هل نحن بحاجة لإصلاح أم تغيير؟ أغلب الظن في واقعنا أننا لم نعد بحاجة لإصلاح بل تغيير. لكن هل نقصد التغيير السياسي بشكله الثوري المفترض؟ بالطبع لا. فواقع الأمر أيضًا أننا جعلنا الثورات هي الأخرى تقليدية، تتبع نمطًا إصلاحيًّا أو تحويليًّا وليس جذريًّا، وحتى هذا التغيير الجذري في واقعة نمط غير مقبول لدينا نحن المصريين والعرب لدينا ميراث من التاريخ يجعلنا نخشى المستقبل، مهما كانت الطموحاتومهما بلغنا من الخيبة والتخبط في واقعنا، نعود بقناعة كاملة لظل أطلال التاريخ لنختار ترميم منزل أجدادنا القديم، رغم كوننا ندرك أنه لن يسع ميراث الأحفاد،ودون إطالة وتقديم ودون أدبيات وتنظير تغلب علية العاطفة، اجعلونا نسلم بثابت يقول: إن التغيير المفترض هو تغيير المفاهيم والقناعات والمقاييس، أي تغيير الأفكار وليس تغيير الأنظمة والحكام. فالسؤال الذي ينبغي أن يطرح: ما هو النظام, الدولة, الوطن..وهل هما واحد في اعتقادنا؟ فاذا كان لنظام السياسي بشكلة المجرد هو: (مجموع القوانين والأنظمة، وتلك الأنظمة والقوانين لها أجهزة ومؤسسات تعمل علي تطبيقها، لتحقيق بكل هذا مجتمع مشروع وحلم الدولة). أما نحن العرب بكل أسف لدينا تعريف مختلف، فالنظام في أعيننا هو الأب هو الدولة، وفي بعض الأوقات الوطن. وبهذا المنطق نكون أكثر مرونة في تقبل عيوبنا، بل والتعايش معها. وإذا كنا كذلك: فهل نحن العرب ندين بالولاء للأفكار أم الأشخاص، للأنظمة كممثل للدولة أم للدولة كوكيل للوطن؟ هل نحتاج إلى صياغة أفكارنا القديمة أم بحاجة إلى صياغة نظرية جديدة، كيف هي القومية والوطنية والدين في عقولنا، أهي ثابت واحد أو متغيير يقبل الترتيب وفقًا لأولويات وتوجهات الأنظمة؟ هل نحن ندرك الفارق بين الشعار والمشروع، هل ندرك أن شعارات الحرية، الديمقراطية، الاشتراكية, القومية, حقوق الإنسان، حرية الصحافة والإعلام، ما هي إلَّا مفاهيم عائمة؟ شكلية أكثر منها تشكل أفكارنا وتعبر عنا، بل هي حتى لا ترتقي لتجسد منفردة مشروع دولة أو أيدولوجيات معارضة. ومن هنا توجب علينا تغيير مفهومنا عن التغيير، بكونه يجب أنيكون في الأفكار التي تحكم وليس في الحكام, في عقل الدولة الاستراتيجي لا إلهام الزعيم، أي لابد من إيجاد هدف وغاية وقضية مصيرية ومشروع دولة، لا أن يكون شعار تجربة، ومرحلة لنظام سياسي أو اقتصادي، لكننا بكل أسف فاقدون لقضيتنا، ننشد الإصلاح من الخارج، ولا نريد أن نغيير أنفسنا. والوهم القائل إن الأحزاب والمؤسسات المدنية هي أساس التغيير أو الإصلاح، فلا هي تلك ولا ذاك، هي مجرد استهلاك لأي جهد أو محاولة جديرة بالاحترام، لا ندعو هنا لدولة الحزب الواحد أو دولة 300 حزب، بل نقول إننا كما نحن بحاجة لإعادة هندسة مؤسسات الدولة، فنحن أيضًا بنفس الحاجة نرى الأحزاب. وخلاصة الأمر أننا لسنا بحاجة إلى تغيير الدستور والقوانين، بل حتى لا نطالب بتغيير وزارة أو رئيس، بل بحاجة لتغيير ثوابتنا الموروثة لتولد من رحم الوطن دولة مختلفة، لها طابع المؤسسة لا الحزب؛ لتكون دولة فكر لا فكرة نظام؛ لتعبر عن منظومة حكم لا نظام حاكم..