"بين العتمة هنا و بين النور هناك، حبساني ويا الغنا قضبان على شباك"، قد تكون نجحت كلمات الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي في وصف حال المحبوسين داخل السجون، الظلام الدامس يحيط بهم، قضبان بعيدة تحبس هواء الحرية، وسجان يقف حائلًا بينهم وبين الحياة، لتمتد الدقائق إلى ساعات يفقدون معها الإحساس بالوقت، وتثبت صحة مقولة "الكتاب خير صديق"، ليكون الصديق الوحيد المسموح لهم بمخالطته داخل السجن. "كتابي لأجلك.. فأنت من ضحيت بحريتك من أجل حريتي"، عنوان مبادرة أطلقها عدد من النشطاء علي موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" في ظل وجود عدد كبير من المعتقلين السياسيين داخل السجون المصرية، تحمل تلك المبادرة في طياتها طابعًا مختلفًا في مساعدة المعتقلين، فهي تهدف إلى دعمهم نفسيًا ومعنويًا من خلال توفير عدد من الكتب وتوصيلها لهم داخل السجون، لاقت تلك المبادرة صدى كبيرًا داخل أوساط الشباب والكتاب والمثقفين، حيث ساهم الكاتب بلال فضل ب40 كتابًا، بينما ساهم الشاعر بهاء جاهين ب 14كتابًا. وأوضح ماهر عماد، أحد مؤسسي المبادرة، ل"الوطن"، أن المبادرة تخدم ما يقرب من 400 معتقل في مختلف السجون المصرية، وتعمل علي شبكة كبيرة لاستقبال الكتب من المحافظات، حيث تقبل جميع التبرعات من الكتب و تقدمها لهم، بالإضافة إلى نشر قائمة بأسماء الكتب التي يحتاجها المعتقلون لمحاولة توفرها لهم، قائلاً: "كان في كتاب طلبه معتقل وصله عن طريق والدة شهيد". وأضاف: أحيانًا تحدث مضايقات من جانب الأمن داخل السجون بسبب اعتراضهم على بعض الكتب التي قد تبدو للوهلة الأولى سياسية أو غير مألوفة، وعلى جانب آخر قال "دي حاجة نحاول بيها ندعم المعتقلين معنويًا ونساعدهم في تقليل إحساسهم بالوقتداخل السجن، وبالفعل الموضوع نجح انه يخفف عنهم شوية، استلمنا من متبرعين في المنصورة أكتر من 100 كتاب وتم تسلمهم للمعتقلين في سجن دكرنس". بعث محمد يوسف، ميزا، نزيل عنبر ج بزنزانة 14 في سجن استقبال طرة، رسالة بعد حصوله على عدد من الكتب، قائلاً فيها: "شكرًا لكل واحد بيحاول يخفف عنا، واللي بتعملوه دا بيصب في مصلحة الثورة الفكرية اللي هنحققها بعقولنا، اللي من غيرها هتكون الثورة السياسية اللي بنحققها في مجتمعنا وواقعنا مصيرها الفشل، وتزودوا بالثورة فإن خير الزاد الفك، الثورة مستمرة وهتنتصر".