ما زالت الحضارة المصرية القديمة مليئة بالألغاز والغموض، ورغم أن الباحثين حاولوا اكتشاف بعض الأسرار المرتبطة بالقبور والكهنة والفراعنة القدامى، إلا أن هذه الحضارة العريقة ظل يحوطها الغموض الذي أعجز كبار العلماء والأثريين عن تفسيره أو فك لغزه. يقول أمير جمال، منسق "سرقات لا تنقطع"، إن العالم الأمريكي "جورج رايزنر" ترك مساعده "آلان رو" لتصوير أهرام الملكات والطريق الصاعد مع المصور المصري محمد بن إبراهيم في عام 1923، وذهب ليقضى إجازته في بوسطن، وأثناء تثبيت أرجل حامل الكاميرا على الأرض؛ ليتم التصوير من زاوية مناسبة، تحركت أرجل الحامل؛ لتغوص في الرمال، وترتطم بشيء صلب. وأضاف "جمال" أن المساعد تعجب واعتبرها من الوهلة الأولى حجارة عادية كالتي تنتشر في المنطقة، ولكن المصور المصري قام بالحفر بيده؛ لتنكشف الصخرة أكثر، فأحضر المساعد على الفور العمال، وبدأت الحفائر في المنطقة، وهنا كانت المفاجأة، حيث تم العثور على قمة البئر، وعلى مدخله ختم بخاتم الجبانة؛ مما يعنى أن المقبرة كاملة. وأوضح أن "آلان رو" توجه إلى مكتب التلغراف، وأرسل برقية إلى "رايزنر"، يقول فيها "لقد عثرنا علي بئر واضح أنها لم تفتح من قبل. احضر فورًا"، مشيراً إلي أن "رايزنر" جاء إلى مصر، وبدأ الحفر الذي استمر عشر سنوات كاملة، فقد كانت البئر عميقة تصل لحوالي ثلاثين مترًا، وخرجت منها كنوز تعتبر أقدم أثاث جنائزي في التاريخ، وهى مقبرة الملكة "حتب حرس"، أم الملك خوفو من الأسرة الرابعة. ولكن العجيب أن المقبرة كانت كاملة، ورغم ذلك لا وجود لمومياء الملكة. وتابع "خرج "رايزنر" بسيناريو غريب ليفسر اختفاء المومياء بأنها دُفنت في الأساس بجوار زوجها الملك "سنفرو" والد "خوفو" في دهشور، وحدث أن أبلغ الملك خوفو بسرقة مقبرة والدته في دهشور، فاستدعى الملك مهندسه المعماري وكبير الكهنة، وأمرهم بنقل مومياء الملكة وأثاثها إلى الجيزة بجوار هرمه، وأن تدفن سرًّا دون أن يسمع أو يرى أحد ذلك. وفعلاً تم إحضار كل الكنوز، ودفنوها في هذه البئر، وأغلقوها وختموها. لكن كانت المفاجأة أن مومياء الملكة سُرقت في مقبرتها القديمة، ولم يستطع الكهنة إخبار الملك خوفو أن مومياء أمه سُرقت، فقاموا بدفن الأثاث الجنائزي، إلى أن وصلت إلينا المقبرة كاملة، والتي تزين كنوزها غرفة كاملة في المتحف المصري، ولكن تم سرقة بعض آثارها الصغيرة، وتعرض الآن في متحف بوسطن، ولم تطالب وزارة الآثار بها إلى الآن، رغم أنها حق لنا؛ لأن القانون القديم يمنع تقسيم القطع بين البعثات إذا ما تم العثور على المقبرة كاملة". وأشار "جمال" إلى أنه تم اكتشاف "محفة" تحمل على المناكب، وسرير فوقه مظلة من خشب مصفحة برقائق الذهب، ومقعدين، والعديد من العلب الخشبية، وصندوق للمجوهرات يحتوي على عشرين خلخالاً مطعماً بالأحجار الكريمة كاللازورد والعقيق، وعُثر أيضًا على تابوت جميل من "الألباستر"، كان المفروض أن توضع بداخله المومياء الخاصة بالملكة. لكن كما قلنا لم يُعثر على المومياء، كما عُثر على كرسي الملكة في قاع البئر، وهو تحفة فنية بديعة، وعقود من الفضة، وصندوق صغير يحتوي على ثلاثة أوانٍ ذهبية.