شهدت الانتخابات البريطانية مفاجأة من العيار الثقيل بعد فوز حزب المحافظين بالأغلبية بزعامة رئيس الوزراء ديفيد كاميرون بعدما كانت أغلب استطلاعات الرأي تشير إلى أن المهمة تعتبر صعبة وتتطلب خوض مفاوضات عديده لتكوين تحالف لتشكيل الحكومة، إلا أن النتائج كانت بمثابة «تسونامي بريطاني»، حيث فاز الحزب بأغلبية 330 مقعداً في مجلس العموم البريطاني ، ما يؤهل حزبه لتشكيل الحكومة بمفرده. بعد الانتهاء من فرز الأصوات في 650 منطقة أشارت النتائج إلى حصول حزب العمال على 232 مقعداً، والحزب الاسكتلندي القومي على 56 مقعداً، إضافة إلى ثماني مقاعد لكل من الحزب الديمقراطي الليبرالي وحزب الاتحاد الديمقراطي الأيرلندي الشمالي، في حين تمكنت بقية الأحزاب الأخرى من الفوز ب15 مقعدًا. وبموجب القوانين البريطانية تشكيل أي حزب للحكومة بمفرده؛ يتطلب حصوله على أكثر من نصف عدد المقاعد، أي 326 مقعدا من أصل 650، وعقب الانتخابات قدم 3 رؤساء أحزاب استقالتهم، وهم رئيس الحزب الديمقراطي الليبرالي نيك كلغ، ورئيس حزب العمال إيد ميليباند، وزعيم حزب استقلال المملكة المتحدة نايجل فرج المعروف بتوجهاته المناهضة للاتحاد الأوروبي والمهاجرين. يأتي فوز الحزب الاستكلندي القومي بمثابة صعقة كبيرة على وجه الوحدة البريطانية، حيث يرى مراقبون أنه ستكون للانتخابات البريطانية عواقب كبيرة على المملكة المتحدة المهددة بالانقسام بعد الفوز الكاسح للقوميين المطالبين بالاستقلال في اسكتلندا في حين تخيم الشكوك على بقائها داخل الاتحاد الأوروبي، فالحزب القومي الاسكتلندي الذي مني بهزيمة في الاستفتاء على الاستقلال قبل ستة أشهر تمكن من رص صفوفه والفوز ب56 مقعدا من أصل 59 في اسكتلندا التي كانت تعد إلى فترة قريبة معقلا حصينا لحزب العمال، وإزاء هذا المد القومي الكبير في اسكتلندا أكد رئيس الوزراء الذي أعيد انتخابه بغالبية مطلقة ديفيد كاميرون مجددا رغبته في منح مزيد من الصلاحيات للحكومات الإقليمية في المملكة المتحدة. وقال في خطاب من مقر الحكومة بعيد إعادة تعيينه رئيسا للوزراء من قبل الملكة اليزابيث الثانية «في اسكتلندا تقوم خطتنا على إنشاء حكومة لا مركزية قوية جدا مع سلطات مهمة في مجال فرض الضرائب»، وأكدت رئيسة وزراء اسكتلندا نيكولا ستيرجون مرارا أن مطالبها الملحة تتركز في التحكم في الشؤون المالية، مشيرة إلى أن قضية الاستقلال ليست مطروحة على جدول الأعمال، لكن بعد فوزهم الكاسح في الانتخابات قد تزداد شهية القوميين الاسكتلنديين. وفي ما يخص علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي، يقول المحللون إن ديفيد كاميرون المؤيد لإعادة التفاوض حول علاقات بلاده مع الاتحاد الأوروبي الذي انضمت إليه في 1973 عندما كان لا يزال سوقا أوروبية مشتركة وليس مشروعا سياسيا، سيميل إلى «تقديم موعد الاستفتاء إلى العام المقبل» للبت في هذه المسألة التي شكلت موضع خلافات شديدة وانقسامات في صفوف الحزب خلال العقود الماضية. وبدأت تتبلور التشكيلة الوزارية للحكومة البريطانية الجديدة، وأوضح كاميرون، في تغريدة عبر موقع تويتر، أن وزير المالية جورج أوزبورن، ووزير الخارجية فيليب هاموند، ووزير الدفاع مايكل فالون، ووزيرة الداخلية تيريزا ماي، في الحكومة المنتهية ولايتها؛ سيحافظون على حقائبهم الوزارية في التشكيلة الجديدة. ورجح مراقبون لصحيفة تليجراف وقوف اللوبي الصهيوني خلف خسارة حزب العمال بزعامة ميليباند، حيث توعده سابقا بهزيمة انتخابية جراء مشاركته في حفل بمناسبة الاعتراف الرمزي في البرلمان البريطاني بدولة فلسطين، ورغم أن القضية الفلسطينية خسرت بهزيمة حزب العمال الداعم لقضاياها، إلا أنها نجحت في إبقاء عدد من أنصارها في مقاعدهم. واكتسح أصدقاء فلسطين دوائرهم وتفوقوا بنسبة كبيرة على منافسيهم، حيث احتفظ كل من جيرمي كوربن وأندي سولتر وستيفن باوند وربى حق بمقاعدهم، وقال رئيس المنتدى الفلسطينيببريطانيا زياد العالول إن "أصدقاء فلسطين في معظم الأحزاب فازوا وسوف يتعاظم دورهم في البرلمان رغم خسارة حزب العمال وتصدر المحافظين.