تحتل مصر المركز 158 في مجال حرية التعبير والصحافة، حسب تقرير "مراسلون بلا حدود" لسنة 2015، متقدمة مركزًا واحدًا عن 2014، الأمر يؤشر بأن الصحافة المصرية مازالت في خطر، وبعيدة كل البعد عن مفهوم الحرية سواء كان في تداول المعلومات أو حرية النشر. وشهدت مصر في الساعات الأخيرة، تصرفا يعد الأخطر في مؤشر حرية الصحافة بعد مصادرة تحقيق صحفى منشور فى جريدة الوطن، بعدما كشف امتناع 13 وزارة وجهة سيادية عن دفع الضرائب المُستحقة عليها خلال السنوات الماضية، الأمر الذي استدعى سحب النسخة المطبوعة واستبدالها الموضوع محل الجدل. لم تكن واقعة الأمس الأولى في مسلسل عدم انتهاك حرية الصحافة، بل سبقتها مرات من المصادرة لصحف «صوت الأمة، والدستور، والمصري اليوم، والشارع، والشعب»، وغيرها من الجرائد الأسبوعية واليومية، الأمر الذي يعد انتهاكا صريحا لمواد الدستور. الجدير بالذكر أن المادة 70 من الدستور تنص على «حرية الصحافة والطباعة والنشر الورقي والمرئي والمسموع والإلكتروني مكفولة، وللمصريين من أشخاص طبيعية أو اعتبارية، عامة أو خاصة، حق ملكية وإصدار الصحف وإنشاء وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، ووسائط الإعلام الرقمى، وتصدر الصحف بمجرد الإخطار على النحو الذى ينظمه القانون، وينظم القانون إجراءات إنشاء وتملك محطات البث الإذاعي والمرئي والصحف الإلكترونية». ويليها مادة 71، التى تنص «يحظر بأى وجه فرض رقابة على الصحف ووسائل الإعلام المصرية أو مصادرتها أو وقفها أو إغلاقها، ويجوز استثناء فرض رقابة محددة عليها فى زَمن الحرب أو التعبئة العامة، ولا توقع عقوبة سالبة للحرية فى الجرائم التي ترتكب بطريق النشر أو العلانية، أما الجرائم المتعلقة بالتحريض على العنف أو بالتمييز بين المواطنين أو بالطعن في أعراض الأفراد، فيحدد عقوباتها القانون». وتلتزم الدولة في المادة 72 «بضمان استقلال المؤسسات الصحفية ووسائل الإعلام المملوكة لها، بما يكفل حيادها، وتعبيرها عن كل الآراء والاتجاهات السياسية والفكرية والمصالح الاجتماعية، ويضمن المساواة وتكافؤ الفرص فى مخاطبة الرأي العام». قال الناشط الحقوقي جمال عيد، مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، إنه من الضرورى كشف الفساد والرشاوي والجرائم بأدلة، مضيفا: «مصادرة الرأي بالمنع والحجب، أمر غير مقبول، خاصة بعد ثورتين كان أحد الشعارات المرفوعة خلالهما الحرية». وأوضح "عيد" أن الصحافة المصرية تشهد حالة من القمع، وعدم اكتمال الصورة وإعطائها مزيد من المساحة لكي تخرج ما بداخلها من معلومات، متابعا: «ولنا عبرة في العديد من الصحف التي تم إغلاقها بالفعل، وليس مجرد مصادرة عدد منها». على الجانب الآخر، قال اللواء علي حفظي، مساعد وزير الدفاع الأسبق، إن هناك مبدأ متعارف عليه ضمنيًا وليس قانون رسمي، بأن يحظر نشر أي شىء يضر بالأمن القومي ويعرض مصلحة البلاد العليا للخطر. وأضاف "حفظي"، أن أي أخبار خاصة بالمخابرات والدفاع والأجهزة السيادية في الدولة يحظر النشر فيها إلا بمراجعة تلك الأجهزة والموافقة عليها، بتنسيق تام بين الصحيفة والوزارة نظرًا لحساسية الموقف. وبلهجة غاضبة، استطرد: «خبر ايه اللي الصحفيين بيدوروا عليه ورا المخابرات والجيش، أنتم هكذا تضرون الوطن، والأفضل أن تنشروا ما يعلي مصلحته خارج نطاق التفتيش فيما يخص الأجهزة السيادية، وأن نكون حريصين على بلدنا». وتوضيح عدم وجود قانون بشكل رسمي يلزم الصحافة بمراجعة الجهة التي تنشر عنها ملفات فساد بالضرورة، قال: «حتى إن لم يكن هناك قانون، فهو ملزم غصب عن أي حد، ده أمن قومي».