«أعرفكم جميعاً إن السجن سور وأعرفكم جميعاً إن الفكرة نور وعُمر النور ما يعجز يأذى حاجز سور وعمر السور ما يقدر يحجز بنت حور» من هذه الكلمات الجرئية التي كتبها الراحل أحمد فؤاد نجم، استمد 9 شباب حماساتهم للتنديد باعتقال المئات من أقرانهم، لكن هذه المرة أخذ التنديد طابع مختلف وإيجابي يبدأ من العقل وتطوير الفكر، يكون الكتاب فيه خير جليس، دون تميز بين انتماءات سياسية أو دينية. منذ ما يقرب من الشهر دشن هؤلاء الشباب حملة على مواقع التواصل الاجتماعي عُرفت باسم «كتابي لأجلك»، لدعم المعتقلين معنوياً ومساعدتهم على تقليل إحساسهم بالوقت في السجن، وفي هذا الصدد قال إبراهيم عبد الرحمن، أحد أعضاء الحملة ل«البديل»: بدأت الفكرة مع طلب أصدقاءنا المعتقلين لإمدادهم بالكتب، كي تهون عليهم الوقت في السجن، من هنا بدأنا في تطويرها لتصل الكتب إلى كل سجون مصر ليس لأصدقائنا فقط، والحمد لله الفكرة نجحت ولاقت إقبالًا كبيرًا من الشباب على الفيسبوك، ففي هذه المدة الزمنية القصيرة جمعنا 300 كتاب، تم توزيعهم على سجون: المرج وطره ووداي النطرون والقناطر، بفضل تبرعات الكثير من الأصدقاء وبعض الكُتاب، ك«بلال فضل» الذي تبرع ب40 كتاب، والشاعر بهاء جاهين الذي تبرع ب14 كتاب. أضاف «عبد الرحمن»: في البداية لم يكن دخول الكتب للمعتقلين بالأمر السهل، وبناء عليه قمنا بالتواصل مع أهاليهم كي يتم تسهيل مرور الكتب بوضعها داخل المأكولات الخاصة بالزيارة، لكن الآن أصبح الأمر أكثر سهولة، فقد عُرفت الفكرة بين إدرات السجون، وفي النهاية ترجع سهولة مرور الكتب والتعسف ضدها حسب مأمور كل سجن، مشيرًا إلى أن الكتب لم تقتصر فقط على الروايات والأعمال الفكرية، بل هناك كتب دراسية وعلمية يطلبها المعتقلون في التخصصات الطبية والهندسية وبيتم توفيرها وتوصيلها إليهم. الدعم المعنوي يظل الأساس الذي تقوم عليه حملة «كتابي لأجلك»، لذا لم يقتصر الأمر على إرسال كتاب من متبرع لشخص يشاطره أحزانه وأحلامه فقط، بل شهدت صحفات الكتب رسائل حب ومواساءه من المتبرع للمعتقل والعكس، فكتبت أميمة صادق تقول لهم: لا أدري كيف تحتملون ما أنتم فيه، الحرارة الشديدة والنوم على الأرض واللا آدمية في التعامل في كل لحظات حياتكم، كلكم من أفاضل الناس، أطباء ومهندسين وعلماء وأوئل في مراكزكم ودراستكم. أيضًا كان لوقع هذه الرسائل والكتب المرسلة تأثير قوي وإيجابي على المعتقلين، فكتبوا لهم العديد من الرسائل لتقديم الشكر على ما بذلوه من مجهود ودعم من أجلهم، من هذه الرسائل «شكراً لكل واحد بيحاول يخفف عنا، واللي بتعملوه دا بيصب في مصلحة الثورة الفكرية اللي هنحققها بعقولنا، إللي من غيرها هتكون الثورة السياسية إللي بنحققها في مجتمعنا وواقعنا مصيرها الفشل، وتزودوا بالثورة فإن خير الزاد الفكر، الثورة مستمرة وهتنتصر. محمد يوسف -ميزا- عنبر ج زنزانة 14 استقبال طرة». رسالة أخرى يقول فيها أحد المعتقلين «اللي عندي في العنبر هنا عجبتهم الفكرة جداً، وطلبوا الكتب زيادة وهنكتب لكم المرة الجاية، وكل زيارة الكتب اللي هنحتاجها وهنبلغ العنابر اللي جنبنا وبيشكروا كل واحد ساعد في الفكرة جدًا». «أنا بشكر كل اللي شارك في المبادرة دي بشكر إبراهيم إلي تعب ووصل الكتب، بشكر بالأخص شريف إلي إتبرع بالكتب دي وكل إلي بيتبرعوا بالكتب، صراحة شباب جدعان وهما أمل مصر والأمل في التغيير للأفضل، اللهم إجعلها في ميزان حسناتهم واجزهم خير، أنا بقالي 6 شهور دماغي صدت، أشكركم». «في السجن تشعر أن الوقت لا يمر، لكن عزائك الوحيد أن الزمن لا يتوقف فعليًا، بكرة جي أكيد، من يوميات زنزانة مصرية». «أنا فرحان أوي بالكتب اللي بعتهولي، أصبح معدلي في القراءة 10 ساعات في اليوم، الكتب فرقت معايا نفسيًا جدًا». لم تنتهي الرسائل بعد، فهناك مئات الكلمات التي لم تكُتب ولم تُقال وستظل حبيسة برفقة صاحبها حتى ينال حريته من جديد.