أصدرت وزارة الداخلية، مساء الأربعاء الماضى، قرارًا بفرض قيود على السفر إلى تسع دول جديدة، هى «اليمن والأردن وماليزيا وكوريا الجنوبية وغينيا كوناكري وإسرائيل وإندونيسيا وتايلاند وجنوب إفريقيا»، مشترطة الحصول على موافقة الأمن الوطني قبل السفر، وتحديد الفئة العمرية ما بين 18 و45 عامًا، وبررت السلطات المصرية القرار ب «مبدأ المعاملة بالمثل وعدم فتح الباب لهروب مطلوبين أمنيًّا». لم تكن المرة الأولى التي يمنع فيها المصريون من السفر إلى بعض الدول، ففي مطلع ديسمبر من العام الماضي، وضعت الحكومة قيودًا مشددة لمنع السفر إلى 5 دول، اشترطت فيها حصول المسافر على تصريح من الجهات الأمنية قبل السماح له بالسفر، وتضمن القرار منع السفر لجميع الفئات والوظائف والمهن بمن فيها الصحافيون والإعلاميون، إلى قطر وتركيا وسوريا والعراق وليبيا، تحت مبرر أن الشباب يتوجهون إلى هذه الدول للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية، ويتدربون في معسكرات جهادية. ورغم أن الدستور المصري نص في مادته 62 على أن «حرية التنقل، والإقامة، والهجرة مكفولة، ولا يجوز إبعاد أى مواطن عن إقليم الدولة، ولا منعه من العودة إليه، ولا يكون منعه من مغادرة إقليم الدولة، أو فرض الإقامة الجبرية عليه، أو حظر الإقامة فى جهة معينة عليه، إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة، وفى الأحوال المبينة فى القانون»، إلا أن المادة الدستورية تهاوت أمام قرار الحكومة. وعن الإجراءات التي يجب على المواطن اتباعها للحصول على موافقة السفر، أن يتقدم بطلب إلى ضابط مكتب الاتصال بمجمع التحرير وملء استمارة البيانات، ويكون الرد على الموافقة في غضون ثلاثة أيام من تقدمه بالطلب، كما قال ضابط مكتب الاتصال والجوازات بمجمع التحرير. ويؤكد أحد المتقدمين بطلب إلى السفر أنه اعتاد السفر إلى دولة ماليزيا وفقًا لطبيعة عمله منذ سنوات دون الاحتياج إلى موافقة أمنية في الفترات السابقة، لكنه فوجئ اليوم وهو ينهي إجراءات سفره برفض طلبه إلا بعد إجراء الكشف الأمني والموافقة عليه من الجهة المخولة لها التحريات الأمنية. يقول الدكتور فؤاد عبد النبي، أستاذ القانون الدستوري: "أيًّا كانت ادعاءات الجهة التنفيذية المتمثلة فى وزارة الداخلية أو مبرراتها، يعد منع السفر انتهاكًا لنص من الدستور المصري الذي كفل حرية التنقل في مادته 62″، موضحًا أنه يحق للدولة التحذير وليس المنع من السفر، وفقًا للمادة 59 التى تنص على أن "تلتزم الدولة بتوفير الأمن والأمان والطمانينة لمواطنيها"، لكن الجهات التنفيذية جارت على حق أصيل للمواطنين وهو "الهجرة والتنقل". وأضاف "عبد النبى" أن المادة 92 من الدستور تنص على أن "الحقوق اللصيقة بشخص الإنسان لا تقبل تعطيلاً ولا انتقاصًا، ولا يجوز لأي قانون أن يقيدها بما يمس أصلها وجوهرها"، وهو ما ينطبق على حق التنقل، مؤكدًا أن القوانين الدولية التي وقعت عليها مصر للجمعية العامة لحقوق الإنسان واتفاقية الأممالمتحدة تكفل حق النتقل للمواطنين، كما جاء في المادة 96 من الدستور. من جانبه قال الدكتور شوقي السيد، أستاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس، إن حق الدولة على مواطنيها أن تعلنهم بمخاطر السفر لبعض الدول، وفي حالة إصرار المواطن على السفر ليس من حق الدولة أن تمنعه طبقًا للنص الدستوري الذي أتاح للمواطنين حرية التنقل والسفر خارج البلاد. وفى نفس السياق أوضح مختار منير، المحامي بمؤسسة حرية الفكر والتعبير، أن قرار منع السفر للدول يأتي ضمن فكرة السياسة القمعية التي تتخذها الدولة ضد المواطنين، كالقبض على المواطنين بالشارع دون أي اتهامات توجه إليهم، واصفًا قرار المنع بأنه "تكبيل لحريات المواطنين". وتابع: "الدول التي تحترم مواطنيها وتسعى لإنشاء مظلة من الحريات، سوف تطبق القانون على الجميع وليس على البعض فقط"، مضيفًا أن القانون فى مصر لا يفعل إلا على البعض فقط، كما حدث مع تظاهرات أمناء الشرطة بالشرقية، مختتمًا: "المنع من السفر يتعارض مع نصوص دستور 2014 التي كفلت حرية تنقل المواطن في الداخل والخارج".