وثقت انتهاكات الشرطة.. وحشدت الشباب.. وأشعلت ثورة يناير البرادعي و"عبد الفتاح" و"نوارة".. أبرز قادة الرأي في الفضاء الإلكتروني خضر: سلاح ذو حدين.. وشرطة الإنترنت لم تقلل من أهميته الفضاء الإلكتروني أصبح عبارة عن سفينة تبحر في الكون الفسيح وركابها البشر والكائنات، وأصبح السؤال الذى يطرح نفسه: هل يستطيع أحد أن يتوقع كيف وإلى أين تسير الوقائع داخل تلك السفينة أو القرية الصغيرة مع استمرار التقدم التكنولوجي؟. كان لوسائل التقنية من فضاء إلكتروني وتكنولوجيا حديثة ومتطورة الفضل فى تبادل المعلومات التى لم تكن متاحة للمواطنين من قبل، حيث تسبب تبادل المعلومات فى جعل الفضاء الإلكترونى عالما منفصلا يجري داخله نشر الأخبار وتسليط الضوء على أهم القضايا التي لم تكن متاحة، ومع تطور وسائل التكنولوجيا أصبح التواصل بين أصحاب الفكر الواحد أسهل بكثير من ذي قبل. وضح ذلك مع الألفية الجديدة وظهور الهواتف الذكية المزودة بكاميرات حديثة، حيث كان لها الفضل فى فضح ما يحدث داخل أماكن الاحتجاز من أقسام الشرطة والسجون، ومن خلالها تم تسريب عدد كبير من الفيديوهات المصورة داخل عدد من الأقسام تظهر طريقة تعامل رجال الشرطة مع المواطنين من تعذيب وإهانة، وكان أشهر تلك اللقطات مقطع تعذيب عماد الكبير، الذى هتك عرضه داخل أحد الاقسام، وغيرها من الفيديوهات التى سربت قبل الثورة وكان لها الفضل فى حشد الغاضبين من السلطة وترتيب صفوفهم. ومع تطور التكنولوجيا وسهولة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعى الفيسبوك وتويتير، تنوع الغرض منها وتعددت استخداماتها ليس فقط فى تبادل المعلومات وتسليط الضوء على القضايا الخفية فى المجتمع، ولكن أيضاً كان لها الفضل فى توحيد الصفوف وتنظيمها، وظهر هذا مع الشراراة الأولى لثورة يناير ومن قبلها، حين استخدمتها القوى الثورية باستهداف المواطنين ودعوتهم للمشاركة فى تظاهرات 25 يناير ضد أداء الشرطة في عهد الوزير حبيب العادلي. وبالفعل نجحت التكنولوجيا ووسائلها في نشر الدعوة، وساهمت كثيراً فى حشد الموا طنين، ومع أحداث 25 يناير بدأت القوى الثورية فى نشر تحركاتها عبر عدد من صفحات التواصل الاجتماعى التى كانت تجمع عددا كبيرا من المشتركين المتوحدين على نفس الفكر مثل صفحة "كلنا خالد سعيد"، التى كانت تنشر التحركات أولا بأول، كما كانت تنشر أنباء الاشتباكات التى دارت على مدار أيام الثورة، فى ظل انحياز وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة للسلطة، ورفضها ما يحدث فى ميدان التحرير وتظاهر المواطنين ضد الحكومة. ومع الدور المهم الذى لعبته تلك الوسائل الحديثة فى الثورة وغيرها، فقد كان لها دور بارز فى ظهور عدد من الشخصيات التى اتخذت من مواقع التواصل الاجتماعي الفيسبوك وتويتر منصة لطرح الأفكار والرؤى السياسية، حيث كان لها فضل كبير فى بلورة بعض وجهات النظر وتنظيم صفوف مؤيديها، وإظهار عدد الملتفين حولها، فظهر جيل جديد لم يعد يتفاعل مع الإعلام التقليدي بقدر ما يتفاعل مع الإعلام الإلكتروني ويعرف بالجيل الشبكي أو جيل الإنترنت، الذي استطاع أن يجعل من الفرد مؤسسة إعلامية بذاتها، وينفرد بنشر مادته المستقلة على شبكات التواصل الاجتماعي. وهذا ما حدث مع الدكتور محمد البرادعي، الذى كانت البداية معه بتعليم الشباب أن لمواقع التواصل دورا كبيرا فى قيادة وتوجيه الرأى العام، وكذلك الناشط علاء عبد الفتاح، الذى لمع اسمه من خلال كتاباته التى كان ينشرها عبر مدونته فى الفضاء الإلكتروني، بالإضافة إلى الناشطة نوارة نجم، وغيرهم من الشباب الذين لمعت أسماؤهم مع استخدام الإنترنت حين التف حولهم الشباب باعتبارهم يمثلون الإعلام البديل، وكأصحاب وجهات نظر ورؤى سياسية مختلفة. يقول محمود عزت، عضو المكتب السياسي للاشتراكيين الثوريين، إن الفضاء الإلكترونى قام بدور مهم قبل الثورة وأثناءها وهو دور الإعلام البديل، ولا يزال قائما حتى الآن فى ظل انحياز وسائل الإعلام المختلفة للسلطة، مشيرا إلى أن الأنظمة القمعية إذا أرادت قمع المجتمع فعليها تزييف الحقائق، لذلك كان للفيس بوك وتويتر فضل كبير فى تسليط الضوء على أداء السلطة، ولذلك أنشأت وزارة الداخلية قسما جديدا خاصا بمراقبة موقع فيسبوك بقرار إداري رقم 765، ومع زيادة المراقبة الأمنية قل دور مواقع التواصل نسبيا فى توحيد الصف واحتمالية قيام موجة ثورية أخرى من خلالها نظرا لتتبع نشاط القوى الثورية على تلك المواقع. ومن جانبه، قال الحقوقي محمد زارع، إن مواقع التواصل الاجتماعي لها تأثير سحري على المواطنين وربما فاقت فى أهميتها كإعلام بديل الصحف والقنوات الفضائية لسرعتها وانتشارها فى كل مكان، وأضاف أن تلك المواقع كان لها فضل كبير فى توثيق عدد من القضايا الحقوقية الخاصة بالتعذيب داخل الأقسام والسجون عبر عدد من المقاطع المصورة التى انتشرت من خلال تلك المواقع، مؤكداً أن نشر تلك المقاطع فرض علينا أن نتحقق من صحتها بالطرق القانونية. وفى السياق نفسه، قالت الدكتورة سامية خضر، أستاذ علم الاجتماع، إن وسائل التواصل الاجتماعى أصبحت سلاحا ذا حدين، وتكمن خطورتها فى استخدامها من قبل غير المؤهلين الذين يستخدمونها لبث الشائعات والمعلومات غير الحقيقية، لكن هذا لا ينفى أهميتها فى إنشاء شبكة كبيرة من الإعلام البديل، وتنظيم صفوف وفكر الشباب، ووصول المعلومات بسرعة فائقة غير مسبوقة، مؤكدة أن شرطة الإنترنت ليست بالخطر الذي ينشر عنها، كما أنها موجودة فى كل بلاد العالم وموجودة في مصر من قبل الثورة، وأضافت أن وجود مراقبة على مواقع التواصل الاجتماعي لا يقلل من أهميتها.