تميزت بموقعها المميز على ضفاف نهر النيل، وتحديدًا في مواجهه الأوبرا في منطقة الجزيرة بالزمالك.. إنها حديقة الحرية. تمتعت الحديقة بتاريخها العريق، فيرجع تاريخ إنشائها إلى عام 1876 ميلادية في عهد الخديوِ إسماعيل الذي كان له الفضل في تخطيط القاهرة والإسكندرية بشكل يضاهي أوروبا؛ لتضم تماثيل لمشاهير من مصر وخارجها، وتبلغ مساحة الحديقة تقريبًا 7 أفدنة والنصف، وأعيد افتتاحها في شهر إبريل عام 2001 بعد تجديدها. حديقة الحرية تحتض رموز التاريخ.. وبلطجية مصر يفسدونها تحتضن الحديقة أشجارًا نادرة ومعمرة، يمتد عمرها لعشرات السنين، وفقًا للتصميم الفرعوني للحدائق، وعلى الناحية اليمنى تتراص مجموعة من التماثيل من البازلت الأسود، تخلد رجالاً دافعوا وطالبوا بالحرية لشعوبهم، تلك التماثيل التي أهدتها شعوب العالم لمصر؛ لكي تحفظها أرض الكنانة، منها تمثال شاعر الحرية الكوبي خوسيه خوليان مارتي بيريز José Julián Martí Pérez وهو يعلو لوحًا تذكاريًّا نقش عليه «الوطن يعني الإنسانية». كذلك تحتضن الحديقة تماثيل رامون كاستيلا، وهو الذي قضى على العبودية في بيرو عام 1854، والجنرال إيلوي ألفارو من الإكوادور (1842- 1912)، وبرناردو هيجينز محرر جمهورية شيلي، وتماثيل أخرى لزعماء من المكسيك وفنزويلا ودول أمريكا اللاتينية. ويستوقفك تمثال شاعر النيل حافظ إبراهيم جالسًا في مهابة ووقار في منتصف الحديقة، وتمثال أمير الشعراء أحمد شوقي وطلعت حرب محرر الاقتصاد المصري، والشهيد عبد المنعم رياض بزيه العسكري. تلك الحديقة التي ترمز لدور مصر في حركات التحرر في العالم. وعلى الرغم من التاريخ الحافل الذي تشهده الحديقة، إلا إنها لم تستغل الاستغلال الأمثل، بل تحولت من مكان للنزهة العامة إلى مكان لتجمع البلطجية والخارجين على القانون والمتحرشين الهاربين من كوبري قصر النيل. فتعددت وقائع التعدي على الفتيات داخل الحديقة، وكان آخرها ما تدوالته وسائل الإعلام الأسبوع الماضي من الاعتداء على 3 فتيات داخل الحديقة من 6 شباب هاربين من مدرسة ثانوية داخل الحديقة، ولم تكن تلك الواقعة هي الأولى، فكثرت الحوادث فيها. عاملة بالحديقة تحكي عن الإهمال المتزايد بها.. والسبب رخص التذكرة طبيعة الحديقة أنها تستقبل زوارها من التاسعة صباحًا، بتكلفة دخول زهيدة جدًّا 3 جنيهات، وهو ما يجعلها ملاذًا للطلاب الهاربين من مدارسهم. في البداية تقول هيام بشندي، إحدى العاملات في استقبال الحديقة، إن الثمن الزهيد للتذكرة يجعل الكثير من الشباب يأتون إليها، لافتة إلى أن الموظفين في الحديقة ليس لهم الحق في الاعتراض أو المطالبة بعمل تغييرات. وأوضحت بشندي أنها تعمل في شباك التذاكر منذ ما يقرب من 3 أعوام، ومن وقت تعيينها والحديقة تعاني إهمالاً شديدًا من زائريها، مشيرة إلى أنه إذا تم رفع سعر التذكرة وتقنين دخول الشباب الخارج على القانون، ستكون الحديقة أكثر من رائعة. وتابعت أن "هناك نافورة داخل الحديقة، لكن الإدارة ترفض فتحها؛ لأنها تتحول من مجرد منظر جمالي إلى حمام في شوارع عمومية، يستغله المتواجدون في الاستحمام". وتابعت أنه "في الأعياد والمواسم ترتفع نسبة التحرش في الحديقة، وقد رصدت عدد من الجرائد ما حدث بها في الأعياد السابقة". التكثيف الأمني بالحدائق الحل… والقاهرة تستجيب وتشكل لجنة تحقيق ومن الناحية الأخرى أكد جلال السعيد محافظ القاهرة أن الإهمال الواقع في الحديقة سيتم التحقيق فيه، لافتًا إلى أنه ستكون هناك لجنة لمعاينة الإهمال ومعاقبة المسئولين. وأوضح السعيد أن الحدائق ذات التذاكر الزهيدة خصصت لاستمتاع المواطنين، مشيرًا إلى أن الحل لن يكون برفع سعر التذكرة؛ لأنها في الأساس للمواطن المصري البسيط. ومن الناحية الأمنية أكد اللواء محمد عبد الفتاح عمر أن كثرة الحوادث بالحدائق العامة تؤكد الغياب الامني بداخلها، لافتًا إلى أن التشديد الأمني يكون داخل الحدائق في الأعياد والمناسبات فقط، لكن من المفترض أن يكون التكثيف الأمني بشكل يومي. وشدد على أن الحديقة لا بد أن تخصص شركة أمن لها، تكون مكلفة بتأمين دخول الحديقة والتأكد من صحة المترددين عليها؛ حتى لا تقع فيها حوادث كارثية.