فى أحد الأبعاد السبعة وفى كوكب هلامى المقاصد وحيث اللاشئ هو الدين والبرطمان هو الحل وفى خضم الأزمة والسواد يظهر لنا ذلك البطل بكرشه العظيم وشعره المفلفل وجاكته الجلد ودخانه الأزلى ليعلن أنه هو المسئول عن ترحالنا بين المناطق والأبعاد، فيقف بمركبته ذات ال 14 كرسي (الكرسي الى ورا 4 مش 3) ويطلق دعواته عن المكان الذى ينوى الذهاب اليه ثم يلبى الناس النداء ويصطفوا فى المركبة وتبدأ الرحلة ولكن بشروط منها أن تعلم أن رائد الميكروباص قد من عليك بسماحه لك بأن تمتطى مركبته وأن رائد الميكروباص إنسان فوق كل البشر ولا يخضع للقوانين وأنه غنى عن العالمين وأن الحق نسبى وأنه مش هيوطى الكاسيت وأن الأجرة موحدة ولو مش عاجبك أنزل زى ما عملك هيعمل غيرك. سواق الميكروباص شخصية مهمة فى عصرنا فالعالم بعد الميكروباص مختلف عن العالم قبله، انه عالم تقدر توصل لشغلك عن طريق طرق مكنتش تعرف انها ممكنه وهو ايضاً عالم مختلف فيزيائياً لان الفيزيا فى الحقيقة تقف حائرة أما الإعجاز العلمى الذى يقوم به الميكروباص فى أخذ الغرز وطى الأرض. سواق الميكروباص-صدق او لا تصدق-بالإستقراء التام هو بشر، شخص عادى جداً من نتاج البيئة المظلمة الجاهلية التى نرعى فيها بشكل يومى، فكما أنتجت لنا البيئة العلماء والفنانين وصاحب السنترال والسايبر أنتجت لنا هذه المهنة، لكن فى الحقيقة سواق الميكروباص يختلف، هو سائق سياره يستخدمها لخدمة عامه بمقابل والمنتفعين من خدماته هم بشر، شباب، أطفال، ربات منازل، والكثير من الفئات المجتمعية، وبما أنه سائق السيارة فهو قائدها وهو مسئول عن سلامة من ينتفعون بخدماته، فهناك عقد ضمنى بين الراكب والسائق "خذ المبلغ الفلانى فى سبيل أن توصلنى الى المكان الفلانى" وبالطبع بديهى أن الراكب يحب ويريد بشدة أن يصل قطعة واحدة حى سليم الحواس والإدراك، هذا هو الإتفاق والعقد شريعة المتعاقدين. الميكروباص هو مجتمع صغير مؤقت، مثل الأسر الجامعية مثلاً، مجموعة من الأشخاص جمعتهم الحاجة ووحدوا الهدف ولهم قيادة، مجتمع صغير ومثله مثل المجتمعات الكبيره إما أن يتناغم أفراده وتصلح قياداته فيصل المجتمع الى السعادة أو يتنافر أفراده وتفسد قياداته فيحنق بعضهم على بعض ولا يحصل أحد على سعادته الحقيقية وتمتلأ الحياة بالمكدرات. فساد المجتمع ينبئنا بفساد المجتمعات الصغيره التى يتكون منها، فنحن نرى مجتمعنا يمتلأ بالعينات البشرية الشهوانية والغاضبة والتائهة والحانقة ونرى القيادات والنخب وقد وجههوا طاقاتهم الى امتصاص الناس ومقدراتهم وأصبح المبدأ هو أن القوى يستولى على حق الضعيف وقل ما تجد فى المجتمع نخب او قيادات عاقلة أو مواطنين شرفاء متخلقين فاضلين. وكذلك الميكروباص، أنظر الى القيادة "السواق" وغياب القوه العقلية ودوامة سماع الأغانى المليئة بما يغذى القوه الشهوية والغضبية -وهو الحاصل من الأغانى والموسيقى عموماً فهى لا تصب فى القوه العقلية بل تخاطب القوى الأخرى وتغذيها- والمعانى التى تحملها وتكون عقائد للمستمعين فتجد السائق مغيب الوعى يستمع الى من يصف الدنيا بالظلم والرازقية والحاكمية فيترجمها السائق الى حياته البائسة وينظر فى المراية للبهوات الى راكبين ورا ولا تعبانين فى حاجة لأ وكمان زعلانين أن الأجرة زادت 8 جنية، ثم يعود للأغنية التى تنادى بقيم العافية والفهلوة فياخد الطريق عكس ويمشى بسرعة تخرق قوانين نسبية إنشتاين وتتحداها ويأخذ الغرزة الأخرى تلو الأخرى بطريقة تجعل مجدى يعقوب يشعر أنه أضاع حياته فى المجال الخاطئ. ننظر للركاب وقد كره بعضهم الآخر إبتداءً ورفضوا التعاون فيما بينهم بخصوص تجميع الأجرة أو الإشارة الى أن أحد الركاب يريد النزول فى المكان الفلانى،وإذا قام قائدهم "السواق" بالتبجح بهم والإستقواء عليهم خافوا منه ولم يقاوموه وإذا خالف القوانين والقواعد المرورية وكانت الخطيئة تصب فى مصلحتهم هنئوه على حذاقته وشجعوه وإذا قام بالإستقواء على الآخرين إعتبروها عدالة السماء. هذه لمحة عن جزء صغير من مجتمعنا بطبيعة الحال، عينة تنبئنا بأن الحل ليس فى تغيير سواق الميكروباص أو إنى اروح أركب من موقف تانى بل الحل هو نشر ثقافة القيادة بين السواقين ونشر الأخلاق بين الركاب. ونزلنى على جنب لو سمحت.