بعد مرور ثلاثة أشهر فقط على موسم حصاد محصول الأرز، الذي حقق فائضًا عن الاستهلاك يقدر ب1.5 طن، سمحت الحكومة بتصديره للخارج؛ للحفاظ على سعره محليًّا، فوجئ الجميع بإعلان الهيئة العامة للسلع التموينية والتجارة الداخلية، طرح مناقصة عالمية لاستيراد كمية غير محددة من الأرز «شحن فوري» لصالح البطاقات التموينية البالغة 20 مليون بطاقة، التي يستفيد منها نحو 80 مليون مواطن. وقال محمد شحاتة، الخبير الاقتصادي: ما تم تصديره بشكل رسمي منذ السماح بذلك، لا يتعدى ال30 ألف طن، لكن ما تم تهريبه عبر الموانئ تعدى ال400 ألف طن للتهرب من رسم التصدير الذي فرضته الدولة ب2 جنيه للطن، مشددًا على ضرورة تجفيف منابع التهريب لتوفير الأرز في الأسواق المحلية بأسعار في متناول المستهلك، حيث يبلغ سعر طن الأرز المصري في الخارج 650 دولارًا أي ما يعادل خمسة آلاف جنيه مصري، في حين أن سعره في الداخل لا يتعدى 3 آلاف و750 جنيهًا، مؤكدًا أن سبب تلك الأزمة تجاهل وزارة التموين تحديد سعر ضمان لمحصول الأرز خلال الموسم الماضي، هذا بجانب عزوفها عن شراء أي كميات من الأرز الشعير من الفلاحين تاركه الملعب للتجار يتحكمون في الكميات والأسعار التي يتم طرحها محليًّا. وأوضح شحاتة أن ما تقوم به الحكومة من استيراد الأرز بعد السماح بتصديره، يعني الاستغناء أجود أنواع الأرز «المصري» لاستيراد الأردأ والأرخص «الهندي والفلبيني» بجانب الخسارة المائية في زراعة الأرز الذي يستهلك المياه بشراهة، بخلاف ما ستتكبده الدولة من عملات أجنبية لازمة لعملية الاستيراد، في الوقت الذي يعمل فيه البنك المركزي خطة من خلال إجراءات جديدة لخفض فاتورة الاستيراد 25% خلال العام الحالي بما يعادل 20 مليار دولار. وتابع: كميات الأرز التي قدرتها وزارة الزراعة ب4.4 مليون طن أرز أبيض، تكفي حاجة الاستهلاك محققة فائضًا يزيد على 30% متاحًا للتصدير نفد خلال ثلاثة أشهر فقط، وكان من المفترض أن يكفي الاستهلاك المحلي لمدة عام، ولا أحد يعرف أين ذهب. من جانبه قال مصطفي النجاري، رئيس لجنة الأرز بالمجلس التصديري للحاصلات الزراعية: يتوفر بمصر حاليًا نحو ال4 ملايين طن، تكفي للاستهلاك المحلي حتى بداية الموسم الجديد، وإقدام الحكومة على استيراد الأرز من الخارج محاولة منها لتصحيح الخطأ الذي وقعت فيه، بعدم شراء كميات من الأرز الشعير من الفلاحين بعد حصاده؛ لتشغيل المضارب الحكومية التي تواجه مشكلة عدم توفر أرصدة لديها من الأرز الشعير، إلى جانب تهدئة الأوضاع في السوق، في ظل الزيادات المتتالية في أسعار الأرز، التي وصلت إلى 10% مقارنة بأسعار الشهر الماضي. وأضاف رئيس لجنة الأرز أن آخر عملية شراء تمت من قِبَل الشركة القابضة للصناعات الغذائية على سعر 3.6 جنيه للكيلو وهو أغلي بنحو 30 قرشًا عن أسعار الشهر الماضي، مرجعًا الزيادة إلى عمليات مضاربة على السعر، في ظل ارتفاع أسعار الحبوب الأخرى من فول وعدس وحمص، مؤكدًا أن هذه المضاربة لن تستمر طويلًا في ظل انخفاض أسعاره عالميًّا إلى 320 دولارًا للطن. وأوضح النجاري أن أحد أسباب ارتفاع الأسعار محليًّا أيضًا، ضوابط البنك المركزي والانخفاضات التي يشهدها سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار، التي يراهن البعض على استمرارها خلال الفترة المقبلة، ومع ذلك فإننا ننصح التجار بعدم المراهنة علي ذلك، وحجب كميات الأرز عن السوق، لتحقيق مكاسب إضافية.