عشرات القرى بمحافظة دمياط تعاني من الانقطاع الدائم لمياه الشرب، إضافة لتلوثها بالرمال والشوائب، وعدم وجود صرف صحى؛ مما يضطر الأهالي لإنشاء "طرنشات" أسفل المنازل، أو تصريف مخلفاتهم في الترع، كما يحدث فى قرى مركز الزرقا وفارسكور وغيرها. ولعل سوء حالة مياه الشرب بدمياط يفسر وجود أكبر نسبة للفشل الكلوى والإصابة بفيروس سي فى المحافظة على مستوى الجمهورية. يقول عبد الله محمود صاحب مقهى بمنطقة السيالة التابعة لمركز دمياط "وضع مياه الشرب بالمحافظة لا يرضي أحدًا أبدًا؛ لأن المياه بين أمرين لا ثالث لهما: إما مقطوعة بالساعات، أو موجودة ولا فرق بينها وبين مياه المجاري للأسف، وربما مياه دمياط الوحيدة بين المحافظات التي توجد لها رائحة ولون وطعم، مخالفة لكافة المعايير الأساسية لمياه الشرب، التي يجب ألا يكون لها لون ولا طعم ولا رائحة". وقال صابر محمد من أهالي قرية البستان "نعاني من أسوأ مياه شرب موجودة في المحافظة، رغم وجود محطة تحلية كبيرة في القرية، ولكن المياه بها كميات كبيرة من الرمال، لا نعلم من أين أتت، ولكن نراها بأعيننا، وتتسبب فى كتم المواسير، بعد أن تترسب بنسب كبيرة فيها، وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة الفشل الكلوى وأمراض الكلى بالقرية، والشركة لا تهتم بصحتنا، وتبيع لنا المياه بأغلى الأثمان، ورغم ذلك ليس أمامنا إلا أن ندفع؛ لأننا إذا امتنعنا، نفاجأ بالحبس الغيابي. ولكن ما الذى ندفع ثمنه؟ المرض الذى تصدره لنا شركة مياه الشرب. ارحمونا وارحموا أولادنا، اللى المرض بينخل فيهم بسبب المية". وقال هانى راضى "تقدمنا بعدة شكاوى للوحدة المحلية بالقرية من سوء حالة مياه الشرب بالقرية، واشتكينا من وجود كميات كبيرة من الرمال فى المياه تصل لحد كتم المواسير، ولكن لم يتحرك أى مسؤول؛ للبحث فى هذه المشكلة وإيجاد حلول تنقذ المواطنين من أمراض يشربونها يوميًّا، والجميع فى القرية يتساءلون: كيف تصل هذه الرمال إلى المياه، وبالتالى إلى المواسير، وتعرف طريقها إلى أجسادنا؟". وأضاف أحمد معروف من سكان قرية الكاشف الجديدة التابعة لمركز الزرقا "يمر أسبوع أو أكثر، ولا توجد مياه في القرية. وهذا الحال كثيرًا ما يتكرر؛ لأن القرية تقع على حدود محافظة الدقهلية مع دمياط. وللأسف أقرب محطة مياه لنا في قرية دقهلة التي تبعد ما يقرب من ثمانية كيلو مترات، والخطوط قديمة جدًّا وضيقة، والمياه لا تصل إلينا إلا نادرًا، كما أن قرى مركز الزرقا كلها تعيش في ضنك؛ بسبب انقطاع المياه بشكل يومي، وحتى إن وجدت، فهي أسوأ مما يتخيله الإنسان". نفس الحال يشكو منه أهالي قرى سيف الدين ومدينة السرو التي تعاني من تدنٍّ فى خدمات مياه الشرب منذ سنين، وتقف كل الجهات التنفيذية عاجزة أمام إيجاد حل لها. فيما أرجع موظف بمحطة مياه الزرقا – فضل عدم ذكر اسمه – أزمة المياه إلى تزايد المنازل التى تبنى يوميًّا، ويقوم أصحابها بتوصيل المياه لها، معتبرًا أن ذلك تحميل زائد على محطات المياه "التى لم يتم تطويرها" منذ زمن، مضيفًا أن الخطوط التى تنقل المياه من المحطات إلى البيوت أصبحت لا تتحمل الزيادة اليومية فى أعداد المستهلكين، مختتمًا بقوله "إنه فى فصل الصيف بتم توجيه الكثير من المياه إلى المصايف"! أما المهندس محمد الجابرى، رئيس قطاع شمال الدلتا بشركة مياه الشرب، فقال "إن الكثير من القرى تتدنى فيها خدمات مياه الشرب؛ نظرًا لأن الخطوط القديمة من الإسبوستس، وهي سريعة التكسُّر في حال تعرضها لأي ضغط، خاصة أنها قريبة من سطح الأرض؛ لأنها وقت تركيبها كان الحفر يدويًّا، فلم يكن عميقًا بالدرجة المطلوبة"، مؤكدًا أن "هناك خطة لدى الشركة لتغيير كل هذه المواسير القديمة بجديدة ذات سعة أكبر، ولكن الموضوع يحتاج لوقت كبير؛ نظرًا لعدد القرى غير المتناهي والمنازل التى تبنى يوميًّا وهى مخالفة، ويوصل أصحابها لها المياه بالمخالفة، ولكن ربما نتمكن من حل هذه المشاكل خلال سنتين أو ثلاث".