ثبات معدل التضخم في أيرلندا عند 2.6% في مايو الماضي    حسام حسام يقود هجوم سموحة لمواجهة بيراميدز في الدوري    انطلاق ماراثون للدراجات الهوائية احتفالا باليوم العالمي للدراجات بمدينة رأس البر    خطة ريال مدريد لحسم صفقة دفاعية نارية    الحبس 6 أشهر لسائق بشركة نقل ذكي متهم بالتحرش بأجنبية في الإسكندرية    "تموين الفيوم" تضبط 61 كرتونة زبدة مجهولة المصدر وتاريخ الإنتاج    سجن وبراءة.. جنايات القاهرة تصدر حكمها في قضية تهريب المهاجرين إلى أمريكا    فرقة سمالوط تقدم "كيد البسوس" على مسرح روض الفرج    " الأرصاد " يطلق دراستين لقياس عناصر الطقس المرتبطة بالإجهاد الحراري داخل المخيمات وخارجها    محافظ الشرقية يفتتح النصب التذكاري للشهداء    تخرج الدورة الأولى للمعينين بالهيئات القضائية من الأكاديمية العسكرية المصرية    الأنبا تيموثاوس يدشن معمودية كنيسة الصليب بأرض الفرح    عضو إدارة الأهلي السابق: خبيت حسني عبد ربه لضمه.. وخطفت لاعبا من داخل الزمالك    وزير التجارة يبحث مع اتحاد المصنعين الأتراك مقومات الاستثمار بمصر    سلاح التجويع    الكويت: حبس مواطن ومقيمين احتياطا لاتهامهم بالقتل الخطأ فى حريق المنقف    يورو 2024.. نزلة برد تجتاح معسكر منتخب فرنسا    تطورات جديدة في بلاغ سمية الخشاب ضد رامز جلال    اليوم.. نتفليكس تعرض فيلم الصف الأخير ل شريف محسن    حظك اليوم وتوقعات الأبراج الجمعة 14-6-2024، السرطان والأسد والعذراء    الجمهوريون يصوتون بالنواب الأمريكى لمحاسبة وزير العدل لازدرائه الكونجرس    أسواق عسير تشهد إقبالًا كثيفًا لشراء الأضاحي    تعرف على شروط الخروج على المعاش المبكر 2024.. للقطاعين (الخاص والعام)    رضا عبد العال: أرفض عودة بن شرقي للزمالك    7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم    قرار جمهوري بتعيين الدكتور فهيم فتحي عميدًا لكلية الآثار بجامعة سوهاج    محاولة اختطاف خطيبة مطرب المهرجانات مسلم.. والفنان يعلق " عملت إلى فيه المصيب ومشيته عشان راجل كبير "    «يوم الحج الأعظم».. 8 أدعية مستجابة كان يرددها النبي في يوم التروية لمحو الذنوب والفوز بالجنة    وكيل الصحة بمطروح يتابع سير العمل بمستشفى مارينا وغرفة إدارة الأزمات والطوارئ    فطار يوم عرفات.. محشي مشكل وبط وملوخية    انفجار مولد الكهرباء.. السيطرة على حريق نشب بمركز ترجمة بمدينة نصر    نقيب الأشراف مهنئًا بالعيد: مناسبة لاستلهام معاني الوحدة والمحبة والسلام    مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية يحذر من مصدر جديد للأمراض في غزة    قطع الكهرباء عن عدة مناطق بطوخ الجمعة (موعد ومدة الانقطاع)    بيان عاجل بشأن نقص أدوية الأمراض المزمنة وألبان الأطفال الرضع    قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أكتوبر 2024    ضبط نجار مسلح أطلق النار على زوجته بسبب الخلافات فى الدقهلية    أمل سلامة: تنسيقية شباب الأحزاب نموذج للعمل الجماعي    آداب عين شمس تعلن نتائج الفصل الدراسي الثاني    كندا تعلن عن تزويد أوكرانيا بصواريخ ومساعدات عسكرية أخرى    إيران: ما يحدث بغزة جريمة حرب ويجب وقف الإبادة الجماعية هناك    المفتى يجيب.. ما يجب على المضحي إذا ضاعت أو ماتت أضحيته قبل يوم العيد    بالأسماء.. غيابات مؤثرة تضرب الأهلي قبل موقعة فاركو بدوري نايل    عاجل| رخص أسعار أسهم الشركات المصرية يفتح شهية المستثمرين للاستحواذ عليها    باستخدام مواقع التواصل الاجتماعي.. ضبط تشكيل عصابى تخصص فى النصب على المواطنين    وزارة الصحة تستقبل سفير السودان لبحث تعزيز سبل التعاون بالقطاع الصحى بين البلدين    يوم عرفة.. إليك أهم العبادات وأفضل الأدعية    حملة مرورية إستهدفت ضبط التوك توك المخالفة بمنطقة العجمى    محافظ القليوبيه يتابع أعمال إنشاء مستشفى طوخ المركزي    انتشار الحملات المرورية لرصد المخالفات بمحاور القاهرة والجيزة    دار الإفتاء توضح حكم صيام يوم عرفة    «معلومات الوزراء»: 73% من مستخدمي الخدمات الحكومية الإلكترونية راضون عنها    حريق هائل في مصفاة نفط ببلدة الكوير جنوب غرب أربيل بالعراق | فيديو    بالتعاون مع المتحدة.. «قصور الثقافة»: تذكرة أفلام عيد الأضحى ب40 جنيهاً    وزيرة التخطيط تلتقي وزير العمل لبحث آليات تطبيق الحد الأدنى للأجور    هاني سعيد: المنافسة قوية في الدوري.. وبيراميدز لم يحسم اللقب بعد    القائمة الكاملة لأفلام مهرجان عمان السينمائي الدولي في نسخته الخامسة    هشام عاشور: "درست الفن في منهاتن.. والمخرج طارق العريان أشاد بتمثيلي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاومة السلمية الفلسطينية تنتظر التطبيق

