عرف "بدو البحر الأحمر"، باعتمادهم على الرعي بصفة أساسية في حياتهم، وأنهم السكان الأصليون لمحافظة البحر الأحمر بمصر. تاريخيًّا.. يسيطر العبابدة والبشارية على جنوب المحافظة، إضافة إلى بعض العائلات المتفرقة في الشمال، وهم يعتمدون على الرعي بصفة أساسية، وتتركز أكبر قبائل البدو في الشمال والغردقة، وهي قبائل جهينة والقزايزة والرشندية وعملهم الأساسي صيد الأسماك، إضافة إلى عائلات من العبابدة، وهناك بعض القبائل المتفرقة في المدن؛ كقبائل العرينات والعزايزة والجعافرة وعبس والحويطات. أما بدو الصحراء بالشمال، فهي قبائل المعازة، فهي قبيلة تمتد من الشمال في الزعفرانة حتى قرية النصر جنوبًا في طريق قنا سفاجا، ويتركز معظم أفراد هذه القبيلة بمنطقة بئر البويرات طريق الزعفرانة الكريمات، وهو أكبر تجمع لهم، أما في الغردقة، فيعملون في محطات البدو، غرب المدينة، أما قرية النصر في طريق سفاجا قنا، فهي القرية الوحيدة التي تتمتع بالخدمات، أما باقي المناطق فمحرومة تمامًا؛ خاصة بئر البويرات، التي يسكنها أكثر من 2500 مواطن ومحطات البدو غرب مدينة الغردقة، وهذه المحطات تقوم بخدمات السياحة، حيث تجمعاتهم حول الآبار. "حرز مالكان".. الحياة البدوية بمفهومها السياحي.. وصيدلية من الأحجار "حزر مالكان" منطقة بالغردقة يوجد بها مجموعة من البدو داخل جبال البحر الأحمر يعملون مع السياح أو من أجلهم، على الرغم من أنهم لا يمتلكون أي وسائل للتعليم ولا يجيدون القراءة والكتابة، إلَّا أنهم يجيدون التحدث بعدد من اللغات، أهمها الروسية والألمانية في الوقت الذي لا يستطيعون فيه نطق العربية بشكل جيد. على الرغم من أن محافظة البحر الأحمر منذ عام 2011 تحاول توفير مساكن لهؤلاء البدو بمناطق قريبة بالغردقة، إلَّا أن أغلبهم لم يذهب إلى تلك المناطق، وفضلوا التواجد بين الجبال والعشش؛ لأنها مصدر رزقهم، حيث جبال حرز مالكان الذي يأتي لها الجميع من بلدان العالم كافة لزيارتها. في جولة البديل" بجبال "حرز مالكان" حيث الحياة البدوية ب أشكالها كافة، من كحل العيون والرموش السوداء تظهر نساء البدو وهن يمسكن الجِمال ويتجولن بالسائحين، أما الرجال فاتخذوا من الجبال مقاعد لهم؛ لكي يروا السائحون المغارات المتواجدة بداخلها وأيضًا يعرفونهم على مظاهر الحياة البدوية. فعلى سبيل المثال الحياة البدوية تتمتع بصيدلية من الجبال، ولا يوجد لديهم أي نوع من أنواع الأدوية التي يستخدمها الأطباء في الوقت الحالي، ففي ركن من أركان حرز المالكي، يوجد ما يشبهه بالمغارة، وتلك المغارة ما هي إلَّا مكان يضم عددًا من الأحجار التي تستخدم في العلاج وعلى رأسها "الحنظل الجبلي" الذي يستخدم في علاج الروماتيزم، أما كف مريم فيستخدم لعلاج منع الحمل، في حين أن المرمر الحجر الجبلي يشرب لعلاج أمراض القلب، وهكذا "الشيح" الذي يستخدم لطرد الثعابين من المناطق التي يعيشون بها. على الرغم من أن "الصيدلية