفلسطينيين، فلم يكتفِ الاحتلال بتضييق الخناق على حرية المظاهرات والتعبير عن الرأي السياسي من خلال النزول إلى الشوارع، بل امتد ذلك إلى التضييق على حرية الإعلام والصحافة الفلسطينية، لتصل المعركة إلى ذروتها بمراقبة الاحتلال لحسابات النشطاء الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، واتخاذها ذريعة للاعتقال التعسفي والجريمة الجاهزة دائمًا لدى الاحتلال هي التحريض على الإرهاب. وعلى صعيد متصل، تزايد خلال الفترة الأخيرة عدد معتقلي مواقع التواصل الاجتماعي، حيث باتت هذه المواقع مصيدة الاحتلال لاعتقال آلاف الفلسطينيين، وكشف تقرير سابق لصحيفة هآرتس الإسرائيلية أن عدد الملفات الجنائية التي فتحتها الشرطة الصهيونية بدعوى التحريض على العنصرية والعنف، تضاعف في الأشهر الثلاثة الأخيرة للعام الماضي، وتم تقديم 27 لائحة اتهام إلى المحاكم على خلفية التحريض في شبكات التواصل الاجتماعي، أبرزهم أنس خطيب البالغ من العمر 19 عامًا من مدينة شفاعمرو، والذي اعتقل لأكثر من شهر قبل أن يفرج عنه الاحتلال بقيود وشروط، بدعوى تحريضه على الإرهاب بعد أن كتب على صفحته "ذكرى الشهداء لن يُخلَد إلا من خلال الثأر لدمائهم من خلال تحرير أراضينا من الاحتلال ومحوه، هذا التزام أخذته على نفسي وغالبيتكم مثلي، العين بالعين ورأس في مقابل رأس". وفي ذات الإطار أفادت هيئة شؤون الأسرى والمحررين، في تقرير أصدرته منذ أيام أن 150 حالة اعتقال نفذتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي؛ بسبب نشاطات على مواقع التواصل الاجتماعي خلال عام 2015، حيث صدرت بحقهم تهمة التحريض، وآخرين تم إصدار أوامر اعتقال إداري بحقهم، وقالت الهيئة: إبراز التعاطف أو التضامن مع الشهداء والأسرى أو نشر صورهم تعتبر تهمة بموجبها يتم اعتقال أي شخص من قبل الاحتلال. محاولات تعقب مستمرة إنشاء فريق خاص لمراقبة تحركات الفلسطينيين، لم تكن الخطوة الأولى التي يقوم بها الاحتلال لتعقب الهجمات الفلسطينية، فقد سبق وأطلقت المخابرات الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة أكثر من 5 آلاف حساب وهمي على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، جميعهم بأسماء إناث باللغة العربية ولديهم أرقام جوالات فلسطينية لمراقبة الحسابات الفلسطينية والتعرف على أي تحضيرات لهجمات مرتقبة، وسبق أن شكلت شرطة الاحتلال وحدة "السايبر العربي"، وتهدف إلى مراقبة ما أسماه الاحتلال ب"النوايا الجنائية" لدى الفلسطينيين. وكان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قد شن هجومًا حادًا على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينية، وقال في مؤتمر صحفي عقده خلال شهر أكتوبر الماضي: معركتنا الأساسية يجب أن تتركز ضد مواقع التواصل الاجتماعي التحريضية والإعلام الفلسطيني.