(المقاومة السلمية تستدعي أول ما تستدعى وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، والوحدة الوطنية ضده، وهو ما يحدث نقيضه اليوم)


في الحادي عشر من هذا الشهر أقام مناضلون فلسطينيون من أنصار المقاومة السلمية خيام قرية "باب الشمس" فوق هضبة شرقي القدس المحتلة تمثل الممر الوحيد المتبقي للوصل الجغرافي بين شمال الضفة الغربية وبين جنوبها، وفي ليل الخميس الماضي هدمتها جرافات الاحتلال بقرار من المحكمة العليا لدولة الاحتلال الإسرائيلي.

ويذكر العمر القصير للقرية ومصيرها بمصير حوالي خمسمائة مدينة وبلدة وقرية فلسطينية لم تعد موجودة على الخريطة لأنها كنت ضحية المقاومة السلمية للغزوة الصهيونية العسكرية قبل أربعة وستين عاما، ما يعيد الجدل ساخنا حول جدوى المقاومة السلمية، ويثير السؤال الوطني القديم المتجدد حول ما إذا كان هذا الشكل من أشكال المقاومة هو الخيار الوحيد أم مجرد واحد من أشكال مقاومة الاحتلال.

والجواب على هذا السؤال موجود في رواية الأديب اللبناني الياس خوري المولود عام النكبة الفلسطينية في العاصمة اللبنانية بيروت، وهي الرواية التي أخرجت فيلما سينمائيا وأخذت قرية "باب الشمس" منها اسمها، وهو في الرواية اسم مغارة في الجليل كان يتسلل اليها بطل فلسطيني مقاوم من لبنان ليلتقي فيها زوجته التي أصرت على البقاء في قريتها لتنجب منه أطفالا يعيشون في وطنهم ليعود هو الى الالتحاق بالمقاومة في لبنان.

