في السابع من تموز يوليو للعام الماضي 2014، كانت غزة على موعد مع عدوان إسرائيلي جديد، لكنه كان مختلفاً وأكثر شراسة وضراوة وإجراما، وقد أدى هذا العدوان إلى استشهاد نحو ألفي فلسطيني وإصابة عشرات الآلاف من المواطنين بجراح متفاوتة. وقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة صيف 2014 باستشهاد 539 طفلاً، إضافة إلى إصابة 2956 آخرين. استمرت الحرب على القطاع مدة واحد وخمسين يوماً، خلال هذه الأيام، قامت آليات وطائرات الاحتلال الاسرائيلي بتدمير أحياء بأكملها، كما دمرت الطائرات الحربية أبراجاً سكنية مأهولة، الأمر الذي أدى إلى تشريد مئات الآلاف من السكان من منازلهم نتيجة الغارات العنيفة التي كانت تستهدف المدنيين في عمليات انتقامية أكثر منها مركزة تجاه المقاومة التي كانت هي الأخرى تقاوم الهجوم الاسرائيلي بضرب أهداف ومستوطنات إسرائيلية ومدن تصلها الصواريخ الفلسطينية لأول مرة كمدن حيفا، يافا، القدس، وتل الربيع المحتلة، إضافة إلى استهداف محيط مطار بن غوريون. وظهر مع استمرار العدوان الإسرائيلي، حراك سياسي للتوصل لتهدئة حيث وضعت المقاومة شروطاً كان أبرزها رفع الحصار الكامل عن قطاع غزة وبناء ميناء ومطار لحركة المواطنين الفلسطينيين، وسط تأييد ومساندة من مختلف الاوساط، ما استدعى إبرام اتفاق التهدئة في القاهرة، والذي لم يتجاوز إعلان وقف إطلاق النار في السادس والعشرين من آب أغسطس من العام نفسه. اللافت للذكر، هو توقفت الحياة في قطاع غزة طوال تلك الفترة، حتى أعلن عن مؤتمر إعادة إعمار غزة والذي لم يفلح هو الآخر حتى الآن بجمع مبالغ محدودة من قبل بعض الدول التي دفعت للأونروا ولبعض المؤسسات الدولية من أجل اعادة إعمار القطاع إلا أنه وبعد عام على الحرب فإن الإعمار ما يزال يُعد الملف الرئيسي الذي يؤرق سكان القطاع. في هذا السياق، صرح المحلل السياسي مصطفى الصواف، بأن الواقع في غزة لم يتغير عليه أي شيء منذ انتهاء العدوان عليها، رغم الكثير من المحاولات التي شهدتها الساحة السياسية للبحث عن مخرج، وأضاف بأنَّ هناك عرقلة متعمدة سواء من قبل الاحتلال أو لأسباب سياسية تتعلق بالوضع الداخلي الفلسطيني أو من قبل أطراف عربية ودولية لعملية الإعمار والتسهيلات التي من الواجب توافرها أمام المواطنين في القطاع. وأعرب الصواف عن اعتقاده بأن "الجهات المسؤولة في غزة تحاول صنع إنجاز سياسي في ظل هذا الواقع من خلال ربما الوصول لتهدئة مع إسرائيل عبر وسطاء، ولكن حتى اللحظة لم تصل بعد إلى مرحلة الاتفاق، وكل ما يتم عرضه عليهم هي مجرد أفكار" مشيراً إلى أنَّ الهدف من ذلك "رفع الحصار عن القطاع لكي يستطيع سكانه العيش بإنسانية وكرامة". وتابع الصواف في تصريح لوكالات الإعلام أنه وبرغم التعقيدات السياسية الفلسطينية الداخلية، إلا أنَّ الفصائل الفلسطينية ما زالت تتمسك بالكل الفلسطيني وتعتبر نفسها جزءً من الضفة وفلسطين المحتلة، ولا ترغب بأي اتفاق الهدف منه الفصل الجغرافي أو السياسي. وأوضح الصواف: "غزة تنتظر أن ترفع الأيدي الثقيلة عنها حتى تستطيع أن تعيد إعمار ما دمره الاحتلال بعد أن يسمح بالأموال التي رصدت لذلك بأن تدخل إلى قطاع غزة بالإضافة لإدخال مواد البناء". من جهته، يرى الكاتب والمختص بالشؤون الإسرائيلية أكرم عطا الله، أنَّ إسرائيل تريد أن تذهب سياسيًّا بغزة بعيداً عن الكل الفلسطيني، ولذلك تتحكم بواقع ومستقبل القطاع بتعطيل رفع الحصار وتحقيق نوع من الاستجابة لدى الطرف الذي تفاوضه ممثلا بحماس. وأضاف عطا الله :"المستقبل في غزة لن يكون غامضاً والأمور بدأت تتضح باتجاه جميع الأطراف نحو مفاوضات من أجل هدنة طويلة". مبينا أنَّ هدف إسرائيل الآن هو فصل القطاع عن الضفة، ما سيؤثر على الواقع والمشهد السياسي الفلسطيني الداخلي، ويزيد من تعقيدات ملف المصالحة التي تبتعد عن حماس وفتح. خاص البديل – جهاد ناجي يبدو أنَّ الحرب لم تضع أوزارها بعد، فقد مر عام كامل على الحرب والأمور تراوح مكانها، جميع الساكنين في هذه المدينة لا زالوا يشعرون بأنَّ طائرة قد تشن هجومها عليهم في أيَّة لحظة، خاصة وأنَّ شيئاً لم يتغير في العملية السياسية وأنَّ الأمور لا تسير بالشكل الذي كان متوقعاً بعد توقيع اتفاق التهدئة، فالبيوت ما زالت مهدمة، والناس ما زالوا مشردين من منازلهم، وحالة الحصار والتضييق تأخذ مجراها الذي عانى منه الفلسطينيين لسنوات عديدة، إضافة إلى الحالة الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المواطنون مروراً بالبنية التختية المترهلة جراء كلِّ هذه الإرهاصات التي ألمَّت بقطاع غزة وبسكانه.