البدوية" تصرف محتوياتها للبدو مجانًا، إلَّا انهم يعرفون كيف يحصلوا على مبالغ مالية منها، فتلك الأحجار يتم بيع بعضها للسياح بالدولار، حتى يستفيدوا منهم. أما عن الماء والكهرباء فحرز مالكان، لم تحظ بتواجد أي من الأساليب الحديثة الحالية، فالبدو هناك يحصلون على المياه من خلال بئر كان متواجدًا منذ أيام "مالك" وهو شيخ القبيلة الذي سميت عليه الجبال، وحتى الآن يتم استخدامه، على الرغم من صعوبة استخراج المياه منه، إلَّا إنهم يجدون متعه في ذلك. في حين أنهم مازلوا يستخدمون لمبات يدوية تصنع من الجاز، من أجل إنارة الجبال ليلًا. "بدو المالكي".. عزلة عن الحياة وعشق لسماء الخالق يبدو أن حياة البدو غير الصالحة بالنسبة لإنسان يعيش في القرن ال21 إلَّا أنها تروق لهم ولا يريدون تغييرها، فيقول الهيثم مالك، أحد المتواجدين بالجبل: حرز مالكي بمثابة الوطن لجميع المتواجدين به ولا يستطيعون التخلي عنه، مشيرًا إلى أنهم منذ الصغر والسائحون يتوافدون إلى هنا ومن التعامل معهم تدريجيًّا اكتسبنا منهم اللهجات التي يتحدثونها. وتابع: "البدو حياتهم تكمن في راحة البال، وتلك الراحة لا توجد إلَّا بين الجبال ما بين سماء الخالق"، وتعتمد على التنقل والترحال في حين أننا بالفعل نقوم بذلك، لكن داخل الجبال نفسها وليس لنتحضر. وأكد أن كل مواطن مصري يؤقلم حياته وفق ما نشأ عليه، لذا فالبدو هنا يعيشون في رفاهية بالنسبة لهم، طالما يوجد رأس المال من السياح. ويقول محمد عاطف بن مالك: كل المتواجدين بحرز مالكي من أبناء قبيلة مالك، ومن المعروف أن الجبال لا يعيش بها إلَّا القبائل، لافتًا إلى أن حياة القبائل أفضل بكثير من الحضر، لكن التخوف الحقيقي يكون من العداء بين قبيلة وأخرى. وتابع: نحن هنا لا يتعرض لنا أحد؛ فمن المعروف أن قبيلة مالك متواجدة خصيصًا لخدمة السياح وتروج لباقي القبائل عن طريقنا، لافتًا إلى أن أنها القبيلة الوحيدة التي تمتلك صيدلية حجرية كل منتجاتها من الأحجار. وأكد: مطالبنا من الدولة تتمثل في عمل مدرسة فقط لمساندة الأطفال وتعليمهم اللغة العربية، فضلًا عن التعامل بشكل حضاري يليق بهم كجزء من أبناء الدولة، مشيرًا إلى أننا نعاني من تهميش لا أحد يشعر به سوانا. ويقول دكتور محمود سلمان، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة عنهم: تعايش البدو ورفضهم الاندماج في المجتمعات التي توفرها لهم الدولة يرجع لكينونتهم الخاصة التي تختلف مع مجتمعاتهم، مشيرًا إلى أن الدولة توفر لهم شققًا سكانية وتجمعات مثلما في الحضر، فيشعرون أنهم مختلفون فيعدون إلى حياتهم الأولى مرة أخرى. وتابع: على الدولة أن توفر لهم سبل الحياة الطبيعية، لكن داخل حياتهم البدوية، مشيرًا إلى أنهم يعيشون حياة صعبة ويحتاجون إلى وجود أدنى أساليب الحياة من مستشفيات ومدارس، مؤكدًا أن تواجد البدو بالبحر الأحمر أمر لا يمكن الاستغناء عنه؛ لأنه جزء من السياحة التي يقوم عليها المكان.