في تقرير استراتيجي رقمه (43) لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في آذار الماضي، أعد نصه الأساسي مؤمن بسيسو، قال المركز إن الرئيس محمود عباس "الأكثر تبنيا وتنظيرا" لفكرة المقاومة السلمية إنما ينطلق من عدة "اعتبارات" منها "التغطية على فشل المشروع التفاوضي عبر الايحاء بفتح الخيارات الوطنية الكفاحية التي يتم تقزيمها واختزالها في المقاومة الشعبية السلمية المجردة"، ليخلص التقرير إلى أن هذه المقاومة كخيار وحيد أم كواحد من خيارات متعددة لا تزال "نظرية دون تطبيق"، وليخلص التقرير في "توصياته" إلى "التنبيه إلى أن المقاومة الشعبية لا تلغي المقاومة المسلحة ولا تحل مكانها وأن المقاومة المسلحة تبقى الخيار الأصيل .. وأن للشعب الفلسطيني الحق الشرعي والقانوني الكامل في المقاومة المسلحة طالما بقي الاحتلال".

في مقال له يوم الأربعاء الماضي احتفاء "بالمناضل بسام الشكعة .. أبو نضال مقاوم من جبل النار"، وصف علي عقلة عرسان رئيس اتحاد الكتاب العرب والأمين العام للأدباء والكتاب العرب لدورات متعددة قرية باب الشمس ب"الانموذج النضالي الجديد" لكنها "لم تكن .. أول الابداع الفلسطيني السلمي المقاوم"، إذ "منذ بداية المشروع الصهيوني في فلسطين كانت المقاومة الشعبية السلمية"، وتوقف عند الاضراب الشعبي الذي استمر ستة أشهر عام 1936، والانتخابات البلدية في الضفة الغربية عام 1976 التي قمعها الارهاب الصهيوني بتفجيرات كان من نتائجها بتر ساقي رئيس بلدية نابلس المنتخب بسام الشكعة، والانتفاضة الفلسطينية الأولى في النصف الثاني من ثمانينيات القرن العشرين الماضي كثلاثة معالم رئيسية للمقاومة "السلمية" في التاريخ الوطني الفلسطيني.

لكن غاب عن الأديب العربي من حوران السورية أن يستنتج بأن نتائج المقاومة السلمية الطويلة لعرب فلسطين، التي يمكن إضافة الكثير الكثير من محطاتها وأعلامها ورموزها إلى معالمه الثلاث، كانت نتائج عكسية حتى الآن وقادت إلى الوضع الراهن الذي يتهدد الهوية العربية الاسلامية لبيت المقدس وأكنافه في فلسطين بل ويتهدد الوجود الديموغرافي العربي ذاته فيها.

وغابت عنه حقيقة أن المقاومة السلمية لم تمنع الاستيطان اليهودي من تهويد غربي القدس من دون قتال ليجند مستوطنوها منهم حوالي عشرة آلاف مقاتل مثلوا حوالي ربع مجموع المسلحين العرب من الدول العربية وفلسطين الذين قاتلوا مائة ألف مقاتل في العصابات الصهيونية كانوا أكثر من ضعفيهم عددا وأفضل منهم تسليحا وتنظيما ووحدة قيادة في حرب النكبة عام 1948، مثلما لم تمنع المقاومة السلمية الفلسطينية تغول الاستيطان على الأرض والانسان في الضفة الغربية بعد احتلال عام 1967 ليزيد عدد المستوطنين في مستعمراتهم فيها اليوم على نصف مليون مستوطن يمكنهم بكل سهولة تجنيد مائة ألف مقاتل معظمهم جنود محترفون أو احتياط في جيش الاحتلال أو هم يتدربون على السلاح ويمكنهم إغلاق مفاصل الضفة الغربية ب"مقاومة سلمية" في أي محاولة لإخلائهم منها بالطرق "السلمية".

