تقف القوات العراقية اليوم على أعتاب استعادة مساحات مهمة من محافظة "صلاح الدين" الواقعة في وسط البلاد والواصلة بين شرقه وغربه، والتي لا يسيّر الحكم في بلاد الرافدين من دون إحكام السيطرة الأمنية عليها، ومن دون منحها الدور السياسي المناسب، فبعد أن حقق الجيش العراقي انجازات عديدة في عمليات نوعية استطاع من خلالها دحر الجماعات الإرهابية، يبدأ الآن في تنفيذ عملية جديدة بمنطقة "صلاح الدين". أعلن رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة في العراق "حيدر العبادي"، الأحد الماضي، عن بدء العمليات العسكرية لتحرير بقية محافظة "صلاح الدين" من سيطرة تنظيم "داعش" الارهابي وذلك بعد اطلاعه على التحضيرات العسكرية وتدارس السبل الكفيلة بتقليل الخسائر، مشيراً إلى أن "القوات المسلحة باشرت بتنفيذ الأمر". "صلاح الدين".. بوابة "الموصل" تعتبر محافظة صلاح الدين العراقية، بوابة لتحرير مدينة الموصل من تنظيم "داعش"، وهو ما يسعى الجيش العراقي لتحقيقه، خاصة وقد أصبحت بؤرة لتجمع عناصر التنظيم الذين هربوا من ديالى والضلوعية وجرف النصر وآمرلي. لمحافظة صلاح الدين أهمية إستراتيجية كبيرة، نظرًا لموقعها الجغرافي حيث تعتبر حلقة وصل مع نينوى شمالا حيث الموصل، ومع الأنبار غربًا ومحافظة كركوك شرقًا، وتتقاسم المحافظة حدوداً مع محافظات ديالى وبغداد والأنبار ونينوى وكركوك، إضافة إلى ارتباط جغرافي بإقليم كردستان عبر محافظتي السليمانية وأربيل. "تكريت".. مدخل السيطرة على "صلاح الدين" العملية العسكرية الواسعة التي بدأها الجيش العراقي أمس الإثنين، لاستعادة مدينة تكريت في محافظة صلاح الدين عملية من شأنها أن تقلب موازين القوى، لأنها ستؤمن الخط الممتد من بغداد مرورًا بسامراء وتكريت، وصولاً إلى مدينة بيجي التي تحوي أكبر مصفاة نفط عراقية. وسط الاستعدادات والأعداد الكبيرة من الأفواج القتالية للجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي بدأ الجيش العراقي عملية عسكرية واسعة لاستعادة تكريت وتأمين الخط الواصل بينها وبين مدينة سامراء وبغدادجنوبًا، حيث يشارك في عملية تحرير تكريت سبعةٌ وعشرون ألف مقاتل، هم مزيجٌ من الحشد الشعبي والقوات الأمنية وأبناء العشائر في محافظة "صلاح الدين"، وتمتد العملية على مساحة نحو تسعة آلاف كيلومتر مربع. انطلقت عملية التحرير من ثلاثة محاور، الأول عبر شمال سامراء بقيادة الحشد الشعبي، والثاني عبر قضاء العوجة بقيادة قوات مكافحة الإرهاب، والثالث عبر قاعدة سبايكر جنوب تكريت بقيادة قوات مشتركة من الجيش والقوات الأمنية. بعد أقل من 12 ساعة على انطلاق العملية العسكرية لتحرير مدينة تكريت، تمكنت القوات العراقية من فتح ساتر الخط الأول لجماعة "داعش" الإرهابية في قضاء سامراء، فيما دك طيران الجيش والمدفعية تجمعات ل"داعش" تزامناً مع تقدم القطعات العسكرية نحو تكريت، كما حررت مبنى أكاديمية شرطة صلاح الدين، وتم تدمير رتل يضم 12 سيارة ل"داعش" بقصف لطيران الجيش ومقتل من فيها شمال شرق سامراء، وقطع الجيش العراقي الطريق بين بغدادوكركوك حتى إشعار آخر قبل بدء عملياته العسكري. نجاح العملية في تكريت يعني تطهير نحو تسعين في المائة من محافظة صلاح الدين من مسلحي "داعش"، نظرًا لموقع المدينة الجغرافي في قلب محافظة "صلاح الدين"، وبالتالي سينحصر تواجد التنظيم في نينوى والأنبار مما يمكن الجيش العراقي من دخول الموصل بشكل أسهل، والسيطرة عليها. لم تكن العملية في تكريت بسيطة، فقد حاول مسلحو داعش استهداف الأمن العراقي والحشد الشعبي في مناطق "سور شناس" و"الجسر الرصاصي" بسيارات مفخخة يقودها انتحاريون وذلك لمنع تقدمهما، كما أقدم "داعش" على تفخيخ الطرقات والجسور، وحتى الآثار في منطقة "سور شناس"، لكن التنظيم خسر "سور شناس" بعد الهجمة المضادة عليه، كما تقدمت القوات الأمنية في قضاء الدور وناحية العلم واقتحمت أجزاء من تكريت. من جهته طالب مجلس صلاح الدين أهالي المحافظة ب"مسك الأرض" بعد تحريرها من الإرهاب، وقال رئيس المجلس "أحمد الكريم" إن "رجال الحق من الجيش والأجهزة الأمنية والحشد الشعبي وأبناء العشائر العراقية الأصيلة انطلقوا بعملية تحرير المحافظة، بعد أن أذن لهم القائد العام للقوات المسلحة بالشروع للنيل من شرور الغدر التي عبثت في الأرض فساداً، داعيا أهالي المحافظة "لمسك الأرض بعد التحرير ووحدة الصف والكلمة ونبذ كل من تسبب وساهم وساعد على النيل من المحافظة، وشدد على أهمية مواجهة الإرهاب الداعشي وتكثيف جهود المحافظة لمواجهته والقضاء عليه وتطهير أرض صلاح الدين من العناصر المتطرفة فكرياً وعقائدياً والثأر لشهداء العراق.