محطات عديدة شهدتها القضية الفلسطينية في مقاومتها ضد عدو غاصب لأراضيها المحتلة.. انتصارات مرت بها وخيانات قابلتها من حكام لم تتحرك فيهم النخوة، وتبقى المقاومة صامدة رغم ما شهادته من خيانات على مدار تاريخها. في هذا الإطار يقول إلهامي الميرغني نائب رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتركي إن الشعب الفلسطيني ظل يعاني لسنوات بعد حرب 1948، ولكن مع تشكيل منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964 واتخاذ المقاومة المسلحة كوسيلة مشروعة لمواجهة الاحتلال عادت القضية الفلسطينية إلى الاهتمام الدولي مرة أخرى، رغم الحروب التي تمت ضد المقاومة خارج الأرض الفلسطينيةالمحتلة، سواء في الأردن أو في لبنان، بل واستهداف كوادر المقاومة في العواصم الأوروبية وفي تونس. وأوضح "الميرغني" أن المقاومة الفلسطينية المسلحة استطاعت داخل الأرض المحتلة والعمليات العسكرية النوعية التي قامت بها ضد المصالح الإسرائيلية في الخارج أن تفرض علي العالم الاهتمام بالحق الفلسطيني، واستطاعت انتزاع القرار رقم 3314 الصادر عن الأممالمتحدة بتاريخ 14\2\1974 على مشروعية مقاومة الاحتلال، والأممالمتحدة فرّقت بشكلٍ لا لبس فيه، بين الإرهاب الشرّير الإجراميّ ومقاومة الاحتلال، من أجل الوصول إلى الحرية وتحرير الأوطان المحتَلَّة، مضيفاً قائلاً "إن النضال الوطني مشروع للشعوب المحتلَة، بما فيه الكفاح المسلح من أجل حريتها واستقلالها وحقها في تقرير مصيرها". وأضاف نائب رئيس حزب التحالف أنه رغم الحروب التي شنتها إسرائيل ضد منظمة التحرير بدءًا من معركة الكرامة عام 1968 وحتى خروج المنظمة من لبنان 1982، أصبحت القضية الفلسطينية على جدول أعمال المجتمع الدولي حتى صدر قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3210 لعام 1974 بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل للشعب الفلسطيني. وتابع "بعد خروج المقاومة من لبنان واغتيال القيادات والحديث عن انتهاء عصر المقاومة المسلحة لم تصمت منظمة التحرير واستطاعت فرض إرادة الشعب الفلسطيني خلال الانتفاضة الأولى عام 1987، تم في 15\11\1988 إعلان دولة فلسطين خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني التاسع عشر في الجزائر للإعلان عن قيام دولة فلسطين وحكومتها في المهجر. وفي 24/9/1995 تم توقيع اتفاق أوسلو وتقسيم فلسطين إلي ثلاث مناطق، وفي عام 1996 تم إجراء أول انتخابات تشريعية داخل أراضي السلطة الفلسطينية وانتخاب ياسر عرفات كأول رئيس للدولة الفلسطينية". وأشار "الميرغني" إلى أن البعض ظن أن الكفاح الفلسطيني توقف بقيام الدولة الفلسطينية، ولكن تفجرت انتفاضة الأقصى عام 2000 والتي أكدت على حيوية ونضالية الشعب الفلسطيني. ورغم اغتيال الشهيد أبو علي مصطفى الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عام 2001 ثم الهجوم على سجن المقاطعة واعتقال أحمد سعدات ورفاقه ونقلهم للسجون الإسرائيلية ثم قتل الرئيس عرفات نفسه في نوفمبر 2004 لم يتوقف الكفاح الفلسطيني. وأشار إلى أنه رغم حدوث انقسام داخل السلطة الفلسطينية باستيلاء حركة حماس على السلطة في غزة لم يتوقف الكفاح الفلسطيني، واستمرت المقاومة لتأكيد وقف الاستيطان والتأكيد على حق العودة والحق الفلسطيني في الدولة الموحدة وعاصمتها القدس، واستمرت موجات الاجتياح الإسرائيلي للقطاع واستطاع الكيان الصهيوني إقامة جدار الفصل العنصري، ولكن الشعب الفلسطيني لم يستسلم للحصار والجدار، واستمر يقاوم، وخلال المعارك الأخيرة حتى 4 أغسطس قدم الشعب الفلسطيني 1865 شهيدًا و9536 جريحًا، وتشرد الآلاف، ورغم ذلك يستمر الشعب الفلسطيني يقاوم. وفي نفس الإطار قال رائد سلامة عضو مجلس أمناء التيار الشعبي إن صمود روح المقاومة عبر العصور وبقاءها في قلوب وعقول الأجيال المتتالية في حد ذاته هو أهم نجاحاتها. وأكد سلامة أن "الروح" الفلسطينية المقاومة مرت عليها عدة إحباطات وخيبات وخيانات من زعماء العرب وحكامهم "الحكماء" كان مقصدها هو أن تدمر روح المقاومة فيهم، لكن نجاح الفلسطينيين بالاحتفاظ بجذوة المقاومة مشتعلة في الصدور كان أهم ما في الأمر منذ 1915 أي قبل وعد بلفور ذاته وحتى الآن. وأوضح عضو مجلس أمناء التيار الشعبي أن بسالة غزة وصمودها حتى الآن ضد