لم يعد هناك سبيل لزيادة إنتاجية المحاصيل سوى استخدام التكنولوجيا الحديثة وغير التقليدية، وخاصة في عملية التسميد التقليدي، والتي طالما عانى منها الفلاح المصري، سواء من ارتفاع أسعارها بعد ارتفاع أسعار المحروقات، أو صعوبة الحصول عليها بعد توقف المصانع عن الإنتاج لعدم ضخ الغاز الكافي لإنتاجها، وهي الخطوة التي قام بها الدكتور أحمد أبو اليزيد أستاذ الزراعة بزراعة عين شمس، حيث توصل لتكنولوجيا جديدة لإنتاج الأسمدة بنوعيها " النيتروجينية – الفوسفاتية " عن طريق إضافة عنصر " البورون " والتخصيب الحيوي للمواد العضوية وصخر الفوسفات. وتعد الأسمدة المنتجة بهذه التكنولوجيا صديقة للبيئة بخلاف الأسمدة الكيماوية التقليدية التي تضر بصحة الإنسان وذات الأثر السلبي على الكائنات الحية الدقيقة المفيدة للتربة، حيث تُحدِث خللاً بالنظام الطبيعي البيولوجي الموجود بالتربة، وبالتالي تؤثر بالسلب على خصوبتها الطبيعية، علاوة على تكلفتها الاقتصادية المرتفعة. ولهذا بدأ الاتجاه إلى ترشيد استخدام الأسمدة الكيميائية، مع التوسع في استخدام البدائل الآمنة، مثل الأسمدة الحيوية العضوية، وذلك ضمن منظومة جيدة تعرف بالزراعة النظيفة أو داخل برامج التسميد بالزراعات العضوية؛ لما لها من مزايا عديدة تسهم في تحسين الإنتاجية والجودة وإنتاج محصول آمن، علاوة على الحفاظ على البيئة، كما أن استخدام الأسمدة الحيوية له مردود اقتصادي عالٍ من حيث التوفير في تكلفة برامج التسميد، ولهذا نركز هنا على أهمية استخدام الأجيال الجديدة من الأسمدة الحيوية المفيدة للتربة، والتي منها الأسمدة الأرضية النيتروجينية الفوسفاتية الحيوية ممتدة المفعول التي تمد النباتات بعنصر النيتروجين (الآزوت) والفوسفور والكالسيوم والكبريت والبورون، من خلال تقنية بيولوجية عالية الكفاءة تعتمد على هذه الكائنات الحيوية، وهي بمرحلة الكمون، بفعل التقنيات الحديثة المستخدمة في إنتاجها بصورة جراثيم أو كبسولات؛ لتنشط مرة أخرى عند إضافتها للتربة، وتستخدم هذه الأجيال الجديدة من الأسمدة أرضيًّا قبل أو أثناء الزراعة لجميع الحاصلات البستانية (فاكهة – خضراوات – نباتات طبية وعطرية) وكذلك للمحاصيل الحقلية ومحاصيل العلف والمسطحات الخضراء. وتتميز الأسمدة الحيوية الحديثة بتوفير استخدام الأسمدة النيتروجينية والفوسفاتية المعدنية، والتوفير في تكلفة التسميد النقدي؛ للتوفير في تكلفة الوقت والمجهود المبذول من الفلاح، حيث يتم خفض جرعات التسميد، وتقلل الأسمدة الحيوية من تلوث التربة والبيئة؛ لأنها تساعد على ترشيد استخدام الأسمدة الكيماوية وانتشار الأمراض الفطرية بالنباتات، وتقلل من إصابة الجذور بالأمراض الفطرية والبكتيرية؛ مما ينشط من نمو النباتات؛ لأنها تحسن من تهوية التربة، وتحسن من خواص التربة، وتقلل من ظاهرة تملح التربة بزيادة تيسير عنصر الكالسيوم وتحسين نفاذية التربة، وتنشط من نمو الجذور؛ مما ينشط من كفاءة نمو النباتات، بجانب تنشيط نمو الكائنات الحية المفيدة بالتربة، حيث تحسن التوازن البيولوجي الطبيعي بالتربة، وتعمل على تيسير العناصر الصغرى (حديد – زنك – منجنيز – بورون...) بالتربة، وكذلك تعمل على تيسير عنصر الكالسيوم والكبريت والفوسفور بالتربة. وتكمن أهمية استخدام الأسمدة الحيوية في التقليل من تراكم النترات والنيتريت بالثمار وأنسجة النباتات؛ مما يحسن من جودة عامل الأمان بها، وخفض معدل الإصابات الفطرية للنباتات، حيث إنه من المعلوم أن زيادة استخدام الأسمدة الآزوتية تعمل على ضعف أنسجة النباتات وزيادة الغضاضة بها؛ مما يزيد من حساسية إصابتها بالأمراض الفطرية، كما تخفض الأسمدة الحيوية معدل إصابة الجذور بالأعفان؛ نظراً لأن الكائنات الحية تفرز مضادات حيوية تعمل على تقليل الإصابة بالأعفان، بالاضافة إلى تنشيط نمو الجذور؛ نظراً لأن الكائنات الدقيقة المفيدة تفرز منشطات نمو طبيعية (أكسينات ومشابهات السيتوكينين) تعمل على تنشيط نمو الجذور. وتساهم الأسمدة الحيوية في التنمية المستدامة وكذلك زيادة الجودة والحفاظ على سلامة الغذاء؛ لتوفيرها كافة العناصر اللازمة لغذاء النبات "الفوسفور والكالسيوم والكبريت والعناصر الصغرى"، حيث إنها ناتجة عن عملية إنتاج الفوسفور بطريقة حيوية بيولوجية، وتستمر عندما ينثر فوق سطح التربة، حيث يطلق العديد من الروابط الفوسفاتية الأيونية الناتجة عن التحلل والتيسر الحيوي للفوسفور بفعل البكتريا الميسرة للفوسفات، وكذلك بعض العناصر الغذائية المعدنية الهامة الأخرى، مثل الزنك والبورون والكالسيوم والكبريت, نظراً لأن الإمداد بالفوسفات يتم في صورة دفعات مستمرة نتيجة للفعل الحيوي الميكروبي لتيسر الفوسفور بالأسمدة الحيوية، ولا يتم دفعة واحدة، بالإضافة إلى مساهمتها في تنشيط نمو الجذور؛ نظراً لاحتوائها على المواد العضوية والطاقة البيولوجيه الناتجة عن الميسرات الحيوية، وكذلك إفراز البكتريا لمنشطات النمو الطبيعية، مثل الأوكسينات ومشابهات السيتوكينين، وافراز البكتريا مضادات حيوية تعمل على تقليل الإصابة بأعفان الجذور، وتعمل على الإمداد المستمر لعنصر النيتروجين، حيث تحتوي على البكتريا التكافلية واللاتكافلية المثبتة للأزوت الهوائي واللاهوائي بالأسمدة الحيوية، والتي يتم أقلمتها جيداً ضد التغيرات البيئية والمضاف لها المنشطات الحيوية التي تزيد من كفاءة عملها بالتربة؛ مما يعمل على توفير إمداد مستمر بالنيتروجين للنباتات؛ مما يجعلها لا تتعرض لنقص عنصر النيتروجين، وتساعد على توفير عنصر الآزوت بالتربة؛ مما يساهم في تقليل استخدام الأسمدة النيتروجينية الكيماوية، فيقلل من الأضرار المترتبة على كثرة استخدامها من تلوث للبيئة والمياه الجوفية. وتتنافس الأسمدة الحيوية الأرضية اقتصاديًّا مع الأسمدة الفوسفاتية الكيماوية والأسمدة الآزوتية المعدنية، وتنتج محصولاً متقارباً وعاليًا وفائقاً من حيث الجودة, لكونها آمنة على الكائنات الحيوية بالتربة، وتحافظ على التوازن البيولوجي لها، إلا أنه لابد أن يؤخذ في الاعتبار أن استخدام مثل هذه الأسمدة لابد أن يكون متوازياً مع الأسمدة العضوية الناضجة المتحللة مثل (الكمبوست)؛ لضمان عدم انتشار الأمراض بالتربة، وكذلك الحشائش، وفي نفس الوقت تشجيع المنظومة الحيوية المفيدة بالتربة.