تزامنا مع تصويت مجلس النواب الليبي المعترف به دوليًا، على قرار استئناف مشاركته في الحوار بين الأطراف الليبيين برعاية الأممالمتحدة الخميس المقبل في المغرب، وفي ظل استمرار تمزق ليبيا نتيجة الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد، تم تعيين اللواء المتقاعد "خليفة حفتر" قائدًا عامًا للجيش الليبي بعد ترقيته لرتبة فريق. اختار رئيس مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق "عقيلة صالح قويدر" بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، اللواء "خليفة بالقاسم حفتر" لتولي منصب القائد العام للجيش، وبحسب تصريح لرئيس مجلس النواب الليبي "صالح قويدر"، قال "لقد اخترت خليفة حفتر لتولي منصب القائد العام للجيش الليبي، لكنه لن يكون رسميًا بهذه الصفة إلا بعد أدائه القسم القانوني أمام البرلمان"، وتابع "نحن الآن نعمل على التحضيرات البروتوكولية والمراسم لاستدعاء حفتر ليؤدي القسم القانوني، ويكون رسميا قائدا عاما للجيش الليبي"، مشيراً إلى أن ذلك "سيتم خلال اليومين المقبلين"، وقال المتحدث الرسمي باسم البرلمان "فرج بوهاشم" إن "جميع النواب موافقون على التعيين وبانتظار وصول الفريق حفتر أمامهم لأداء القسم القانوني". تأتي هذه التطورات غداة تصويت المجلس على قرار استحداث منصب قائد عام للجيش وترقية "حفتر" إلى رتبة فريق أول، تمهيداً لتوليه المنصب، لكن تأخر صدور التعيين أثار جدلاً وتساؤلات، وتردد أن قرار التعيين تأخر بسبب معارضة أمريكية – بريطانية ل"حفتر". كان مجلس النواب الليبي المنعقد في مدينة طبرق قد أقر يوم 24 فبراير الماضي رسميًا قانون منصب القائد العام للجيش الليبي، والذي كان قد استحدثه في وقت سابق، وكلف رئيسه "عقيلة صالح" بتعيين شخصية في هذا المنصب، وأوضح البرلماني "صقر الجروشي" إنه "بحسب القانون الذي أقره البرلمان في وقت سابق فإن منصب القائد العام للجيش الليبي يعتبر أعلى من صلاحيات رئيس الأركان العامة للجيش، وأعلى كذلك من وزير الدفاع، وذلك فيما يخص الشؤون العسكرية". لم تخل جلسة البرلمان في طبرق من سجالات حول تضارب بين صلاحيات القائد العام والقائد الأعلى للقوات المسلحة، واحتدم الجدل مع وصول مبعوث "حفتر" إلى البرلمان، قادماً من مقره في مدينة "المرج"، حاملاً شروطاً بإعطائه صلاحيات واسعة لقبول المنصب. وعن الضغوط الخارجية التي كانت تدفع باتجاه ألا يتولى "حفتر" أي منصب، قال المتحدث الرسمي باسم البرلمان، "وصلتنا تسريبات في هذا الشأن، لكننا لا نخضع لأي كان"، معتبرًا أن "قرار تعيين "حفتر" قائد عام للجيش هو أقل ما يجب تقديمه إلى الرجل الذي لعب دوراً بارزاً في ثورة 17 فبراير، ثم مبادرته إلى جمع صفوف الجيش وقيادة الحرب على الإرهاب، انطلاقاً من رغبة زملائه العسكريين وتلبية لتطلعات المواطنين في دعم مؤسسة الجيش في مواجهة المليشيات المسلحة التي تسرق أموال الليبيين". من جهة أخرى قال موقع "ديبكا" الإسرائيلي إن "حفتر يقوم بالتنسيق مع إسرائيل للقيام بعملية كبرى في ليبيا"، وأضاف الموقع المعروف بصلاته الوثيقة بالاستخبارات العسكرية في إسرائيل، أن "حفتر التقى ممثلين عن الجيش والاستخبارات الإسرائيلية في العاصمة الأردنية عمان التي زارها مؤخرًا". من جانبها اعتبرت صحيفة "جارديان" البريطانية، تعيين اللواء "خليفة حفتر" قائدًا للجيش الليبي دليل على عودة رموز النظام القديم للحياة السياسية، وقالت الصحيفة، "تعيين حفتر قائدًا للجيش التابع للحكومة المعترف بها دوليًا، يُعرقل محادثات السلام التي تسعى إليها الأممالمتحدة لإنهاء الصراع الدامي في هذه البلاد"، وأضافت "بعد 4 أعوام من الثورة الليبية التي انتهت بسقوط معمر القذافي، أصبحت ليبيا منقسمة بين برلمان معترف به دوليا في مدينة طبرق شرقاً، وآخر يسيطر عليه الإسلاميون في العاصمة طرابلس". ونقلت الصحيفة عن "حفتر" أنه ظهر كأحد أهم الشخصيات في ليبيا خلال مرحلة ما بعد الثورة، فكان أحد الجنود المنشقين عن نظام "القذافي" والتحق بصفوف الحركة المطالبة بإسقاطه، وأصبح حاليًا يقود هجومًا عنيفًا ضد القوات المدعومة من الإسلاميين، وأضافت "حملته العسكرية طالتها انتقادات كثيرة نظرًا لاستخدامه للقوى المسلحة"، مؤكدة أن تعيين اللواء حفتر دليل على أن رموز النظام القديم يتشبثون بالعودة لمحور الحياة السياسية مرة أخرى. تعيين "حفتر" قائدًا عامًا للجيش الليبي يخلط العديد من الأوراق ويعيد ترتيبها من جديد، حيث أصبح أمام القوى الدولية جميعًا جيش ليبي معترف به من قبل النظام، وبالتالي فعلى العالم أن يتعامل مع اللواء "حفتر" على أنه قائد الجيش الليبي وبالتالي الاعتراف بعملية الكرامة التي يقودها "حفتر" ضد الميليشيات والتنظيمات الإرهابية. يواجه "حفتر" العديد من التحديات والمهام، أولها وأهمها هو تنظيم الجيش الليبي وتسليحه بالشكل الذي يجعله قادر على مواجهة التنظيمات الإرهابية المنتشرة في ليبيا، خاصة في ظل الحظر الدولي الخاص بتوريد السلاح إلى ليبيا بموجب قرارات مجلس الأمن، وهو ما تتجه الحكومة الليبية المعترف بها دولياً إلى إلغاؤه، من خلال تقديم طلب رسمي إلى مجلس الأمن للسماح لها باستثناء شحنة أسلحة ثقيلة روسية الصنع بينها طائرات حربية نفاثة وطائرات مراقبة للحدود ومروحيات ودبابات وعربات ثقيلة، لكن تحفظاً أمريكياً بريطانيا قد يعرقل موافقة المجلس على الطلب.