بعد انتصار الجيش العراقي في معركة تحرير تكريت، بدأت الأنظار تتجه إلى معركة جديدة ومرحلة عسكرية أخرى لتحرير الموصل، لكن هذه المعركة تتطلب تكاتف الجهود ونبذ الخلافات وهو ما فعله القادة العراقيون لبدء العملية. جمعت معركة الموصل واستعادة محافظة نينوى من يد تنظيم "داعش" بين رئيس الوزراء العراقي "حيدر العبادي" ورئيس إقليم كردستان العراق "مسعود بارزاني"، وذلك في الوقت الذي تتعدد فيه الملفات العالقة بين الحكومة العراقية الاتحادية وإقليم كردستان العراق، حيث توجه رئيس مجلس الوزراء "حيدر العبادي" الاثنين الماضي إلى منطقة كردستان لبحث خطة تحرير محافظة نينوى من العناصر الارهابية، في زيارة وصفت ب"التاريخية"، وقد جاء "العبادي" إلى الإقليم على رأس وفد حكومي وعسكري رفيع، وبدا لافتا أن المشاركة في الاجتماعات من الجانبين اقتصرت على الأمنيين والعسكريين. تمخضت الاجتماعات التي عقدها رئيس الوزراء العراقي في أربيل مع رئيس إقليم كردستان "مسعود بارزاني" وقادة الإقليم، عن اتفاق يقضي بتشكيل لجنة عسكرية بين الطرفين تقع على عاتقها تخطيط ودراسة العملية المرتقبة لتحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش. وصف "بارزاني" في مؤتمر صحافي مشترك عقده مع "العبادي" بعد عدة اجتماعات بين الطرفين في دار ضيافة رئيس حكومة الإقليم "نيجيرفان بارزاني"، وسط أربيل، زيارة العبادي بأنها "تأتي في وقت حساس جدا، ولها أهمية كبيرة، وكانت فرصة مهمة جدا لنتدارس جميع الأمور المتعلقة بمصلحة العراق ومستقبله"، مضيفًا "الآراء كانت متطابقة وتوصلنا إلى اتفاقات وتفاهمات وإلى العمل المشترك من أجل القيام بكل من شأنه خدمة مصلحة البلد وتحرير العراق بكامله من الإرهابيين"، مؤكدا بالقول "بلا شك ستكون هذه الزيارة عاملا أساسيا لتعزيز التعاون بين الإقليم والحكومة الاتحادية". وتابع بارزاني "تطرقنا إلى كل المسائل واتفقنا على التعاون الجدي من أجل إزالة كل العقبات أمام هذه المسائل، مشكلات الإقليم جزء من المشكلة العامة التي يعاني منها العراق بسبب التطورات المعروفة لدى الجميع، واتفقنا اليوم على حل كل هذه الإشكالات"، وكشف أن الجانبين قررا تشكيل لجنة مشتركة من الخبراء العسكريين والأمنيين لدراسة كيفية مشاركة الإقليم في عملية تحرير الموصل والعمليات المشتركة الآن ومستقبلا، وقال "نحن ننتظر نتيجة الدراسة التي ستنفذها هذه اللجنة ومن ثم سنصدر القرار النهائي بهذا الصدد"، مؤكدا أنه ليست هناك أي علاقة بين التنسيق العسكري ومسألة الميزانية التي لا يزال دفع حصة الإقليم منها يصطدم بعقبات. بدوره قال "العبادي"، "توجد بيننا وبين الإقليم تفاهمات حول إن مسؤولية تحرير نينوى تقع على عاتقنا جميعا، تمكنا خلال المدة الماضية من تجاوز كثير من العقبات والمشكلات فيما بيننا، ولدينا خطة للتواصل وتصفية كل المشكلات السابقة المتراكمة بين الجانبين، وهناك توجه لمزيد من العلاقات الإيجابية"، وتابع "اتفاقنا على التعاون المطلق، اتفقت مع رئيس الإقليم والقادة الآخرين على فتح كل أبواب التعاون بين الطرفين في المجالات العسكرية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، لأن مصيرنا واحد ضمن العراق الموحد، وعدونا يستهدفنا جميعا، كما شاهدنا في معارك الموصل وديالى وكركوك"، مضيفا "حاليا لا توجد مشكلة حول الموازنة مع الإقليم، أموال الموازنة العراقية غير كافية للجميع، وأنا أعلم أن الإقليم غير راض عن موازنته، وهذا حال كل المحافظاتالعراقية". الأمين العام لوزارة البشمركة "جبار ياور"، وصف زيارة "العبادي" لكردستان بالمهمة والتاريخية، وأكد "أن عملية تحرير مناطق نينوى من تنظيم الدولة كانت على رأس الموضوعات التي تمت مناقشتها، ولاقت تفاهما مشتركا من الجانبين، خاصة أنهما يواجهان عدوا مشتركا"، وكشف أن قوات البشمركة ستشارك في تلك العملية إلى جانب اكثر من 18 لواء تابع للدفاع والداخلية، فضلا عن طيران التحالف الدولي والجيش العراقي، بالإضافة إلى المتطوعين من أبناء المنطقة، وقوات مجلس محافظة نينوى، وأشار إلى أن "بارزاني" أعرب عن استعداده لمساندة القوات الأمنية العراقية دون شروط. تعتبر مدينة "الموصل" ثاني أكبر المدن العراقية من حيث السكان بعد بغداد وهي مركز محافظة "نينوي"، وتبعد مدينة الموصل عن مدينة بغداد 465 كم، كما أن استعادتها تمثل انتصارا هاما للقوات العراقية لما لها من أهمية إستراتيجية في شمال العراق، حيث تمتد مدينة الموصل على الضفة اليسرى لنهر دجلة وتوجد بجوارها أطلال مدينة "نينوى"، ويتكون سكان الموصل من خليط من المسلمين والمسيحيين والأكراد والتركمان. تتميز مدينة الموصل بموقعها الذي يمثل عقدة جبلية مهمة في أقصى شمال العراق، تتجمع فيه طرق المواصلات المختلفة القادمة من الشمال وتلك المتجهة نحو الجنوب، كما يعد هذا الموقع بوابة العراق الشمالية إلي جانب توسطها منطقة حقول النفط المهمة في شمال البلاد مما يجعلها أكبر مدن العراق الشمالية وعقدته الرئيسية. تمكنت عناصر تنظيم "داعش" في يونيو الماضي، من اجتياح مدينة الموصل الواقعة شمال العراق وفرضوا سيطرتهم على أجزاء واسعة منها، وتقدر أعداد "داعش" الموجودين في المدينة ما بين ألف إلى ألفي مسلح.