فشل ذريع للقيادات الصهيونية واستخباراته وقوات أمنه، محاولات حثيثة وإجراءات متشددة وخطوات عقابية عدة اتخذها الكيان الصهيوني لإخماد الهبة الفلسطينية وكسر إدراة وإصرار الشعب الفلسطيني، لكن كل ذلك جاء بنتائج عكسية، حيث ازدادت مقاومة الفلسطينيين، وارتفعت وتيرة الهجمات الفردية، فلم يجد الاحتلال الصهيوني أمامه إلا مراقبة حسابات الفلسطينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتقال من تشتبه فيه، واتخاذ مواقع التواصل ذريعة جديدة للتنكيل بحقوق الشعب الفلسطيني. أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" أن المعركة على ما وصفه ب "الإرهاب الفلسطيني"، ستبدأ من مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن كانت الشرطة أعلنت عن تشكيل وحدة خاصة لمراقبة حسابات الفلسطينيين، بزعم التصدي لمنفذي العمليات قبل إخراجها إلى حيّز التنفيذ، وبحسب وسائل الإعلام العبرية فقد تم إنشاء 5000 حساب على مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" و"تويتر" بأسماء مستعارة لتعقب ما يقوم الفلسطينيين بنشره. إعلان "نتنياهو" لم يكن بداية الحرب على مواقع التواصل الاجتماعي بل كانت البداية من شهور، عندما تم اعتقال شاب فلسطيني بسبب تعبيره عن رأيه على موقع "فيسبوك". "نحن نحمل نفس المشاعر التي حملها جيش صلاح الدين عندما حرر القدس"، تدوينة كتبها الشاب الفلسطيني "عدي سنقراط" البالغ من العمر 25 عام من مدينة القدس، ولم يعلم "سنقراط" يومًا أن مسار حياته سينقلب بسبب تدوينه تعبر عن رأيه على موقع التواصل الاجتماعي، لكن هذا ما حدث بالفعل، حيث فوجيء "سنقراط" باعتقاله 8 أشهر في سجون الاحتلال بتهمة "نشر تدوينه تحريضية"، وقال "سنقرط"، إن ضابطًا إسرائيليًا قال له أثناء الاعتقال "هذه المرة اعتقلناك، أما في المرة المقبلة سنطلق عليك النار". في الوقت ذاته لم تجد آلاف التدوينات الصهيونية المحرضة على القتل والذبح والحرق والخطف على مواقع التواصل الاجتماعي من يتصدى لها، حيث نشر المستوطنين ألاف المنشورات التحريضية خاصة خلال الفترة الماضية التي اندلعت فيها المواجهات بين الفلسطينيين والصهاينة سواء الجنود أو المستوطنين، دون أدنى تحرك من شرطة الاحتلال أو توجيه اتهام واحد لأحد هؤلاء المحرضين على العنف، ففي الوقت الذي كان يُحاكم فيه "عدي سنقراط" على تعبيره عن رأيه وتم حبسه لمدة ثمانيه أشهر، كان الاحتلال يحاكم أيضًا مستوطنًا بتهمة التحريض على القتل، لكن تمت تبرئته من التهمة. "عدي سنقراط" لم يكن الضحية الوحيدة التي يتم اقتيادها إلى سجون الاحتلال بتهمة "التعبير عن الرأي"، بل كان "عمر الشلبي" ضحية أيضًا لهذه الحرب الصهيونية، حيث تعرض "الشلبي" للمحاكمة بسبب نشره منشورات يدعو فيها للنفير إلى الأقصى، وأخرى حول الضحايا من الأطفال والنساء خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، وفي الوقت ذاته، كان زعيم منظمة "لاهافا" المستوطن المتطرف "بنتسي جوبشتاين" يُحاكم بسبب دعواته المتكررة ل"ذبح الفلسطينيين وتطهير الأرض منهم"، وجمعت إحدى جلسات المحاكمة "الشلبي" و"جوبشتاين" معًا، لكن الاحتلال مارس من جديد سياسة الكيل بمكيالين، حيث تم الحكم على "الشلبي" بالسجن لتسعة أشهر، بينما حصل "جوبشتاين" على براءة من قاضي المحكمة، ليدعو بعد خروجه علنًا إلى "حرق المساجد والكنائس أيضًا" ويؤكد على دعوته لقتل الفلسطينيين. قال رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين "أمجد أبو عصب"، أن عدد الشبان الذين تمت محاكمتهم على خلفية مشاركات لهم عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" وصل إلى 15 شابًا، حوكم بعضهم بالسجن لفترات تتراوح بين 8 أشهر إلى 17 شهرًا.