وبالرغم من ذلك فإن قيادة منظمة التحرير الفلسطينية تتعامل اليوم مع دعوتها إلى المقاومة الشعبية السلمية مثلما تعاملت مع المقاومة المسلحة قبل أن تلغي "الكفاح المسلح" من ميثاقها، بطريقة انتقائية وموسمية وإعلامية لا تعتمد المقاومة السلمية استراتيجية شعبية بل تحولها إلى أداة تكتيكية تستخدمها للمناورة السياسية في الوقت الضائع بانتظار استئناف المفاوضات، ول"التغطية على فشل المشروع التفاوضي"، ولخدمة أهداف التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال في صرف الأنظار الشعبية بعيدا عن أشكال المقاومة الأخرى، ولنزع الشرعية عن المقاومة المسلحة، وللتهرب من استحقاقات المصالحة الوطنية كشرط مسبق لا غنى عنه لنجاح المقاومة سلمية كانت أم مسلحة بطرح المقاومة السلمية خيارا لا اختلاف عليه بين من يريدونها خيارا وحيدا تتساوق الدعوة إليه مع استراتيجيتهم التفاوضية الوحيدة وبين من يقبلون به واحدا ضمن خيارات مقاومة غيرها.

يقول منظرو اللاعنف والمقاومة السلمية إن الاستبداد يكتسب قوته من إذعان ضحاياه وطاعتهم له وتعاونهم معه، لذلك فإن رفض الاحتلال والاذعان له وطاعته والتعاون معه يمثل شرطا مسبقا لشعبية المقاومة السلمية ولنجاحها كبديل ثالث بين القبول السلبي بوضع الاحتلال القائم وبين المقاومة المسلحة له، وكطريق ثالث بين الخضوع للاحتلال وترك الأرض له يصول ويجول فيها على هواه وبين الهروب من قتاله.

ولذلك فإن المقاومة السلمية تستدعي أول ما تستدعى وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، والوحدة الوطنية ضده، وهو ما يحدث نقيضه اليوم، فقيادة منظمة التحرير التي تدعو إلى المقاومة الشعبية السلمية كخيار وحيد تواصل التعاون مع الاحتلال والتنسيق الأمني معه وتركز كل جهودها على استئناف المفاوضات مع دولته، وهو ما يفقد الدعوة صدقيتها، وشعبيتها، ويجهضها قبل أن تنطلق، ويحكم عليها مسبقا بالفشل، ويحول تناقض القيادة إلى العقبة الرئيسية أمام انطلاق المقاومة في شكلها السلمي وغير السلمي على حد سواء.

لقد كان أبو اللاعنف في العالم المهاتما غاندي يعد المقاومة السلمية غير العنيفة "حربا من دون عنف" تحركها "قوة الشعب"، لكن نماذج المقاومة السلمية الجديرة بالاعجاب والتقدير في بلعين وأخواتها في الضفة الغربية لا تزال قدوة معزولة عن الشعب، ولا يمكن بالتأكيد وصفها بأنها "حرب الشعب من دون عنف"، و"فرص نجاحها .. طفيفة" كما قال د. مصطفى البرغوثي أبرز قادتها والداعين لها وسبق أن رشح لجائزة نوبل بسبب دوره فيها، والسبب واضح في استمرار عزلتها وبقائها قدوة تنتظر الاقتداء بها على مستوى الشعب والوطن، ناهيك عن النتائج الضئيلة التي حققتها بالمقارنة مع الحقائق المادية التي أنجزها الاحتلال على الأرض خلال السنوات التي أعقبت انطلاقها، لتظل المقاومة السلمية نظرية دون تطبيق حتى الآن بالرغم من استمرار الدعوة لها والتوافق الوطني عليها.

* كاتب عربي من فلسطين
* [email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.