للهجمة البربرية للكيان الصهيوني هي أهم النجاحات على الصعيد الميداني، حيث المقاومة صامدة متوحدة لا يفرقها أيديولوجية أو توجه سياسي، مؤكدًا أن "صمود المقاومة تحت راية واحدة هو أهم نجاحاتها". وأشار عاطف مغاوري نائب رئيس حزب التجمع إلى أن تاريخ المقاومة الفلسطينة لا يحدد بفترة زمنية، فقد بدأ منذ بداية المشروع الصهيوني وليس في العقود الأخيرة، والشعب الفلسطيني يسجل له دائماً منذ اللحظة الأولى استشعاره بخطر المشروع الصهيوني منذ نهايات القرن التاسع عشر، وتبلوره في وعد بلفور 1916 ثم الانتداب البريطاني وممارسات الاحتلال الإنجليزي له؛ لتهيئة المجال أمام المشروع الصهيوني الذي تبلور على الأرض بالتشجيع على الهجرة والتضييق على الشعب الفلسطيني لدفعه للاستسلام. وأضاف "مغاوري" أن هناك ثورة البراق وثورة 36 التي استمرت 6 أشهر، لكن الظرف الإقليمي والموقف العربي لم يكونا مسعفين للشعب الفلسطيني لمساعدته في بلورة نضاله رغم أن العرب كانوا يمثلون الأغلبية وقتها من حيث عدد السكان، ولكن سلطة الانتداب البريطاني كانت منحازة للمشروع الصهيوني، وكانت تعاني الدول العربية جميعاً الاحتلال والاستعمار، ورغم ذلك حاول الشعب الفلسطيني الدفاع عن حقه ووطنه. وأوضح "مغاوري" أنه بعد نكسة 1948 أجبر الشعب الفلسطيني على مغادرة بعض القرى، على وعد أنه سيعود إلى دياره مرة أخرى، متأثراً بالمذابح التي خلفها الاحتلال، ووعدت الجيوش العربية وقتها بالتدخل لمحو الكيان الصهيوني، ولكن الشتات طال بهم وتحولت مخيمات اللاجئين إلى مواطن دائمة لهم. وأكد نائب رئيس حزب التجمع أن الشعب الفلسطيني لم يصمت حتى تبلورت فكرة المقاومة في الستينيات، وحاولت أن تكسر قاعدة أن يتحول الشعب الفلسطيني من شعب لاجئ إلى شعب مقاوم، وأشار إلى أن الانتصار الأكبر هو رد الاعتبار للأمة العربية، والذي جاء بعد نكسة 1967، حينما برزت المقاومة الفلسطينية، وهو ما عبر عنه الزعيم الرحل جمال عبد الناصر قائلاً "إن المقاومة الفلسطينية أسمى ظاهرة في العالم العربي بعد النكسة". وتابع "مغاري" أن هناك معركة الكرامة في الأردن و العمليات الفلسطينية التي بدأت فيها بعد اجتياحها، والموقف الذي تبلور بعد نضالات عديدة ودماء، وتمكن الشعب الفلسطيني أن يشكل منظمة التحرير الفلسطينية، وكان يرأسها أحمد الشقيري، بالقتال والنضال تمكنوا من أن يكون قيادات المنظمة من المقاتلين تمثلت في "أبو عمار، والشقيري"، واستطاعت أن تحصل على اعتراف دولي بأنها الممثلة الوحيدة للشعب الفلسطيني، وحصل الشعب على قرار الأممالمتحدة باعتبار الصهيونية حركة عنصرية، ولكن تم تعديله فيما بعد. وإستكمل أن "المقاومة الفلسطينية استطاعت خلق قطاعات من الشعب العربي وفي مقدمتها الشباب، الروح القتالية لاسترداد الحق المسلوب، وتمكنت من أن تجبر العالم أن يستقبل أبو عمار مرتين في نيويوركوجنيف، وحينما رفضت الولاياتالمتحدةالأمريكية منحه التأشيرة تكلم أمام الجمعية العامة في جنيف، وقال خطابه الشهير "لا تسقطوا غصن الزيتون من يدي". وأكد أن المقاومة خلقت حركة دعم عالمية لها، وتم تحويل القضية من اللجوء والشتات إلى قضية إنسانية، ومن شعب ينتظر المساعدات إلى شعب مقاتل، لافتًا إلى أن المقاومة تعرضت للكثير من الضربات ولكنها كانت تسترد قوتها مرة أخرى، ففي عام 1969 عندما تعرضت للضرب والحصار في بيروت، تم توقيع اتفاق بيروت ليضمن بقاء المقاومة على أرض لبنان، ثم في الأردن في مذابح سبتمبر عام 1970 والتي ارتكب العدو فيها المذابح تجاه الشعب الفلسطيني لإجباره على ترك الأردن؛ لأنها كانت ميداناً خصباً للمقاومة الفلسطينية؛ لأنها كانت تملك أكبر حدود مع أرض فلسطين. وأكد أن "المقاومة خرجت من مذابح أيلول؛ لتعيد بناء نفسها مرة أخرى في لبنان مع حركات التحرر اللبنانية في مواجهة مخاطرها، وعندما تآمروا على المقاومة الفلسطينية في بيروت بالاجتياح 1982 لإخرجها من لبنان، انتهى بحصار صبرا وشتيلا وحصار بيروت 82 يومًا، بعد أن كانت على مرمى حجر من أرض فلسطين". وواصل "بعد هذا التشتت اجتمعت المقاومة الأولى مرة أخرى وأفرزت الانتفاضة الأولى في ديسمبر عام 1987 ومهندسها الشهيد "أبو جهاد"، واستمرت المقاومة لعدد من السنوات، واجهت احتلالاً استيطانيًّا يختلف عن كل الاحتلالات التي حدثت في دول العالم.