الأهالي يلقون مخلفاتهم في النهر لعدم وجود صرف صحي غسل الأواني والسباحة ومخلفات المعديات تسبب تلوث المياه تجميع وحرق القمامة على الشاطئ يصيب السكان بالأمراض تصوير: محمد حكيم تعددت صور تلوث مياه النيل داخل قرى محافظة المنيا المطلة على شواطئه، وبين الإهمال الحكومي والشعبي باتت شواطئ النهر علي امتدادها أقصر الطرق وأقربها للتخلص من القمامة والفضلات وروث البهائم، وكذا أغراض تنظيف الأواني والملابس. جلوس السيدات علي شواطئ القرى المطلة علي النهر بامتداده مشهد يبدأ مع بزرع شمس كل صباح وحتى وقت الغروب، لغسل الملابس والأواني، باستخدام المنظفات الكيماوية اللازمة للتنظيف، دون مبالاة لما قد تسببه تلك المنظفات من تلويث للنهر. ومن داخل قرية «سوادة» بمركز المنيا، رصدت عدسة «البديل»، صورا عدة لتلوث مياه النهر الخالد من قبل الأهالي، لم تختلف عما رصدته الجريدة داخل قرية «بني خالد» بمركز سمالوط، وأكد الكثيرون أن الوضع لا يختلف بجميع القرى المطلة علي شواطئ النهر. أجمع الأهالي على أن عدم توفير شبكة للصرف الصحي وراء اعتماد الكثيرين علي النيل سواء في عمليات تنظيف الأواني والملابس وإلقاء مياه الصرف المنزلية بالنيل، وأوضحوا أن معظم منازل القرية بها خزان للصرف –بالوعات- إذا ما اعتمدوا عليها فقد يحتاجون لنزحها كل شهر، وهو ما يكبدهم أعباء مالية لا يتحملونها، وبالتالي فإن عملية تنظيف أغراضهم بالمنازل غير مفضلة. محمد طه، عامل بالمحاجر يقطن قرية سواده، قال ل"البديل"، إن عددا من منازل القرية ليس بقليل يفتقر لوجود خزان صرف صحي كما تفتقر منازل عدة لمياه الشرب معتمدين على الطلمبات الحبشية في أغراضهم كافة، وبالتالي يصرفون فضلاتهم بالنيل لكونه الوسيلة الوحيدة لديهم. وفي مشهد آخر رصدته «البديل» تلقي عدد من السيدات فضلات وقمامة المنازل داخل النيل، إضافة لإلقاء مياه الصرف الصحي والمياه غير النظيفة، وكذا روث البهائم، وأجمع الأهالي أن عدم توافر صناديق للقمامة يضطرهم لإلقاء فضلاتهم بالنيل، وقال الحاج محمد أبو هلال، إن قرية سوادة لا يوجد بها صندوق قمامة واحد، وتساءل: «نودي الزبالة فين قولولنا، وقولولنا قبل ما تحاسبونا». أكوام من القمامة المحترقة علي حافة النيل، تجاورها منازل عدة لقاطني المناطق المطلة على النهر، اعتقد الأهالي أن حرق القمامة أفضل الطرق للتخلص منها دون تلويث مياه النيل، وكان هذا الاعتقاد وراء تراكم الأكوام المحترق بصورة مخيفة، ودائما ما يكون مصيرها التسرب للمياه تدريجيا بعد تراكمها وارتفاعها بأمتار عن سطح الأرض تصل ل5 متر. الجيفة والميتة ليل نهار وفي صورة ترسخ وجه الإهمال والعبث لا تخلو مياه النهر من وجود الجيفة الميتة والعفنة من المواشي والحيوانات النافقة، وغالبا ما تكون القرى محطة إلقاء تلك النوافق، لصعوبة التخلص منها سوى بهذه الطريقة. ويلجأ عدد كبير من شباب وأطفال القرى للاستحمام داخل مياه النيل، ويتضح ذلك بشكل أكبر في فصل الصيف خاصة فترات الصباح والظهيرة بدوافع الهرب من حرارة الجو، وكذا الاستمتاع بالسباحة كرياضة مفضلة وذلك بحسب تأكيداتهم، وأوضحوا أنها عادة قديمة يتبعها معظم شباب القرى المطلة ليس على النيل فقط ولكن بكافة الترع وروافد النهر. ولم تسلم المعديات النيلية من تهمة تلويث النهر من خلال مستقليها والعاملين بها، حيث يلقون فضلاتهم داخل المياه خلال رحلتهم علي شاطئي النهر، في الوقت نفسه رصدت "البديل" تزود بعض تلك المعديات بموتور يعمل بالسولار ويلقى مخلفاته داخل المياه. الحد من التلوث كما يرى الدكتور أحمد إبراهيم مزين، لابد وأن يكون في اتجاهين، أولهما التوقف التام عن إلقاء الصرف الصحي والصناعي والزراعي في المياه بكافة أنواعها، وثانيهما يتحقق عن طريق إنشاء محطات صرف لجمع هذه المياه من المناطق السكانية الواقعة على النيل أو الشواطئ ومعالجتها واستغلالها في زراعة النباتات الخشبية، وإلزام جميع المصانع والمؤسسات بمعالجة مياه الصرف والمخلفات قبل إلقائها مع الالتزام بمواصفات مياه الصرف، مع تحصيل رسوم وغرامات من الشركات والمصانع المخالفة، وكذا إنشاء وحدة رصد بيئي بكل منطقة لعمل مسح شامل لرصد التلوث، وأخيرا العمل على تطبيق جميع القوانين والتشريعات التي تصدر بشأن حماية البيئة والمياه.