مع اقتراب المحادثات الخاصة بإبرام اتفاق نووي مع إيران من محطتها الأخيرة، تتواصل المفاوضات واللقاءات التي تسابق الزمن للحصول على اتفاق نهائي بانتهاء الموعد المحدد في 30 يونيو الجاري، وفي الوقت نفسه تتضارب التصريحات بين احتمالية تمديد أجل المفاوضات والوصول إلى اتفاق أو الالتزام بالمدة المحددة لانتهائها. من المقرر أن يضمن الاتفاق النهائي، الذي يستند إلى اتفاق لوزان الإطاري المبرم في 2 أبريل الماضي، الطابع السلمي لبرنامج طهران النووي مقابل رفع العقوبات الدولية عن إيران، غير أن المفاوضات تجري بصعوبة وسط خلافات في وجهات النظر حول عدة قضايا أساسية. أفاد المتحدث باسم البيت الأبيض "جوش ايرنست" أن واشنطن لا تستبعد تمديد المفاوضات بشأن البرنامج النووي الإيراني، وقال "ايرنست"، "نحن نعتبر 30 يونيو هو الموعد النهائي، أنا بالتأكيد لا استبعد على غرار ما حدث في وقت سابق الربيع الماضي، بأن تستمر هذه المفاوضات لبضعة أيام"، في الوقت نفسه، أكد "إرنست" أنه "في الوقت الراهن لا نعتزم تمديد الموعد النهائي للمفاوضات". من جانبه؛ قال وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف"، إن "التوصل إلى اتفاق نووي مع السداسية الدولية قبل نهاية الشهر الجاري، ممكن إذا توافرت الإرادة السياسية للقبول بالحقائق والتقدم على أساس ما توافقنا عليه في لوزان"، مؤكدًا أن هناك التزامًا سياسيًا من جانب كل طرف لإحراز تقدم، مشيرًا إلى احتمال إنهاء هذه المفاوضات بحلول المهلة النهائية أو بعد ذلك ببضعة أيام، إلا أن "ظريف" أكد في الوقت نفسه أنه "مازالت هناك خلافات في الجانب الفني والسياسي". وفي السياق ذاته؛ أكد الرئيس الإيراني "حسن روحاني"، أن المفاوضات تنطوي على أهمية بالنسبة إلى إيران تتجاوز مجرد رفع العقوبات الدولية المفروضة عليها، معتبرًا أن المفاوضات "مثال كبير على إمكان حل مسألة سياسية من خلال المحادثات والتفاعل". وعلى صعيد متصل، تبنى البرلمان الإيراني بأغلبية ساحقة قانونًا لصيانة الحقوق النووية، يعتبر أية نتيجة للمفاوضات مع الدول الست غير سارية المفعول إلا إذا رفعت إجراءات الحظر بالتزامن مع تنفيذ الاتفاق، وهو ما اعتبره البعض ورقة قوية بيد الفريق المفاوض إذ يحمل ضمانات تحميه من أي ضغوط يتعرض لها خلال المفاوضات الماراثونية، فيما اعتبره البعض الآخر إضعاف من موقف الفريق المفاوض. وبموجب القانون الذي تبناه البرلمان، تلتزم حكومة الرئيس الإيراني "حسن روحاني" بصيانة الإنجازات النووية خلال المفاوضات، اجتنابًا لما يسمى بالاتفاق السيء في المفاوضات النووية، ويتكون المشروع من ثلاثة بنود أساسية، أولها إلغاء كامل لجميع إجراءات الحظر المنصوصة في قرارات مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي والكونجرس الأمريكي المرتبطة بالموضوع النووي في اليوم الذي ينفذ فيه الاتفاق، وثانياً يسمح القانون للوكالة الدولية للطاقة الذرية بإجراء عمليات المراقبة المعتادة والمعمول بها في المنشآت النووية مع مراعاة قرارات مجلس الأمن القومي الإيراني، بجانب أن مراجعة جميع وثائق العلماء والمراكز العسكرية والأمنية والأماكن غيرالنووية الحساسة ممنوع تحت أي ذريعة، فيما تم الإجماع في البند الثالث على رفض أي قيود على كسب العلوم والتقنية النووية السلمية. وبحسب القانون تقدم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني تقريرًا كل ستة أشهر إلى نواب البرلمان حول حسن تنفيذ الاتفاق النووي النهائي، فيما يفترض بوزير الخارجية تقديم تقرير إلى البرلمان أيضًا حول تنفيذ الاتفاق مرة كل ستة أشهر. ثبت المرشد الأعلى الإيراني "علي خامنئي"، الخطوط الحمراء التي كان وضعها لإبرام أي اتفاق، مستبعداً تجميد الأنشطة النووية لمدة طويلة أو تفتيش المنشآت العسكرية الإيرانية، وضرورة رفع العقوبات فور توقيع الاتفاق، ويكون "خامنئي" بذلك دعم القانون الذي أقره البرلمان الإيراني، وقال "أمريكا تسعى لتدمير صناعتنا النووية برمّتها، مفاوضونا يهدفون إلى ضمان سلامة البلاد، وانجازاتنا النووية خلال المحادثات"، وأضاف "تجميد الأبحاث والتطوير الإيراني لفترة طويلة مثل 10 أو 12 عاماً أمر غير مقبول، ينبغي رفع العقوبات على الفور عندما يوقّع الاتفاق، ولا ينبغي أن يرتبط ذلك بعمليات التحقق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وتابع "تفتيش منشآتنا العسكرية غير ممكن بتاتاً، وهو أحد خطوطنا الحمراء". القانون أثار موجات كثيرة من ردات الفعل المؤيدة والمعارضة له، حيث قال المتحدث باسم لجنة الأمن القومي في البرلمان الإيراني النائب "حسين نقوي حسيني"، إن السبب الأساسي لإقرار هذا القانون هو "عدم الوثوق والاطمئنان إلى الجانب الغربي وعلى رأسه أمريكا، وليس هناك أي خلاف بين المجلس والحكومة حول المفاوضات، بل يؤكد هذا القانون على دعمنا الشامل للفريق المفاوض مع الفريق السداسي"، وأكد "حسيني" أن المجلس والحكومة يبحثان عن أفضل السبل العملية لصيانة هذه الخطوط والدفاع عن حق الشعب الإيراني، وهناك تعامل إيجابي بين المجلس والحكومة بهذا الشأن. من جانبه اعتبر رئيس لجنة الأمن القومي "علاء الدين بروجردي"، أن القانون يدعم الحكومة والوفد المفاوض ويقوي موقفهم أمام الغرب، مضيفاً أن الخطوط الحمراء في المفاوضات قد أعلنتها اللجنة العليا للأمن القومي، والتي تتولى مهمة الإشراف على المفاوضات، والبرلمان بقراره هذا يدعم اللجنة، وأكد أن الدستور يفرض تمرير أي معاهدات أو اتفاقيات على البرلمان. على الجانب الآخر، أثار القانون انتقادات حكومية بدأت من مستشار الرئيس للشئون البرلمانية "مجيد أنصاري"، الذي أعلن عن اعتراضه في قاعة البرلمان، فيما قال المتحدث باسم الحكومة "محمد باقر نوبخت" إن القانون يخالف المادة 176 من الدستور الإيراني، بحيث إن اللجنة العليا للأمن القومي، هي التي تشرف على الملف النووي، الذي لا يعد من صلاحيات السلطة التنفيذية ولا التشريعية.