تزخر مصر بالعديد من الأماكن والآثار التاريخية التي يجهل الكثير من المصريين تاريخها الحقيقي، في ظل عدم انتشار الوعي الأثري والتاريخي.. و"البديل" بدورها تبنت حملة "اعرف تاريخك"؛ لنشر الوعي لدى المواطن المصري بتاريخ بلاده من خلال آثارها، وحديثنا اليوم عن مسجد أصلم السلحدار البهائي. يقع مسجد أصلم السلحدار البهائي في درب شعلان المتفرع من شارع فاطمة النبوية بقسم الدرب الأحمر، ويحمل رقم 112 أثر أنشأه الأمير بهاء الدين أصلم السلحدار، سنة 746ه 1345م. يقول صلاح الناظر، الباحث الأثري، إن الأمير بهاء الدين أصلم السلحدار من مماليك السلطان المنصور قلاوون، وبعد توزيع المماليك السلطانية بعد مقتل السلطان الأشرف خليل بن قلاوون سنة 1293م صار من مماليك الأمير سيف الدين أقوش، ثم من مماليك الأمير سيف الدين سلار، وفي سلطنة السلطان الناصر محمد بن قلاوون الثالثة 1309 \ 1341م قربه السلطان ورقاه ثم أرسله في تجريده إلى اليمن، وبعد عودته غضب عليه السلطان وحبسه خمس سنين، وفي أيام السلطان الناصر أحمد بن الناصر محمد أطلق سراحه سنة 1342 ورقاه مرة أخرى إلى أمير مائة إلى أن توفي سنة 747ه \ 1347م. وأضاف "الناظر" أن المسجد أقيم على شكل المدارس ذات التخطيط المتعامد مع اختلاف في نظام ما سبقه من المساجد المملوكية، ويتكون من صحن مسقوف بعد أن كان مكشوفا، وكل إيوانين متقابلين متماثلين، فالإيوان الشرقي ونظيره الغربي فتحا على الصحن بواسطة عقدين كبيرين، كما فتح كل من الإيوان البحري ونظيره القبلي بواسطة ثلاثة عقود صغيرة تحملها أعمدة رخامية في حين كانت الإيوانات الأربعة في المساجد السابقة تفتح على الصحن بواسطة أربعة عقود متماثلة. وأوضح الباحث الأثري أن أحد أبوابه يؤدى إلى المسجد مباشرة بخلاف ما يشاهد في المساجد ذات التخطيط المتعامد من أن الباب يؤدى غالبا إلى دركاة ثم إلى طرقة توصل إلى داخل المسجد، واقتبست بعض مظاهر هذا التخطيط في عدد من المساجد اللاحقة سواء من حيث نظام الإيوانات أو تغطية الصحن بأسقف خشبية. وأتابع أن القبة تقع فى الركن الشرقي للمسجد، وبابها على يمين المداخل من الباب القلبي، ويغطيها ثلاث حطات من المقرنص، أما الإيوان الشرقي، موجود به منبر خشبي صغير دقيق الصنع حفرت حشوته بزخارف بارزة جميلة، ويوضح سقف الإيوان وأسقف الإيوانات الأخرى وما تبقى عليها من زخارف، أنها كانت غنية بالنقوش المختلفة الألوان. ولفت "الناظر" إلي أن وجهات المسجد أعلى العقود تحلي بدوائر ومعينات من الجص المزخرف يتخللها شبابيك وصفف عقودها مثلثة على شكل مراوح يحيط بها إطارات من الكتابة الكوفية، أما الواجهات فله اثنتان رئيسيتان، الأولى القبلية وتظهر في نهايتها الشرقية القبة المضلعة يحيط برقبتها أسفل التضليع بقايا طراز من القاشانى كتب به آيات قرآنية، واستعمال القاشانى فيها يعتبر من الأمثلة النادرة في تزيين القباب المملوكية وفى طرفها الغربي تقوم منارة حداثة. واختتم: "تتجلى في الوجهة التربيعة الرخامية الكبيرة التي تعلو الباب دقة الصناعة، فهي من الرخام الأبيض الملبس بالرخام الملون بأشكال زخرفيه جميلة، أما الواجهة الغربية، تقع في نهايتها البحرية باب آخر يؤدى إلى صحن المسجد بواسطة طرقة منثنية وإلى دورة المياه، وهذا الباب بما يتميز به من نسب وبما ينفرد به من مقرنصات تغطية"، كما أن الباب يعد من أبدع النماذج لأبواب المساجد الأثرية، وتضمن الكتابة الموجودة على جانبيه أعلى المكسلتين تاريخ الفراغ من العمل في هذا المسجد 746 هجرية، وتتضمن الكتابة الموجودة أعلى عتب الباب القبلي تاريخ البدء والفراغ 745/ 746 هجرية.