الفقي: 43 مليار دولار معدل سنوي لتهريب أموال مبارك لمدة 30 سنة الدسوقي: من حق الرئيس الأسبق المطالبة بالتعويض ومقاضاة الشعب بالقانون النشراتي: لا عودة للأموال المهربة.. وغياب "الوكالة المحلية" سبب البراءة مرت أربعة أعوامأربع أ على اندلاع ثورة 25 يناير وسقوط نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك، أثير خلالها ملف الأموال المهربة للخارج والمنهوبة أيضًا، الذي وصل حاليًا إلى الرصيد صفر، بعد زيادة توقعات المواطنين في الحصول على جزء ولو ضئيل من تلك الأموال والتي قدرت وقتها بنحو 700 إلى 800 مليار دولار، لكن حتى الآن لا يوجد حصر دقيق أو رسمي لتلك الأرصدة، على الرغم من تشكيل نحو 7 لجان لاسترداد تلك الأموال بداية من ثورة يناير، بموجب قرار المجلس العسكري في ذلك التوقيت برقم 52 لسنة 2011 على أن تكون تلك اللجنة برئاسة المستشار عاصم الجوهري، رئيس إدارة الكسب غير المشروع؛ وحتى الآن. ويبدو أن آمال المواطنين تبخرت؛ خصوصًا بعد براءة الرئيس الأسبق وعدد من نظامه، لتصبح التوقعات دربًا من الخيال يحسبه "الظمآن ماءً"، فرغم صدور قرار من الاتحاد الأوربي بتجميد أرصدة "مبارك" بكل من سويسرا وإنجلترا بواقع 1.8 مليار دولار تقريبًا خلال العام 2011، اتفقت السلطات المصرية على استردادها، إلَّا أن كل الجهود باءت بالفشل ولم يتحقق منها أي شيء سوى إنفاق نحو 34 مليون جنيه كمصاريف للجنة رد الأموال. وبحسب تقرير صادر عن منظمة جلوبال فاينانشيال انتجريتي الأمريكية، تم تقدير الأموال المهربة بواقع 132 مليار دولار، ليتطابق مع ما أعلنه البنك الدولي عن وصول حجم تلك الأموال ل130 حتى 132 مليار دولار، منها 70 مليار دولار فقط تخص آل مبارك. أكد الدكتور فخري الفقي، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة والمسئول السابق بصندوق النقد الدولي، أن وصول حجم الأموال المنهوبة في عهد نظام الرئيس الأسبق حسني مبارك لمتوسط 130 مليار دولار، يعكس ظواهر الفساد والتربح التي شهدتها البلاد على مدى 30 عامًا ماضية، مرجعًا ارتفاع تلك المبالغ بمعدل ما بين 40 إلى 42 مليار دولار سنويًّا ولمدة 30 سنة، لتشمل إهدار لموارد الدولة والمال العام والمشروعات القومية التي لم تنفذ أو تستكمل، بالإضافة لمنظومة الدعم التي كانت توجه نفقاتها بمقدار الثلثين للأغنياء فقط من غير الفئات المستهدفة. وقال: إن تلك الظواهر ساعدت على زيادة نصيب التربح من القريبين من السلطة وقتها، وظهور الاحتكارات كما فعل رجل الأعمال المهندس أحمد عز، موضحًا أنه في تلك المرحلة تم خصخصة القطاع العام وبيع عدد لا بأس به من الشركات بأسعار زهيدة جدًّا ولا تشكل القيمة الحقيقية له، بالإضافة إلى أن حصيلة البيع لم توجه لمشروعات انتاجية ولكن لسداد أقساط ديون و تمويل العجز بالموازنة". وأوضح الفقي، أن هناك أزمة حقيقية بالنسبة للأموال الأخرى المهربة للخارج، موضحًا أن تلك المبالغ إن كانت بداخل الدولة في ظل الفساد لن تكون مشكلة ولكن الأصعب أنها خارجها؛ لأن مراحل استردادها تأخذ إجراءات طويلة ومعقدة، وتتطلب الحصول على حكم نهائي وبات، ولم يحدث في الحكم القضائي الأخير، وتابع: أسرة مبارك تمتلك نحو مليار دولار بسويسرا و 250 مليون جنيه استرليني بإنجلترا، ومن الصعوبة بمكان الحصول على تلك الأموال؛ خصوصاً وأنها بحاجة لإجراءات خاصة ومخاطبة البنوك بالدولة الموجود بها الأموال لاستردادها، مع الأخذ في الاعتبار أن تلك الودائع تخضع لعملية غسيل أموال مستمرة وتنتقل لشركات متعددة، ولو تبقى 20% منها للدولة سيكون خيرًا". وأضاف الفقي أنه تعزيز توقعات المواطنين باسترداد تلك الأموال حتى لعدم إثارة الرأي العام في الشارع المصري، خصوصًا وأن كل مواطن عقب ثورة 25 يناير حدد حصته في الأموال المنهوبة وفقًا للأرقام غير الصحيحة التي تم تداولها في ذلك التوقيت، إلَّا أن المواطنين تناسوا الموضوع بعدما علموا أنه لم يعد مجديًا"، وقال: يبدو أن قضية اتهام الرئيس الأسبق تم اتلافها من قِبَل نظامه، فطبقًا للأمور المتبعة في أي ثورة على مستوى العالم، فإن أي نظام حاكم يمحو أي آثار للاتهام في حالة اندلاع ثورة شعبية ضده، حتى لا يتم اتهامه أو محاسبته وهو ما حدث مع مبارك ونظامه". قال الدكتور إيهاب الدسوقي، رئيس قسم الاقتصاد بإكاديمية السادات للعلوم الإدارية ساخرة: الرئيس الأسبق تم تبرئته، وبالتالي ليس صحيحًا ما يثار بوجود أموال منهوبة، وهذا ما أكده القانون خلال محاكمته، ومن حقه المطالبة بالتعويض عما فعله الشعب". وأكد الدكتور مصطفى النشراتي، أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة مصر الدولية، أن الدول الأجنبية تشترط لرد الأموال المنهوبة للدولة، صدور أحكام قضائية نهائية مرتبطة بفساد، موضحًا أن الدولة المصرية وقَّعت على اتفاقية الكشف عن الفساد، وبالتالي الحكومات الموقعة على ذلك النظام ينبغي عليها أن ترد الأموال، مضيفًا أن مصر لا تمتلك وكالة محلية لكشف الفساد، طبقًا لما أوردته الاتفاقية لرد الأموال المهربة، فوظيفة تلك الوكالة جمع الأدلة بشأن وقائع الفساد، معتبرًا أن أدلة اتهام النظام الأسبق تم إتلافها عن عمد، بالإضافة لوجود خلل بالتشريعات الراهنة. وقال النشراتي: "يبدو أن الدولة انتبهت حاليًا وعدلت أحكام الجرائم الجنائية وملاحقة الفساد، خصوصًا بعد سقوط اتهام النظام الأسبق في قضية القصور الرئاسية؛ لتقادمها، ما أدى لإيقاف المحاكمة وانتفاء صفة الجريمة"، وعاب على البنك الدولي تحديد حجم الأموال المهربة في مصر وتونس، موضحًا أنها ليست ضمن اختصاصاته، فمصر بحاجة لثورة في التشريعات الحاكمة، وربط القضايا بالفساد، خصوصًا وأن القوانين القائمة ساعدت على خروج كل من مبارك ورجل الأعمال حسين سالم من المحاكمات في قضايا فساد كبيرة.