طرحت فكرة إنشاء السدود الإثيوبية عام 1958 بإقامة 4 سدود على النيل الأزرق على أبعاد مختلفة بغرض توليد الكهرباء بمجمل سعة تخزينية لا تتعدى سعة سد النهضة الحالى. لكن لاح فى الأفق اقتراح صيني ببناء سد واحد "النهضة" بمواصفاته الحالية؛ ترشيدا للنفقات، وذلك بمباركة رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل، ميليس زينازي، الذى أصدر تعليماته إلى الشركة الإيطالية المنفذة للمشروع بسرعة تطوير السد من 14.5 مليار إلى أقصى سعة ممكنة، مما أظهر الغرض الرئيسي منه وهو تخزين المياه، وليس لتوليد الكهرباء كما يدّعون. يقول الدكتور نادر نور الدين، خبير الموارد المائية والأراضي، إن إثيوبيا شرعت في برنامج الدراسة الشاملة للنيل الأزرق عام 1958، من خلال جرد وحصر كامل للمياه وغيرها من الموارد الطبيعية في الحوض؛ بهدف إعداد نموذج يمكن الاحتذاء به في دراسة باقي الأحواض في البلاد، لخلق وتنمية ومعرفة حجم الموارد البشرية اللازمة لتنمية القطاع المائي. وأضاف "نور الدين" أن الدراسة خلصت لثلاث أمور، أولها يمكن تنظيم الموارد المائية من أجل إنشاء محطات توليد الكهرباء مائيا، وثانيها تنظيم الموارد المائية اللازمة للتخطيط لمشروعات الري في أبعد نقطة لتدفقات المياه، وأخيرا وضع تصور لنموذج للشراكة المائية عند انعقاد جلسات للتفاوض مع دول المصب، لافتا إلى أنه تم استقدام مكتب استصلاح الأراضي للشئون الداخلية التابع للولايات المتحدةالأمريكية للمشاركة في مشروع الربط «برنامج تعاون الولاياتالمتحدة – إثيوبيا» لدراسة حوض النيل الأزرق، وتم الاتفاق على أن يتقاسم الشريكان تكاليف البرنامج ويقوم كل منهما بتوفير العمالة والموظفين اللازمين، وأنفقت إثيوبيا وحدها خلال الدراسة 42 مليون "بر" إثيوبي. وأوضح خبير الموارد المائية أن الدراسة المكثفة لحوض نهر الأباي "النيل الأزرق" استغرقت خمس سنوات، وقدمت نتائج في مجالات الهيدرولوجي، ونوعية المياه، والخرائط الجغرافية والكونتورية، والجيولوجيا، والترسيب والإطماء، والموارد المعدنية، واستخدامات الأراضي، والمياه الجوفية، والموقف الاجتماعي والاقتصادي، مضيفا أن الدراسة قدمت مقترحا بإنشاء أربعة سدود على مجري النهر بسعة مائية سنوية تبلغ 51 مليار مترا مكعبا، لكن دون تنفيذ. وأشار "نور الدين" إلى أن السدود الأربعة في الدراسة الأمريكية كانت بحجم 51 مليارا فقط، منها سد الحدود "النهضة" الحالي بسعة 11 مليارا فقط؛ للحفاظ على معامل الأمان، خاصة أنه في منطقة انحدار كبير، إلا أن السعة التخزينية لسد النهضة وحده أصبحت 74 مليارا، وسعة السدود الأخرى 200 مليار، ما يوضح الأطماع الإثيوبية في المياه. وتابع أن تعديل مواصفات سد النهضة، جاء بناء على تعليمات من رئيس الوزراء الإثيوبي الراحل، ميليس زينازي، إلى الشركة الإيطالية المنفذة للمشروع، والذى أمر بسرعة زيادة سعة السد من 14.5 مليار إلى أقصى حدود ممكنة، مستطردا: «اعترف رئيس الشركة الإيطالية أمام لجنة الخبراء الدوليين عام 2012، التي سلم تقريرها في مايو 2013، وكانت تضم خبير ألماني وفرنسي وإنجليزي وجنوب إفريقي، بأن رئيس الوزراء الإثيوبي كلفه بمنع المياه عن مصر وأن يكون السد كبير وضخم بصرف النظر عن الهدف من إنشائه لتوليد الكهرباء أو لتخزين المياه بما يوضح أغراض إثيوبيا في السيطرة على مصر». ولفت خبير الموارد المائية إلى أن كفاءة توليد الكهرباء من سد النهضة لا تزيد على 30%، بينما المعدلات العالمية وحتى السدود داخل إثيوبيا نفسها لا تقل الكفاءة عن 60 إلى 66%، بما يؤكدا أن السد لتخزين المياه وليس لتوليد الكهرباء. من جانبه، قال الدكتور إسلام ممدوح، خبير السدود، إن إثيوبيا قررت إنشاء سلسلة من السدود "محطات كهرباء" فى خطة طموحة لدفع عجلة النمو بها، حيث بدأت دراسات إنشاء السدود عن طريق مكتب الاستصلاح الأمريكى الفيدرالى فى أواخر الخمسينات، وانتهت عام 1964 بمواقع لإنشاء 4 سدود رئيسية على النيل الأزرق وأخرى صغيرة هى "بوردر، ومندايا، ومابيل، وكارادوبى"، بأحجام تتراوح من 32 مليار متر مكعب لكارادوبى، حتى 12 مليار متر مكعب لبوردر بمجموع 73 مليار متر مكعب، مضيفا: «من الواضح أن المخططات الإثيوبية تم تعديلها وفقا للأسلوب الصينى، ببناء سد واحد بالحجم الكلي للسدود الأربعة فى مخرج النيل الأزرق. وأكد "ممدوح" أن السد بالمواصفات الجديدة مربح اقتصاديا ويسترد نفقات إنشائه فى فترة أقصر من أى موقع آخر، لافتا إلى أن المياه المخزنة فى سد النهضة مستحيل استخدامها لغرض الزراعة فى إثيوبيا لأمرين، الأول استخدام مياه رى للزراعة يتطلب تخزينها على ارتفاع أعلى من الأرض المحيطة وليس العكس، والثانى أن تكلفة الزراعة على مياه بحيرة سد النهضة مرتفع، بالمقارنة بالزراعة على مياه الأمطار الغزيرة واستخدام تخزين المياه فى الأحواض.